إن السمنة مشكلة تؤثر في وقتنا الحالي على معظم المجتمعات، وهي مشكلة العصر. وهذا يعود إلى كثرة تناول النشويات والدهنيات في الأكل، وقلة الحركة والرياضة. السمنة ليست مشكلة بسيطة، فهي تكون عادة مصحوبة بعدة مشاكل صحية مثل: السكري (النوع الثاني). ارتفاع ضغط الدم. ضعف عضلة القلب. انقطاع التنفس أثناء النوم. ارتفاع الكوليستيرول. الارتجاع المريئي. التهاب المفاصل. تكيس المبايض ونقصان الخصوبة. الخثرات الوريدية. هذا بالإضافة إلى مشاكل أخرى مثل سرطان القولون والثدي. وفي كثير من الأحيان تكون السمنة المفرطة مصاحبة للاكتئاب والتوتر بسبب المظهر الخارجي، ومن المعروف أن السمنة المفرطة قد تؤدي إلى الموت المبكر. عادة يكون علاج السمنة بتغيير نمط الغذاء واتّباع الحمية وممارسة الرياضة. ومن الممكن أن تساعد الأدوية في بعض الأحيان. ولكن للأسف فإن هذه الطرق لا تفيد إلا في أقل من 5 % من الناس الذين لديهم سمنة مفرطة، أي أن 95 % من هؤلاء الناس سوف يعيشون حياتهم مع السمنة بكل مشاكلها. ومن هنا أتى التفكير بالحل الجراحي للسمنة. وقد أجريت عدة دراسات خلال ال20 سنة الماضية، وأثبتت فعالية العمليات الجراحية في علاج السمنة، وبالتالي ساهمت تلك العمليات في السيطرة على الأمراض المصاحبة له مثل السكري والضغط وغيرهم (ومع وجود نسبة قليلة قد نالت الشفاء التام منهم حسب طبيعة الحالة المرضية لديهم). من يحتاج إلى إجراء عملية للسمنة؟ إن مقياس كتلة الجسم هو أحد طرق تقييم السمنة. وهذا المقياس يحسب بتقسيم الوزن على مربع الطول. مثلاً: إذا كان وزنك 80 كيلوغراما، وطولك 1.7 متر، فإن مقياس كتلة الجسم لديك يكون 80 /(1.7)2 = 27.7 تقريبا. - المعدل الطبيعي للوزن المثالي هو من 19 إلى 25، فإذا كان المقياس بين 30 إلى 40 فهذا يعني أن عندك سمنة. أما إذا كان أكثر من 40 فيسمى ذلك بالسمنة مفرطة. وعادة هناك داع للعملية إذا كانت هناك سمنة مفرطة، أي أن المقياس أكثر من 40. - في بعض الأحيان يكون هناك داع للعملية مع مقياس أقل من 40 إذا كانت هناك مشاكل صحية صعبة العلاج، خصوصا السكري، وبالطبع يجب عدم الاستعجال في العملية وتجربة العلاج التحفظي، أي الحمية والرياضة، قبل التفكير في العملية. ما هي العملية الأنسب لي؟ كما ذكرت سابقا توجد عدة وسائل جراحية لمعالجة السمنة. وكلها تجرى بالمنظار. ومن العمليات الرئيسية التي تجرى في وقتنا هي التالية: 1- قص أو تكميم المعدة (Sleeve Gastrectomy): يتم فيها استئصال جزء كبير من المعدة عن طريق قصها طوليا، وتصبح المعدة على شكل أنبوب رفيع. وهذه العملية تؤدي أيضا إلى تقليل الشهية للأكل، وتعتبر من أحدث العمليات لتنزيل الوزن، وقد أثبتت فعاليتها ويفضلها الكثير من الجراحين. - من محاسنها: أنها تؤدي إلى نقصان كبير في الوزن، وفي المقابل فهي لا تؤدي إلى أي نقصان في الفيتامينات في الجسم، ولا تحتاج إلى أية أدوية مساعدة، ومضاعفاتها أقل كثيرا من غيرها. وقد أثبتت الدراسات الحديثة أنها فعالة مثل فعالية عملية تحويل المعدة وبنفس الوقت تصاحبها مضاعفات قليلة. 2- تحويل المعدة )Gastric Bypass(: وفي هذه العملية يتم قص جزء من المعدة مع تحويل مسار المعدة إلى الأمعاء، وبذلك يتم استثناء جزء من الأمعاء ويقل معها امتصاص الأغذية. وهي من أقدم العمليات، وقد أثبتت فعاليتها ولكن قد تصاحبها عدة مضاعفات ومشاكل في امتصاص الأغذية والفيتامينات. 3- تحويل الإثنى عشر (Duodenal Switch(: ويتم فيها أيضا قص جزء من المعدة مع تجاوز جزء كبير من الأمعاء، وهي أيضا عملية فعالة تفيد مرضى السكري خاصة. ولكن هذا يكون على حساب امتصاص الدهنيات والأغذية الأخرى. 4- ربط المعدة (Gastric Banding): وفيها يتم وضع حلقة حول المعدة تعمل على تحزيم المعدة وتقليل سعتها، وهي تعتبر أقل العلميات فائدة من ناحية تقليل الوزن والمساعدة في علاج السكري. وقد تحدث عدة مشاكل مزمنة منها ما يستدعي إزالتها. هذا وتوجد عمليات أخرى أيضا تختلف قليلا عما ذكر أعلاه، ولكن ما ذكرت هي أهم العمليات التي تجرى حاليا. ولكل مريض ما يناسبه من العمليات، ولكن برأيي فإن عملية قص أو تكميم المعدة تناسب معظم المرضى. وهي عملية سهلة نسبيا وفعالة وقليلة المخاطر، ويجب أيضا الذكر أن العملية وحدها لا تكون فعالة كثيرا إن لم يجتهد المريض باتّباع نظام غذائي صحي وفعال بعد العملية.