سليم بوفنداسة مهمة الشاعر هي كتابة الشعر. ولكي يكتب الشاعر الشعر عليه أن يتعلم كتابة الحروف. ولكي يكتب الحروف عليه أن يذهب إلى المدرسة. في المدرسة يتعلم الشاعر كتابة الحروف فالكلمات ثم الجمل، المفيدة منها وغير المفيدة. وفي المدرسة يتعلم الشاعر الإملاء وقواعد اللغة. بعد ذلك يتعرض قلب الشاعر إلى صعقات صغيرة، في العادة يحب جارة أو زميلة لا تبادله نفس الإحساس فيحاول إتيان المعجز للفت انتباهها فيكتب أشياء يعتقد أنها شعر وما هي بالشعر، كل الأطفال في هذه الحالة شعراء. بعد ذلك يقرأ الشاعر ما كتبه السابقون ثم يذهب إلى الحياة لتخرب قلبه كما ينبغي فيكف عن الشعر أو يواصل الكتابة. مهمة الروائي هي كتابة الروايات. ولكي يكتب الروايات عليه أن يفعل ما فعله الشاعر و أكثر.الشاعر الجيد هو من امتلك أدوات الشعر ثم حفر مجراه الخاص على أرض اللغة المباركة.. وكذلك الروائي والفنان.مهمة الشاعر والكاتب هي الكتابة ، مهمة النجار هي صناعة الكراسي والطاولات...قد يكون الكاتب نجارا شرط أن يتعلم النجارة. في بلادنا التي تعاني من خلط في المفاهيم والأدوار، صار بمستطاع أي كان أن يكون ما يريد دون أن يمتلك أدوات ما أراد وارتضى.لا يحتاج الكاتب مثلا إلى الحروف والكلمات والإملاء والجارة، لا يحتاج إلى كتابة نص جيد لكنه يصر على صناعة الكرسي وإبداء رأيه السديد في حركة التاريخ وتقلباته. تكفيه الصفة التي أطلقها على نفسه كي يفعل ما يشاء، مع أنه كان بإمكانه أن يكون فعالا لو أنه كتب نصا جيدا وتعلم كيف تُكتب الحروف والكلمات والجمل المفيدة وغير المفيدة واستراح وأراح!