صاحب القامة السامقة فنياً وإنسانياً، رفيق سبيعي، غادر دنيانا عن 86 عاماً، أمضى منها 65 عاماً، على الأقل، فناناً متنوّعاً ما بين التمثيل والغناء ملتزماً في الحالتين قضايا مجتمعه وبلده بشكل مباشر، وإستطاع عبر عدة شخصيات لعبها على الشاشتين والخشبة أبرزها أبو صيّاح خلال مسيرته، أن يشكّل صورة مثالية لابن البلد الذي تحكمه آداب ومبادئ صارمة لا يحيد عنها مهما تبدّلت وقست الظروف العامة والخاصة، وتحديداً في الظروف المأساوية التي واجهتها سوريا على مدى خمس سنوات. هو شخصية عصامية قوية، لم يرضخ صاحبها لعبء السنين، ورفض مغادرة بيته وحيّه ومدينته وبلده في وقت الأزمة الوطن مو فندق.. الوطن إنتماء وشرف ووفاء خصوصاً بوقت الشدّة ، هذا لسان حاله ولم يحد يوماً عن مبدأ عاش من أجله ودافع عنه، ووظّف بذكاء كل الشخصيات التي جسّدها على الخشبة أو على الشاشتين لخدمة توجهاته زارعاً بذلك نبتة صالحة منذ قدّم أبو صيّاح إلى حين أداره نجله سيف الدين في حلقات بنت الشهبندر ولعب فيها دور أبوراغب، وما بينهما نستثني بعض الضرورات السينمائية في أفلام الإنتاج المشترك بين دمشق وبيروت والقاهرة، وإتسمت بالتجارية التي لم تترك أثراً وكانت مع الثنائي دريد لحام ونهاد قلعي، وأسماء من مصر كنبيلة عبيد، ونيللي. الفنان سبيعي عاد وعوّض عن هذا القصور في السبعينيات بالمشاركة في أفلام سورية تعتبر علامات فارقة في تاريخ السينما ومنها حصراً التحفة السينمائية أحلام المدينة بإدارة المخرج محمد ملص، وتجربتين مع الأخوين رحباني والسيدة فيروز (سفر برلك، وبنت الحارس)، إضافة إلى الختام المسك مع المخرج باسل الخطيب في سوريون.. أهل الشمس ، وبعدما ارتبط اسمه طويلاً عند الجمهور بالثنائي دريد ونهاد، شاء الله أن يرحل نهاد، وأن يكون وادي المسك منذ 34 عاماً آخر تعاون بينهما على خلفية إتهام من سبيعي لدريد، بأنه نصب عليه مادياً واشترط الثاني إعتذاراً علنياً عن هذه الإساءة لكي يعبّد الطريق من جديد بينهما، وهو أمر يؤسف له جماهيرياً لأن الناس حرمت من تعاون بالتأكيد كان ليثري الأعمال الفنية الحاضرة ، كما حصل سابقاً بينهما في مقالب غوار و حمام الهنا ، في وقت لم يبخل فيه فناننا الكبير بالأعمال الجادة للتلفزيون: الحشاش ، صقر قريش ، و عن الخوف والعزلة . كما أمضى حقبة طويلة وفاعلة من حياته مغنياً يحمل قضايا وهموم الناس في المضمون شرم برم كعب الفنجان ، يا ولد لفلك شال ، تمام تمام ، و شيش بيش ، واعتبرها جزءاً مهماً وحقيقياً يريد رعايته وتوصيل رسائله. ووضع كامل عتبه، وحيثيات الوسطين الفني والإجتماعي في كتاب حمل عنوان أبو صيّاح يدفع ثمن الحب عمل عليه، وفيق يوسف.