5 ملايين دينار غرامة نافذة ضد المؤسسات الأجنبية السبع مجلس قضاء الجزائر/ عبد الحكيم أسابع أصدرت أول أمس، محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء الجزائر العاصمة أحكاما تتراوح بين عشر سنوات سجنا و البراءة في حق 15 شخصا، متابعين في قضية الطريق السيار شرق – غرب، بتهم مختلفة، فيما أدينت سبع مجمعات وشركات أجنبية بدفع غرامة مالية تقدر ب 5 ملايين دينار لكل واحدة منها. فبعد محاكمة ماراطونية دامت ثمانية أيام ، خصصت ثلاثة منها لمرافعات هيئة دفاع المتهمين، أسدل الستار يوم الخميس على قضية الطريق السيار شرق غرب التي تم تحريكها سنة 2009 ، بالنطق بالأحكام، القابلة للطعن. فقبيل منتصف النهار بقليل، دخل رئيس محكمة الجنايات القاضي الطيب هلالي إلى قاعة الجلسات التي شهدت أطوار المحاكمة، للنطق بالأحكام النهائية في قضية الفساد الذي طال صفقة إنجاز الطريق السيار، وكان الجو في غاية من التوتر في قاعة المحكمة التي تميزت بحضور غفير للصحافة و المحامين و أقرباء المعنيين بالقضية إلى جانب مواطنين. وشد الجميع أنفاسهم، في انتظار النطق بالحكم النهائي خاصة بعد الإعلان عن إيداع رجُلي الأعمال، عدو سيد أحمد و علاّب الخير الحبس، واللذين جلسا جنبا إلى جنب مع المتهمين الموقوفين، في قفص الاتهام، و هما اللذان مثلا أمام المحكمة إلى غاية يوم الخميس في حالة إفراج مؤقت. وبعد تقديمه إجابات هيئة محكمة الجنايات على الأسئلة ال 130، حول مدى علاقة كل متهم بالوقائع والتهم المتابع بها، أعلن القاضي عن إسقاط تهمة تكوين جمعية أشرار عن جميع المتهمين لعدم توفر أركانها، وأبرز رئيس محكمة الجنايات في مقابل ذلك إبقاء هيئة المحكمة على التهم الأخرى، المتعلقة بالرشوة، إساءة استغلال الوظيفة، استغلال النفوذ و تلقي هدايا غير مستحقة وتبديد أموال عمومية و تبييض الأموال و مخالفة التشريع الخاص بالصرف و حركة رؤوس الأموال من و إلى الخارج، قبل أن يشرع في سرد الأحكام مع حرصه على فرض الانضباط في قاعة المحكمة وإلزام الجميع بالسكوت التام وعدم التشويش عليه. و تمّ النطق بأول حكم المتمثل في عقوبة بالسجن النافذ لمدة عشر سنوات وغرامة مالية تقدر بثلاثة ملايين دينار في حق المتهم الرئيسي شاني مجدوب ‘' مستشار لدى المجمع الصيني سيتيك سي.أر.سي.سي " بجنح الرشوة واستغلال النفوذ وتبييض الأموال. كما صدر حكم بعشر سنوات سجنا نافذا ضد المتهم خلادي محمد ، المدير السابق للبرنامج الجديد لدى الوكالة الوطنية للطرق السريعة، وهو مفجر قضية الطريق السيار، مع إلزامه بدفع غرامة مالية بثلاثة ملايين دينار، بجنح الرشوة واستغلال النفوذ وتلقي مزية غير مستحقة. ومع صدور الأحكام شرع خلادي محمد في الصراخ والاحتجاج على الحكم الصادر في حقه قائلا «هذا هو الفساد إنني من بلغ عن الرشوة» . أما المتهم الثالث، حمدان سليم رشيد ، المدير السابق للتخطيط بوزارة النقل، فقد أدين بعقوبة السجن النافذ لمدة سبع سنوات سجنا و غرامة مالية بمليون دينار بجنح الرشوة وتبييض أموال واستغلال النفوذ. كما أدين