قال رئيس الحكومة التونسية المكلف يوسف الشاهد إنه سيشرع في إجراء مشاورات مع جميع الأحزاب السياسات والتنظيمات الوطنية لتشكيل الحكومة. وتعهد الشاهد بتطبيق اتفاق قرطاج، الذي وقعته الأحزاب السياسية والنقابات العمالية، قائلا: إن حكومته ستكون حكومة سياسية وكفاءات وطنية من دون محاصصة حزبية. وكلف الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي رسميا يوسف الشاهد، وزير الشؤون المحلية في حكومة الحبيب الصيد المُقالة، بتشكيل حكومة جديدة قادرة على إدارة البلاد في المرحلة المقبلة، وفقا للأجندات المتفق عليها بين الأطراف التي شاركت في حوار قرطاج. لكن تكليف الشاهد بتشكيل الحكومة أثار جدلا كبيرا في تونس بسبب الحديث عن علاقة مصاهرة بينه وبين الرئيس باجي قايد السبسي. واحتج التونسيون على اختيار الشاهد على أساس علاقته بالرئيس تحت وسم نسيبك في دارك قبل أن ينفي الشاهد أن يكون على علاقة قرابة أو مصاهرة بالرئيس . وانتقد بعض التونسيين اختيار شخصية من داخل الحكومة المُقالة من قبل البرلمان نتيجة فشلها في أداء مهماتها. ورأى بعضٌ أن سحب الثقة من الحكومة يشمل الشاهد نفسه؛ حيث لا ينبغي أن يعود وتُمنح له الثقة كرئيس للحكومة، وخاصة أنه لم يكن ضمن الشخصيات البارزة في الحكومة أو في حزب نداء تونس . وتحفظت أحزاب معارضة، بينها حزب حراك الإرادة وحزب مشروع تونس ، على قرار تعيين الشاهد، ووصفته بأنه تكريس للولاء للرئيس وعودة إلى حكم الفرد، مطالبة باختيار شخصية مستقلة لقيادة الحكومة التوافقية. وفي حال نيله ثقة البرلمان، فسيكون يوسف الشاهد أصغر رئيس للحكومة في تاريخ الجمهورية التونسية، التي تأسست بعد الاستقلال عن فرنسا عام 1956؛ وهو ما قد يكون مؤشرا على أن تونس تريد إشراك الشباب في إدارة الحكم، ولا سيما أن الشاهد أكد للصحافيين أن حكومته ستكون حكومة شباب . ويحظى رئيس الحكومة المكلف يوسف الشاهد بثقة تامة من قبل رئيس الجمهورية، الذي كلفه بمهمات حساسة خلال الفترة الماضية، بينها تسميته على رأس اللجنة المكلفة بحل الخلافات بين الفريقين المتنازعين داخل حزب نداء تونس . لكن جميع المراقبين يؤكدون أن مهمة الشاهد لن تكون سهلة. فقد ورث الرجل تركة ثقيلة من سلفه الحبيب الصيد تتمثل في تردٍ غير مسبوق للأوضاع الاقتصادية، وتهديدات حقيقية للأمن في تونس؛ علاوة على حالة من الاستقطاب وعدم الاستقرار السياسي كانت سببا غير مباشر في إقالة الحكومة. وفي أول ظهور له بعد تكليفه، تعهد الشاهد بالعمل على محاربة الفساد وتقليص نسب البطالة ومكافحة الإرهاب، قائلا: إن بلاده تدخل اليوم مرحلة جديدة تتطلب الكثير من الجهود والتضحيات والشجاعة ونكران الذات وتقديم حلول غير تقليدية للأزمات . وسيكون تحسين الأوضاع المعيشية للتونسيين إحدى أهم أولويات الحكومة الوطنية التي رتب الشاهد في خطابه أولوياتها ب كسب المعركة ضد الإرهاب وإعلان الحرب على الفساد والمفسدين وزيادة نسبة نمو الاقتصاد من أجل خلف فرص توظيف والتحكم في التوازن المالي والحفاظ على البيئة . غير أن عدة صحف تونسية سألت عن هامش المناورة المتاح أمام رئيس الحكومة الشاب انطلاقا من الظروف، التي أحاطت بعزل رئيس حكومة تصريف الأعمال الحبيب الصيد، الذي تعرض لضغوط كبيرة من أجل تقديم استقالته. وأمام رئيس الحكومة المكلف ثلاثين يوما فقط لتقديم التشكيلة الحكومية الجديدة إلى الرئيس لعرضها على البرلمان من أجل نيل الثقة كما ينص على ذلك الفصل 89 من الدستور التونسي. لذا بدأ الشاهد فعلا مشاوراته مع الأطراف السياسية، وبينها حزب حركة النهضة ، الذي يملك أكبر عدد من النواب في البرلمان، والذي رحب بخطوة تعيين الشاهد؛ ما يعني أنه قد لا يتحفظ على منحه الثقة في البرلمان. لكن العقبة الكبرى أمام الشاهد ستكون تشكيل الحكومة المقبلة بمشاركة تسعة أحزاب سياسية تسعى لأن تكون ممثلة في الحكومة، بالإضافة إلى التنظيمات الوطنية الكبرى، مثل: نقابة العمال ونقابة الفلاحين ونقابة رجال الأعمال، التي تبحث هي الأخرى عن مكان لها ضمن الحكومة التوافقية. وتقود تونس حاليا حكومة الحبيب الصيد، التي باتت توصف بأنها حكومة تصريف أعمال، بعد حجب البرلمان الثقة عنها، يوم السبت الماضي (30 / 07 / 2016)، في جلسة تصويت دعا إليها الصيد لحل الخلافات بينه وبين أحزاب الرباعي الحاكم التي دفعته للاستقالة، تمهيدا لتشكيل حكومة بديلة.