وصل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، امس الاول، إلى باماكوي لتكريم خدمة وتضحيات قوات حفظ السلام الأمميين في جميع أنحاء العالمي وإحياء اليوم الدولي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة، وكذا لتفقد عناصر هذه القوات في مالي التي تكبدت أكبر الخسائر البشرية بين كل العمليات الحالية التي تقوم بها الاممالمتحدة. وحضر الأمين العام للأمم المتحدة الذي كان في استقباله الرئيس المالي، إبراهيم بوبكر كيتاي، احتفالا في معسكر قوة البعثة المتكاملة لتكريم حفظة السلام ووضع إكليلا من الزهور على نصب تذكاري نقشت عليه أسماء حفظة السلام الذين قُتلوا في خدمة السلام، منوها بتضحيتهم بأرواحهم خدمة للمدنيين. وقال غوريتيس متوجها بالحديث إلى قوات حفظ السلام: أشيد بكم وأقول لكم كم أنا فخور بالعمل معكم. كقوات لحفظ السلام، فأنتم الرمز الأكثر وضوحاً للأمم المتحدة نفسها ، منوها ب الرجال والنساء الشجعان في بعثتنا في مالي. بعثتنا التي تكبدت أكبر الخسائر البشرية العام الماضي وهم ينقذون الارواح بما يخدم قضية السلام . ومنح الأمين العام للأمم المتحدة ميداليات لجنديين تابعين لحفظة السلام من البعثة المتكاملة هما الضابطة أولفونميلايو أجيبيكي أمودو من نيجيريا، والرائد محمد بدر أحسن خاني من بنغلاديش. وأعلنت الأممالمتحدة في بيان الأسبوع الماضي أن قوة حفظ السلام في مالي تكبدت في 2017 للسنة الرابعة على التوالي اكبر الخسائر البشرية، تمثلت بمقتل 21 جنديا وسبعة مدنيين. وتضم قوة حفظ السلام في مالي تضم نحو 12 ألف و500 عسكري وشرطي، وخسرت أكثر من 160 عناصرها، بينهم مائة في أعمال عدائية منذ نشرها في العام 2013، وهو العدد الذي يوازي نصف خسائر جنود حفظ السلام عبر العالم في نفس الفترة. ويرافق غوتيريس في زيارته التي تستغرق يومين وكيل الأمين العام للدعم الميداني أتول كاري ووكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان بيير لاكرواي والمديرة التنفيذية لليونيسيف هنريتا فور. ثلاث سنوات على توقيعه لا يزال اتفاق السلم والمصالحة في مالي بعد ثلاث سنوات من توقيعه أساسا للتلاحم الاجتماعي والاستقرار، كما أن تنفيذ نصه لا يزال يعطي إشارات جيدة، لاسيما بعد أن تم مؤخرا إنشاء دوريات مختلطة مسبوقة بانعقاد ندوة الوفاق، وكذا تنصيب السلطات المؤقتة في مناطق شمال البلاد سنة 2017. من أهم النقاط التي تجدر الإشارة إليها في اتفاق السلم المنبثق عن مسار الجزائر، و هي وقف إطلاق النار وتنصيب السلطات المؤقتة لمناطق الشمال الخمس (تاودينيت، ميناكا، كيدال، تومبوكتو وغاو)، وإنشاء مواقع تجمع وتسليم قائمة المقاتلين المسموح لهم الاستفادة من إعادة الإدماج في القوات العسكرية، وإنشاء الدوريات المختلطة على غرار تلك التي قاموا بها يوم الخميس الماضي في تومبوكتو، ناهيك عن انخراط جميع الماليين في مسار السلم. في تعليقه على حصيلة ثلاث سنوات لاتفاق السلم والمصالحة، أشار وزير المصالحة الوطنية والتلاحم الاجتماعي في دولة مالي، محمد المختار، حسبما نقلته الصحافة المحلية، إلى أن هذه الذكرى يجب أن تمثل لكل شخص وقتا للأمل والالتزام الجماعي بغية ضمان تنفيذ الاتفاق، موضحا بذات المناسبة أن الاتفاق لا يزال وسيظل أساسا