رجل الأعمال عدو سيد أحمد تاج الدين، أيضا ب 7 سنوات سجنا وغرامة مالية بثلاثة ملايين دينار، بجنح الرشوة وتبييض أموال واستغلال النفوذ ،فيما استفاد كل من الأمين العام السابق لوزارة الأشغال العمومية بوشامة محمد، ورئيس الديوان السابق لوزارة الأشغال العمومية فراشي بلقاسم و المستثمر علاب الخير من حكم بالبراءة. و أصدرت محكمة الجنايات أيضا حكما بثلاث سنوات سجنا، منها سنة سجنا نافذا ضد عدو سيد أحمد بجنح استغلال النفوذ وتبييض الأموال والرشوة. و أدين وزان محمد المدعو العقيد خالد، وهو عقيد متقاعد في الجيش و مستشار سابق بوزارة العدل بعقوبة نافذة أيضا بثلاث سنوات سجنا و غرامة مالية ب 500 ألف دينار بجنح استغلال النفوذ والرشوة وتلقي هدايا. من جهة أخرى، تمّ النطق بحكم بالسجن لمدة سنة مع وقف التنفيذ في حق غزالي أحمد رفيق مدير سابق للدراسات بالوكالة الوطنية للطرق السريعة. أما بنات السفير الجزائري السابق بباماكو عبد الكريم غريب، وداد وراضية وفلة فقد صدر في حقهن حكم بالسجن لمدة سنة مع وقف التنفيذ و غرامة مالية ب 500 ألف دينار لكل واحدة مع استفادتهن بظروف التخفيف، فيما تمّ الحكم على الأخوين بوزناشة مدني ونعيم بعام حبسا مع وقف التنفيذ، عن جنحة مخالفة التشريع والصرف الخاصة بحركة رؤوس الأموال، مع حجز المبالغ التي كانت بحوزتهم وجهاز كشف الأوراق المالية المزورة. و أمر رئيس محكمة الجنايات من جهة أخرى، بمصادرة كل الأملاك المنقولة و غير المنقولة و الحسابات البنكية لكل من شاني مجدوب و خلادي محمد. كما أصدرت المحكمة حكما بغرامة مالية تقدر ب 5 ملايين دينار ضد المؤسسات السبع المتورطة في هذه القضية بتهم الفساد، وهي المجمع الصيني ‘' سيتيك سي.أر.سي.سي والياباني " كوجال " والمجمع الكندي " أس أم إي " والمؤسسات، الإيطالية " بيزاروتي " والسويسرية " كارافانتا " والمجمع الإسباني " إزوليكس كورسان " والشركة البرتغالية " كوبا ". ثمانية أيام أمام المحكوم عليهم لتقديم طعن أمام المحكمة العليا ولفت رئيس محكمة الجنايات، انتباه المحكوم عليهم قبل مغادرتهم قاعة الجلسات، إلى أن لديهم مهلة 08 أيام لتقديم طعن أمام المحكمة العليا، ليحيل الكلمة بعدها لدفاع الأطراف المدنية المتمثلة في الخزينة العمومية والوكالة الوطنية للطرق السريعة وإدارة الجمارك لتقديم طلباتهم بخصوص التعويضات المالية التي ستحكم بها المحكمة في الدعوى المدنية ضد المدانين. و في هذا الصدد رفضت محكمة الجنايات طلبات التعويض المادي و المعنوي للأطراف المدنية منها الخزينة العمومية التي اعتبرت نفسها متضررة في قضية الحال. و يقدر المبلغ الذي طلبته الخزينة العمومية ب 12 مليون دينار في حق خلادي محمد و شاني مجدوب المتهمين الرئيسيين في هذه القضية. أما بخصوص الوكالة الوطنية للطرق السريعة، فقد طلبت بأن يدفع لها المتهمون 5 ملايين دينار لتعويضها عن الضرر المعنوي الذي لحق بها جراء هذه القضية. كما رفضت المحكمة تشكيل إدارة الجمارك كطرف مدني ، معتبرة أن هذه الأخيرة لم تتعرض لأضرار على علاقة