السفة الرمضانية تفقد مكانتها وسط الأطعمة العصرية قليلون هم الذين لا يزالوا يحافظون على عادة تناول طبق الكسكسي المحضر بطريقة «السفة» كما يعرف بوهران، و «المسفوف» بالشرق الجزائري ، أثناء السحور في رمضان وتم تعويضه بأطعمة أخرى أغلبها من بقايا ما يفطر به الصائمون، ولكل واحد منهم تبريره الخاص لتكون النتيجة النهائية أن هذا الطبق بدأ يغيب تدريجيا عن سحور الصائمين. و الجدير بالذكر أن السفة أو المسفوف ،نوع من الكسكسي الرقيق الذي يطهى بالبخار و يمزج بالزبدة و يزين بالزبيب أو المكسرات و السكر و يقدم مع أكواب من اللبن أو الحليب . نقلنا هذا الانشغال لبعض الموطنين الذين التقيناهم في الشارع، فقال أحدهم وهو شاب لا يتجاوز الثلاثين من عمره أنه يفضل تناول ما تبقى من أطعمة الفطور على أن يأكل «السفة»، لأنه لا يحب أصلا تناول الكسكسى بكل أشكاله، رغم أن والده و والدته لا يزالا يحافظان على السفة عند كل سحور رمضاني. و أضاف شاب آخر من نفس الفئة العمرية، بأنه لا يستغني عن السفة في رمضان وهذا لتغيير نمط الأكل ما بين الفطور المملوء بالأطعمة الدسمة و المقليات، إلى سحور فيه كسكسي ومعه إما اللبن أو بعض الفواكه، لتمحو مخلفات الدسم وبالتالي يمضي يوما مريحا. أما أحد الشيوخ فقال أنه استغنى عن السفة منذ زمن أي منذ إصابته بالسكري، فأصبح يخشى أن يرفع الكسكسي نسبته في دمه، فأصبح يلجأ لتناول بعض حبات التمر عند السحور وهو يرتاح كثيرا لذلك أحسن من تناول السفة، عكس شيخ آخر الذي قال أنه لا يستغني أبدا عن السفة في رمضان، ويعتبرها جزءا من العادات والتقاليد التي ورثها عن أسلافه . فيما يتأسف على أن جيل الشباب اليوم يبتعدون عنها شيئا فشيئا، وأوضح هذا الشيخ أنه لحد اليوم لا يتناول السفة المحضرة من الكسكسي الذي يباع في علب ،بل يلزم زوجته على تحضيره بيدها في البيت و تساعدها أحيانا ابنتها أو إحدى الجارات. المهم أن تكون سفة تقليدية مائة بالمائة. وهذا ما تحرص عليه إحدى السيدات التي قالت أنها تعودت على تحضير الكسكسي بنفسها في البيت، أو بمساعدة قريباتها ولكن لا تلجأ أبدا للكسكسي المعلب ،ولازالت تحافظ على عادة «التويزة» قبل رمضان لتحضير كميات كبيرة من الكسكسي مع قريباتها أو جاراتها وتقسيمها على كل أفراد العائلة أو الحي ليجتازوا رمضان بالسفة في السحور. أما الفتيات اللائي صادفناهن ،فأغلبيتهن يجمعن على أن تحضير السفة في رمضان يكون من أجل العجائز فقط، بينما الشباب فلكل واحد طريقته في تناول السحور، وأكدت إحداهن أن الأغلبية يجتمعن حول صينية القهوة والحلويات التقليدية لغاية السحور ولا يحضرن أكلا خاصا في هذه الفترة. هي إذن عادات ربما فرضتها ظروف التغيير في أنماط الاستهلاك لدرجة أن الكسكسي أصبح أصلا طبقا تقليديا يحضر من أجل مناسبات معينة فقط وليس يوميا مثلما كان في زمن مضى.