للتلاحم الاجتماعي والاستقرار في مالي. وذكر محمد المختار في ذات السياق قائلا: تحسنت حالة أطفال مالي بفضل الدول الصديقة والمنظمات الإقليمية والدولية التي رافقت توقيع اتفاق السلم والمصالحة في 15 ماي 2015 بباماكو . وعن الجهود المبذولة حاليا لإحلال السلم نهائيا في مالي، أشار الوزير قائلا: لا يمكن أن إحلال السلم والاستقرار دون مصالحة حقيقية للقلوب والعقول . وبغية تحقيق كل ما سبق ذكره، ذكر الوزير بندوة الوفاق، وهي إحدى أسمى تطلعات الشعب المالي التي وردت في بنود اتفاق السلم المنعقدة في ربيع سنة 2017، وعرفت مشاركة كافة القوى الحية للبلاد من أجل استرجاع التلاحم الاجتماعي. وعرج الوزير على التوصيات القوية التي خرجت بها الندوة على غرار قانون الوفاق الوطني، معلنا أن الحكومة أصدرت مؤخرا مشروع قانون الوفاق الوطني الذي سيعرض قريبا على المجلس الوطني، كما أن المصادقة عليه تشكل عنصرا هاما لتعزيز الوحدة الوطنية طبقا لأحكام اتفاق السلم. أما بخصوص مستقبل اتفاق السلم والمصالحة، اعتبر الوزير أنه يجب أن نحافظ عليه جميعنا، مضيفا انه يجب نشره على جميع المستويات و تدريسه في مدارسنا وكل المراكز التربوية حتى يستخدمه الشبان في المحافظة على الأمة. ومن جهة أخرى، نوه الوزير بانخراط كل مكونات الأمة المالية في مسار السلم. دوريات مختلطة وسلطات مؤقتة تضمن الجانب الأخر من الاتفاق إطلاق الخميس الفارط بتمبوكتو وسط مالي الآلية العملية للتنسيق (موك) من خلال تنصيب دورية مختلطة. ويشرف على الدوريات المختلطة للآلية العملية للتنسيق القوات المسلحة المالية وتنسيقية حركات الوفاق وتنسيقية حركات الازواد التي ينبغي أن تسعى سويا من أجل إرساء بيئة مؤمنة في المنطقة. وتتوزع تشكيلات الدوريات على الأطراف الثلاثة الموقعة على الاتفاق المتمثلة في تنسيقية حركات الازواد (سيما) ب17 عنصرا وتنسيقية حركات الوفاق (17 عنصرا) والحكومة المالية (17 عنصرا) من الجيش النظامي. وتم إطلاق الدوريات المختلطة الأولى في مارس 2017 بغاو أكبر مدينة بشمال البلاد تمهيدا لقيام جيش موحد. وتكمن الفكرة في إنشاء جيش موحد يتكون هيكله من جنود الأطراف الثلاثة الموقعة على الاتفاق. وتم إنشاء الألية العملية للتنسيق لتأمين السلطات المؤقتة التي عينت في مارس 2017 بتومبوكتو (شمال-غرب) وتاودينيت (أقصى الشمال). وتواصلت العملية على مستوى ثلاث مناطق من ضمن المناطق الخمس المعنية في شمال مالي لاسيما على مستوى المناطق التي تعد من بين الأكثر تعقيدا (كيدال-أقصى شمال-شرق) وغاو وميناكا (شمال-شرق). وتسير السلطات المؤقتة بموجب الاتفاق المناطق الخمس لشمال مالي في انتظار انتخاب مجالس مخولة بصلاحيات هامة من قبل الشعب. ومن المفترض أن تساهم هذه العملية في استرجاع سلطة الدولة المالية في مناطق الشمال المالي وتشجيع عودة المرحلين جراء الأزمة التي يسعى مالي إلى تتجاوزها منذ 2012. وتم إبرام اتفاق السلم والمصالحة في مالي الموقع في مرحلة أولى في ماي 2015 بالجزائر العاصمة وفي مرحلة ثانية في جوان من نفس السنة من طرف كافة الأطراف المالية بباماكو (الحكومة والمجموعات السياسية العسكرية) عقب خمس جولات من الحوار تمت مباشرته في جويلية 2014 تحت إشراف الوساطة الدولية بقيادة الجزائر.