بهذه القضية. وفي سياق ذي صلة، أعلن القاضي رفض المحكمة بقضاتها دون إشراك المحلفين الدفوع الشكلية المتعلقة ببطلان الإجراءات التحضيرية للمحاكمة، والتي كانت مثار جدل ما بين هيئة دفاع شاني مجدوب ورئيس محكمة الجنايات قبل انطلاق المحاكمة. تجدر الإشارة إلى أن محاكمة المتهمين في قضية الطريق السيار التي انطلقت يوم 30 أفريل المنصرم ، بحضور المتهمين الموقوفين وغير الموقوفين، جاءت بعد تأجيلين و محاولة الدفاع سنة 2014 إحالة القضية على محكمة الجنح، وهي المحاولة التي كانت فاشلة بعد أن رفضت المحكمة العليا هذا الطلب وتأكيدها أن هذه القضية يجب أن تعالج من قبل محكمة الجنايات . علما أن قضية الطريق السيار شملت قطاعين و هما الأشغال العمومية و النقل ووردت أسماء العديد من الوزراء من بينهم وزير النقل الحالي عمار غول الذي أجاب كتابيا على الأسئلة التي وجهها له رئيس المحكمة. وكان رئيس المحكمة قد أبرز مدى خطورة قضية الحال التي مست مشروع الطريق السيار شرق غرب، و مشاريع أخرى في قطاع النقل في الجزائر و التي أساءت إلى سمعة الاقتصاد الوطني. شاني مجذوب يقرر الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام الأحد المقبل قرر المتهم شاني مجذوب الذي صدرت ضده عقوبة بالسجن النافذ لمدة 10 سنوات مع غرامة ومصادرة سيارة له وأرصدة في الخارج وفيلته المتواجدة بالأبيار، الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام بعد قضائه 6 سنوات رهن الحبس احتجاجا على ما وصفه " اعتقال غير الشرعي دام أكثر من 20 يوما تحت التعذيب والمعاملات غير الإنسانية من طرف الضبطية القضائية››. وفي بيان حرره ووزع دفاعه الأستاذ الطيب بلعريف، على الصحافيين في قاعة الجلسات أول أمس قبل النطق بالأحكام في قضية الفساد المتعلقة بالطريق السيار، أعلن فيه أن موكله المتهم شاني مجذوب قام الأربعاء المنصرم، بإيداع إشعار بالإضراب عن الطعام والشراب لمدة غير محددة ابتداء من يوم الأحد 10 ماي 2015 ‘' مهما كان الحكم الذي سيصدر في حقه'' وقال ‘' إن قراره جواب شخص فقد الأمل والثقة في العدالة الجزائرية ....''. وسرد محامي شاني مجذوب القضايا المتابع بها هذا الأخير وقال أنه ‘' موضوع متابعات عديدة مستخرجة بطريقة غير شرعية من الملف الأصلي مثل قضية اتصالات الجزائر التي تمت إدانته فيها وعقابه بالدرجة الأولى بعقوبة 18 سنة حبسا نافذا ثم على مستوى درجة الاستئناف ب 15 سنة سجنا نافذا ‘'، مشيرا إلى أنه تم النقض في هذا الحكم من طرف المحكمة العليا بتاريخ 29 جانفي الماضي. كما تطرق دفاع المتهم إلى قضية أخرى ‘' تبييض الأموال ‘' أمام القطب القضائي لسيدي امحمد، وبعد أن سرد الإنابات القضائية التي تمت في حق شاني مجذوب قال أن شاني يعتبر أن التهم المنسوبة إليه ‘' مصطنعة لتمديد بقائه في السجن لأطول مدة حتى القضاء عليه بدنيا ومعنويا ‘' وقال أن ذلك ما دفع به إلى اللجوء للإضراب عن الطعام من باب ‘' المحافظة على شرفه''. محامو الدفاع يقررون الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة