الشيشة ستخلف مجتمعا مسرطنا في أقل من 10 سنوات «هنا محل فيه الشيشة».. هي اللافتة الاشهارية غير القانونية التي انتشرت في السنوات الأخيرة عبر المطاعم وقاعات الشاي وحتى محلات الأكل الخفيف، لجلب الزبائن وإغرائهم، دون الأخذ بعين الاعتبار المخاطر الصحية الكبيرة التي تنجم عن استهلاك هذه السموم في سن مبكر، كون زبائن هذه المحلات عموما من المراهقين الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة. ودعا مختصون من غرب البلاد نهاية الأسبوع في يوم دراسي نظمته لجنة الصحة والبيئة التابعة للمجلس الشعبي الولائي بوهران، إلى منع الشيشة منعا قانونيا، ينهي معاناة الشباب خاصة، ويحافظ على مستقبل المجتمع. و اوضحت ممثلة مديرية التجارة بوهران، أن المواد المستعملة في الشيشة تصل للجزائر بطرق غير قانونية، ما يمثل خطرا على صحة المستهلك، كونها لا تحمل أية معطيات ،كتاريخ الصنع أو تاريخ نهاية الصلاحية، ولا بلد المنشأ أو الصنع، وحتى المعطرات التي تستعمل من أجل النكهة، فهي لم تخضع للرقابة المخبرية ،إذا كانت ممزوجة بمواد خطيرة على الصحة. وما عدا القوانين المتعلقة بمنع التدخين في العديد من المؤسسات كالتربوية، الصحية، النقل وغيرها، لا توجد مواد قانونية تخص الشيشة، كونها تعرض و تستهلك دون رخصة ومكوناتها تأتي عن طريق التهريب. وأضافت المتدخلة بأنه خلال خرجات المراقبة تبين أن محلات بيع الأكل الخفيف أدرجت الشيشة بشكل مخيف، أكثر من المطاعم أو قاعات الشاي، مما يستدعي طرح العديد من التساؤلات، حسبها، لفهم الظاهرة. أما رئيس إتحاد التجار بوهران معاذ عابد، فأكد أن التجار الذين يمارسون هذا النشاط، لا يهمهم سوى الربح السريع في غياب القانون المراقب والرادع لمثل هذه الممارسات، حيث أن سعر الاستهلاك يتراوح بين 800 دج و1500 دج ،للشيشة الواحدة، حسب التصنيف من العادية إلى الراقية، مؤكدا أنه يجب منع هذا النشاط نهائيا، لما له من انعكاسات سلبية جدا على صحة المستهلك، مذكرا بأن مادة «المعسل» مثلا، تهرب من مصر، ومادة الجمر تأتي من بريطانيا بطرق غير قانونية ،ولا تحمل هذه المواد أية إشارة لمكوناتها أو مصنعها. وذكر السيد معاذ أنه التقى بشباب من أصحاب قاعات الشاي، ذهبوا إلى لبنان والبلدان التي تعرف استهلاكا كبيرا للشيشة، ليتلقوا تكوينا على طريقة استعمالها وتقديمها للزبائن، مضيفا بأن سلطنة عمان التي كانت تعرف بالاستهلاك الواسع للشيشة، أصدرت مؤخرا قانونا يمنعها نهائيا. أوضح من جهته ،الدكتور الوردي، من المستشفى الجامعي بوهران، أن مكونات الشيشة، منها المعسل المتضمن 70 بالمائة من مادة الأميلاس السكرية ،و30 بالمائة من التبغ والجمر، وهذا النوع المستعمل في الجزائر، حسب الدكتور ،أخطر على الصحة من الأنواع الأخرى المنتشرة في إيران وتركيا أو المشرق العربي التي تستعمل فيها مواد أقل ضررا. وبالإضافة لوجود النيكوتين و أوكسيد الكربون، يوجد أيضا في الشيشة مادة «الزفت» خاصة، مثلما أوضح المتحدث ،و عندما تتعرض هذه المواد للتبريد عن طريق الماء الموجود في النرجيلة تتضاعف الخطورة بتغلغل هذه المواد لأعماق الجسم. و ذكر إحصائيات تقريبية تشير إلى وجود 120 مليون مدخن للشيشة في العالم، و مدخن السيجارة يستنشق ما بين 30 إلى 50مليلتر من الدخان مع كل نفس، بينما مدخن الشيشة يستنشق ما بين1 لتر و1,7 لتر من الدخان مع كل نفس، علما أنه يمكن إنهاء السيجارة في 10 أنفاس فقط، فيما الشيشة تنتهي بعد 40 إلى 80 نفس في الجلسة الواحدة، مما يعكس الخطورة الكبيرة للشيشة مقارنة بالسيجارة، و شرح الدكتور خطورة السيجارة التي ستصبح أكبر بكثير لدى تدخين الشيشة. إن خطورة التبغ تكمن أساسا في مكوناته خاصة مادة «الزفت» الممزوجة بالنيكوتين، وغيرها من المواد السامة التي تتسبب مباشرة في الإصابة بالسرطان ،خاصة سرطان الرئة القاتل،كما أكد الطبيب ، و حسب المنظمة الدولية للصحة ،فإن التدخين يمس خصوصا فئة الشباب والمراهقين، حيث أن 87 بالمائة من المدخنين حاليا في العالم بدأوا تدخين السجائر في سن أقل من 18 سنة، وأن المتمدرسين يدخنون أول سيجارة في سن 11 سنة. في الجزائر توضح الأرقام أن عدد المدخنين تضاعف بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث انتقل من 7,7 بالمائة سنة 1978، إلى 25 بالمائة في سنة 1998 ،وصولا لحوالي 50 بالمائة حاليا، بمعنى أن نصف المجتمع الجزائري مدخن والنصف الآخر مدخن سلبي، مما يؤدي إلى تسجيل 7 آلاف إصابة بسرطان الرئة سنويا لدى الشباب. و قدم الطبيب المحاضر نتائج دراسة قام بها حول التدخين وسط الثانويين، ففي وهران وجد أنه من بين 1000 تلميذ ثانوي ،يوجد 24 بالمائة منهم مدخنين، أما في العاصمة،فقد وصلت النسبة إلى 18,5 بالمائة، بينما بلغت في سطيف 28,6 بالمائة. كما حذر الدكتور دهيلي، من تنامي استهلاك الشيشة الذي يبدأ عند الأطفال في سن 10 سنوات، وهذا ما سينتج شبابا مصابا بأمراض خطيرة وقاتلة، نظرا لكل ذلك ،شدد الدكتور دهيلي على ضرورة وضع حد للظاهرة ،ومنع التجارة غير القانونية بالمواد التبغية بصورة عامة، كونها تقتل. لعل الخطر الصحي يكمن أيضا ،حسب الدكتور، في استعمال نفس النرجيلة، من طرف عدة أشخاص ،مما يسهل انتقال الأمراض بينهم ، وهذا ،مثلما أوضح ،عكس ما يحدث في البلدان الأخرى التي تنتشر فيها الشيشة ، حيث تستعمل فرديا ،يعني كل مستعمل له نرجيلة خاصة به. بدورهم منتخبي الولاية، و ممثلي المجتمع المدني، أجمعوا على ضرورة تنسيق جهود الجميع للتصدي لهذه الظاهرة، قبل إنتاج مجتمع مريض في أقل من 10 سنوات.