دعا رئيس الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين علي باي ناصري إلى ضرورة انتهاج الجزائر رؤية استراتيجية عالية لتنظيم سوق التصدير من خلال تجنيد كل الفاعلين في هذا المجال لاستغلال كل الامكانيات الموجودة في بلادنا للرفع من قيمة الصادرات التي تراجعت بشكل محسوس خلال السنتين الأخيرتين، رغم ارتفاع عدد المؤسسات المستثمرة في 2016 إلى 700 مؤسسة، و تطرق علي باي ناصري في حوار مع السياسي إلى أهم المشاكل التي تواجه المصدرين الجزائريين وهي مرتبطة بقطاعات النقل والتجارة والمالية مشيرا في السياق إلى تخاذل و تقصير بعض الإطارات في قطاعات معنية بعملية التصدير في تنفيذ تدابير الرئيس بوتفليقة لتسهيل إجراءات تصدير المنتوج الجزائري نحو الخارج. كما قدم محدثنا أرقاما هامة تتعلق بالصادرات خارج المحروقات وما تعلق بالتصدير في المواد الفلاحية معرجا على سبل تطبيق النموذج الإقتصادي الجديد للدولة الذي يعتمد على تنويع مصادر الدخل. سيعرض على الحكومة قريبا مشروع جديد لبناء استراتيجية وطنية لتنويع الصادرات يدخل في إطار تطبيق النموذج الإقتصادي الجديد للدولة، ما هي الإقتراحات التي تقدمتم بها لإثراء نص المشروع ؟ هذا النموذج الإقتصادي الجديد الذي كثر عليه الحديث مؤخرا لم نراه في الميدان لحد الآن ،ونحن قمنا بطرح اقتراحاتنا قبل سنوات و تضمنت 62 بندا، و هي معروفة على مستوى الحكومة لكن المشكل يبقى دائما في التطبيق، التعليمات موجودة على أعلى مستوى لكن تخاذل بعض المسؤولين و الإطارات يعرقل دائما خطة تنويع الصادرات. نطالب بإعادة النظر في ملف النفايات الحديدية تتجه الحكومة عبر مشروع قانون المالية 2017 المصادق عليه أول أمس من طرف مجلس الوزراء إلى توسيع دائرة منع تصدير كافة أنواع النفايات الحديدية وغير الحديدية، لتدعم بذلك قرارها الصادر في 2012 والمتعلق بتعليق تصدير هذه النفايات، ما رأيكم في هذا الإجراء؟ أعترف أن السنوات السابقة شهدت تنامي حالات الغش من طرف المتعاملين الناشطين في هذا الميدان ،حيث كانت النفايات الحديدية تخرج من البلاد بصفة غير قانونية و تباع للأجانب بأثمان بخسة ، لكن كان الأحرى بالحكومة تنظيم هذا المجال من خلال وضع دفتر شروط صارم للحيلولة دون هذه التلاعبات، و ليس إيقاف العملية تماما لأننا في صدمة مالية بسبب تهاوي اسعار المحروقات و نحتاج بالتالي لموارد إضافية ، لذلك أطالب بإعادة النظر في هذا الملف، لما تمثله هذه النفايات من مصالح بالنظر إلى قيمة وحجم الصادرات التي كانت تسجل سنويا إلى الخارج أعطى وزير التجارة بختي بلعايب إشارة استئناف الجهود الجزائرية المتعلقة بمسار مفاوضات الإنضمام إلى منظمة التجارة العالمية، كيف يمكن أن يستفيد المصدرون من ذلك ؟ وزير التجارة مشكور ، لأنه قام بمجهودات جبارة منذ تعيينه على رأس القطاع، حيث ساهم في رفع بعض العراقيل التي تواجه المستثمرين، لكن مسار الإنضمام إلى منظمة التجارة يتطلب مجهودات أكبر و استراتيجية قائمة بحد ذاتها للتعامل مع هيئة عملاقة مثل اومسي التي تتحكم في التجارة العالمية،و نحن كهيئة لم نستفد كثيرا من الإتفاقيات التجارية مع دول الإتحاد الأوروبي و أيضا المنطقة الحرة للتبادل العربي، لعدم وجود تنسيق كافي بين القطاعات المؤهلة للتصدير في الجزائر، هذا الإجراء سيسمح بضمان وضوح أكثر في إطار المفاوضات للانضمام للمنظمة العالمية للتجارة ومراجعة اتفاقية الشراكة مع الإتحاد الأوروبي. بحديثك عن القطاعات المؤهلة للتصدير في الجزائر، يعرف القطاع الفلاحي مؤخرا انتعاشا نسبيا في عملية تصدير بعض المنتجات على غرار البطاطا و التمور و زيت الزيتون، هل يمكن التعويل عليه فعليا لإنتشال بلادنا من الريع البترولي مستقبلا ؟ المجهودات المبذولة لتنمية هذا القطاع لا تكفي إذا قارناها بالإمكانيات المتوفرة،فتصدير كميات من هذه المحاصيل لا يدر علينا أموالا كبيرة فهي لا تفوق 500 ألف دولار وهو مبلغ بسيط جدا، لكن إذا أردنا المضي قدما في هذا المجال يجب وضع إطار منظم للعملية و معرفة الطلب العالمي ووضع قنوات و شبكات خاصة للإستعلام و التنفيذ. وماتعلق بتصدير التمور فبقدرة الجزائر أن تكون عنصرا فاعلا في هذا المجال بالنظر إلى نوعية انتاج التمور خاصة دقلة نور غير ان افتقارها لسياسة شاملة حال دون ذلك. من بين المآخذ على المستثمرين الجزائريين هو العمل الفردي، كيف يؤثر هذا الأمر على عملية التصدير ، و ما السبيل إلى تغيير هذا الواقع ؟ نحن كمصدرين لابد علينا أن نعرف أولا ماهو التسويق و نطلع على النموذج التسويقي في العالم ،و حجم التصدير، و الاضطلاع بهذه العوامل ستضفي حرفية أكثر على نشاطنا، و من ثمة تمكننا من تبادل الرؤى و الآليات الفعالة، ثم العمل تكامليا لتقنين عملية التصدير و تحريرها من النشاطات الموازية التي تدمر الإقتصاد الوطني. هذه هي أهم العراقيل التي تواجه المصدرين هل لك أن تحدثنا عن أبرز العراقيل التي تقف في وجه المصدرين الجزائريين ؟ أهم المشاكل التي تواجه المصدرين الجزائريين هي مرتبطة بقطاعات النقل والتجارة والمالية، و أولا أنا أعتبر أن قوانين الصرف الجزائري هي أكبر ما يواجهنا حاليا حيث إنها لا تسمح بفتح مكاتب الاتصال بسهولة في الخارج ، كما أنها تعطل العملية بحيث تجعل المستثمر في رحلة بحث مستمر عن الإعانات المالية لتغطية المصاريف المختلفة، و من هنا طالبنا وزارة التجارة وبنك الجزائر بالعمل على تشجيع وتسهيل الاستثمار في هذا المجال لتدعيم الصادرات في الخارج. ضف إلى ذلك يتعرض مسيرو المؤسسات الجزائرية المصدرة لعدة ضغوطات تصل إلى الغرامات المالية والسجن بفعل القوانين المشددة التي تعاقب المصدرين، لذلك نحن نناشد السلطات لتحرير المبادرة وتخفيف الرقابة، ذلك كون الاستمرار في البحث والتحقيق عن مسار ومصدر أموالهم من العملة الصعبة، التي يسعى كثير من المستثمرين الجزائريين المقيمين بالخارج صبها في البنوك الجزائرية واستثمارها في البلاد، لا يخدم الاقتصاد الوطني، ويصنف ضمن النظام المعرقل للسلسلة الاستثمارية في البلاد، ما يستوجب تدخل السلطات لضبط الأمور . توجيهات رئيس الدولة جاءت محفزة وداعمة لمجال التصدير أقر مجلس الوزراء قبل الماضي عدة تدابير لتسهيل إجراءات تصدير المنتوج الجزائري نحو الخارج و بالتالي ولوج عالم المنافسة في الأسواق الخارجية ، كيف ساهمت في تقليص العراقيل التي تحدثتم عنها ؟ يظل تطبيق التدابير المتخذة من طرف رئيس الدولة بشأن تسهيل إجراءات التصدير، غائبا على أرض الواقع ، حيث أن توجيهات رئيس الدولة جاءت محفزة وداعمة لإجراءات أخف في مجال التصدير إلا أن الواقع يعكس نوعا من التخاذل. تخاذل من طرف أي جهة ؟ بما أن التعليمات موجودة يجب مشاركة الدولة كعنصر فاعل في الاقتصاد وألا تقتصر مهامها على الجانب التنظيمي، أي أنها مدعوة لمراقبة عمل المسؤولين و الإطارات المكلفة بتطبيقها في الميدان حتى نتمكن من تطوير تجارتنا الخارجية. حجم الصادرات الجزائرية في تراجع مستمر، الى ما ترجعون ذلك ، و ما السبيل لدفعه نحو الأمام في ظل الظرف المالي الصعب الذي تمر به بلادنا ؟ فعلا حجم الصادرات الجزائرية بلغ 17 مليار دولار حتى نهاية شهر أوت الفارط يقابله 31 مليار دولار، حجم واردات في ذات الفترة،كما تم تسجيل تراجع في نسبة الصادرات خارج المحروقات في سنة 2015 مقارنة بسنة 2014 حيث تم تصدير 2 مليار و500 مليون ليتم تصدير 2 مليار فقط في 2015 و من بين أسباب التراجع هو ان الاقتصاد الجزائري لا زال يقتصر على استيراد المنتوجات المصنعة مما يعيق تحولها إلى دولة منافسة في الأسواق الخارجية، و لم يمنع ارتفاع عدد المؤسسات المصدرة الذي بلغ 700 مؤسسة، ومنها في الفروع المصدرة للمنتجات ذات القيمة المضافة العالية مثل الكوابل والمعدات الكهربائية من تراجع الصادرات، لذلك لابد من انتهاج الجزائر رؤية استراتيجية عالية لتنظيم سوق التصدير من خلال تجنيد كل الفاعلين في هذا المجال لاستغلال كل الامكانيات الموجودة في بلادنا للرفع من قيمة الصادرات مستقبلا و الخوض في مجالات جديدة .