ضد المتهمين الموقوفين الأستاذ كمال معاشو " لقد أكد لي دفاع المتهمين الذين تمت إدانتهم بأنهم سيرفعون طعنا بالنقض أمام المحكمة العليا ، لأن هذه المحكمة في نظرهم لم تنصفهم كونهم طالبوا بالبراءة لموكليهم، أما الأشخاص المعنويين، المتمثلين في المجمعات والشركات الأجنبية، الذين أصدرت المحكمة عقوبات نافذة ضدهم بغرامات مالية ب 5 مليون دينار فأتوقع أنهم سيطعنون أيضا وأنا كدفاع للشركة الإسبانية فإن المشكل بالنسبة لي ولموكلي ليس في قيمة المبلغ الذي أدينت به الشركة، وإنما في طبيعة العقوبة لأنها ستبقى عقوبة .. هذا الحكم لا يناسبنا لأننا قدمنا كافة الأدلة على براءتنا ومحكمة الجنايات حرة في أحكامها ،ونحن سنرفع طعنا بالنقض أمام المحكمة العليا، لنبين أن هذه الشركة لم تقم بالجرم المشهود المتمثل في استغلال النفوذ..عموما أن الأحكام فيها نوع من التوازن ... ". المحامي نجيب بيطام: هذه أول قضية متعلقة بالفساد تفصل فيها محكمة جنايات العاصمة " بكل تأكيد فإن جهة الاتهام المتمثلة في النيابة العامة، ستطعن في الحكم برمته لأن الأحكام التي تم النطق بها لا تتلاءم مع طلباتها وهذا من حقها، فالقانون يعطي الحق لكل أطراف الحكم بتقديم طعن بالنقض. وأكيد أن النيابة العامة وكذا دفاع المتهمين الذين تم الحكم على موكليهم ولم يرضوا بالحكم المسلط عليهم ، فبالتأكيد سيتقدمون بطعن بالنقض أمام المحكمة العليا وبالتالي أتوقع ألا يكون هذا الحكم نهائي... واعتقد أن إعادة المحاكمة على مستوى المحكمة العليا ستتم بعد عام ونصف على أقل تقدير ... و أشير إلى أن هذه أول قضية متعلقة بالفساد تفصل فيها محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء الجزائر، ونحن لا يسعنا سوى أن نشيد بالجو القانوني والأريحي الذي تمت فيه المحاكمة وقراءتنا للحكم فإنها كانت مقبولة جدا››. الأستاذ خالد برغل: أتمنى طي هذا الملف " للنائب العام وللمتهمين الحق بالطعن في مدة ثمانية أيام لمن أحس أنه تعرض لإجحاف أو ضرر، وهذا في رأيي سيطيل أمد المحاكمة ويعيدها مرة ثانية و أملي وأتمنى أن لا يتقدم لا المتهمون ولا النيابة العامة بالطعن في الحكم الصادر في هذه القضية من أجل طي هذا الملف لأن الجزائر بحاجة إلى المضي قدما وينتظرون ربما يستفيدون من الإفراج المشروط أو من تخفيف الحكم. الأستاذ خالد بوريو: الأحكام الصادرة لم تكن سياسية ‘'بداية أنا جد مرتاح لحصول موكلي على البراءة... وأظن أنه تم تضخيم هذه القضية وتم إعطاؤها بعدا واسعا .. لكن وبفضل حكمة هيئة محكمة الجنايات توصلنا إلى قرارات معتدلة أخذت بعين الاعتبار الظروف التي كانت مسلطة على هذه القضية ... وبهذه الأحكام يتأكد لنا أن هذه القضية تبقى بعيدة عن السياسة...فقد كانت الأحكام معتدلة وموضوعية وتنم بأن هيئة محكمة الجنايات تحكمت في سير المحاكمة وفي إدراك الملف..نحن نصبو دائما على عدالة قوية و مستقلة وتخدم دولة القانون.. الأحكام اليوم جاءت معتدلة ...أما فيما يخص المتهمين الموقوفين أعتقد أنهم سيقومون بالطعن في الحكم››.