مهري: التغيير في الجزائر أصبح قضية وطنية -حالة الطوارئ عولجت بطريقة غير سليمة ومنع الأحزاب تعطيل للدستور كشف عبد الحميد مهري الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني والوجه التاريخي المعروف انه لا تجد لحد الآن علامات ظاهرة على الاستجابة لمضمون الرسالة التي وجهها قبل أيام لرئيس الجمهورية حول فتح مناقشة وطنية شاملة من اجل تغيير النظام، وقال أن تغيير النظام أصبح اليوم قضية وطنية كبرى يجب أن تجتمع حولها كل الآراء، وان الشعور بضرورة التغيير عام حتى لدى من هم في الحكم، داعيا في نفس الوقت جميع فئات وشرائح المجتمع إلى إطلاق المبادرات المتعددة من اجل تغيير النظام. عاد عبد الحميد مهري في ندوة صحفية نشطها أمس بمقر حزب جبهة القوى الاشتراكية بالعاصمة بالكثير من التفصيل لمضمون الرسالة المفتوحة التي كان قد وجهها قبل ايام لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة من أجل فتح نقاش عام وتنظيم مؤتمر وطني لتغيير النظام بطريقة سلمية، وأصر مهري على التدقيق بأن هذه الرسالة ليست مبادرة في هذا السياق بقدر كونها "منهجية لتعدد المبادرات التي تأتي من المجتمع من اجل تغيير النظام". وأوضح مهري في البداية أن الهدف من الرسالة كان التأكيد على حاجة البلاد الماسة لتغيير نظام الحكم لتتمكن من مواجهة التحديات الداخلية والخارجية انطلاقا من تقييم نقدي لمسيرة البلاد مند الاستقلال، وأضاف أن المطالبة بتغيير النظام ليست تهمة موجهة ضد شخص أو حزب أو مؤسسة أو جيل بعينه، ولا معارضة تقليدية لمن يتولون مسؤوليات الحكم، وأحرى أن تكون مجرد تصفية حسابات شخصية مع أي كان. وقال أيضا أن الرسالة إذا كانت موجهة لرئيس الجمهورية مراعاة لما يقتضيه المنصب من احترام فإن تغيير النظام الذي يستجيب بالطرق السلمية لرغبات الشعب الحقيقة لن يكون إلا نتيجة جهود تشترك فيها كل القوى السياسية والكفاءات الشعبية. وفي رده عن سؤال حول مدى الاستجابة لمضمون الرسالة أكد عبد الحميد مهري انه "لا توجد لحد الآن علامات ظاهرة على الاستجابة لمضمون الرسالة في مجموعها"، مضيفا انه عندما تكون هناك استجابة فإنه يحرص من جهته على أن يعلم بذلك الجميع، كما أكد انه لم يلتق رئيس الجمهورية، وإذا تم لقاء من هذا النوع فإنه لن يكون سوى في دائرة عامة، وأمله أن يكون في وضح النهار وأمام الجميع. وسخر مهري من بعض الآراء التي تنشر هنا وهناك القائلة أن المبادرة التي أعلن عنها مسرحية مع جبهة القوى الاشتراكية لصالح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حيث نفى ذلك نفيا قاطعا مشيرا أن مواقفه كانت دائما علنية حتى في أصعب المراحل، فقال"هذا التحليل خاطئ لأنه لا أنا ولا آيت أحمد قادرين على إنقاذ النظام، لكن لو نكون بجانب النظام سنغرق معه واعتقد أن هذا هو المقصود". وأوضح أن المبادرة انطلقت شخصية منه ومضمونها كان يحاول الإلمام بجموع الآراء المطروحة على الساحة الوطنية، ولم يكن هناك أي تنسيق مادي مع أي جهة قبل نشر الرسالة، لكنه كما قال سجل باعتزاز كبير تأييد السيد حسين آيت أحمد لما جاء فيها، لكن بعد ذلك اتصل بالكثير من الإخوة الذين قدموا آراءهم بصفة شخصية، وببعض التشكيلات التي استحسنت الفكرة لكن ليس هناك أي عمل تنسيقي للقيام بخطوات أخرى لأننا في مرحلة لطرح منهجية التغيير. وتحدث هنا أيضا عن تلقيه عبر البريد مبادرة حمس وأخرى من أحمد بن بيتور وعن الأفكار التي طرحها عبد العزيز بلخادم الأمين العام للآفلان، وأخرى من المجتمع المدني وهذا في سياق حديثه عن المبادرات التي أطلقت من اجل التغيير. اقترح تكوين مجموعات على كل المستويات لطرح موضوع التغيير وأسهب عبد الحميد مهري كثيرا خلال الندوة الصحفية التي حضرتها الصحافة الوطنية والدولية وشخصيات سياسية وإعلامية في شرح نظرته لطريقة تغير النظام، حيث قال في هذا الصدد "هناك شعور عام بضرورة التغيير وهذا الشعور موجود حتى لدى الإخوان في النظام" لكن هناك تعدد في النظرة للتغيير المطلوب، ومداه وطرق الوصول إليه لدى التشكيلات و في صفوف المعارضة، و ما يجب تجنبه هنا هو أن يكون موقف دعاة التغيير مثل موقف النظام الحالي الذي يقدم وصفة واحدة للمعارضة وللحكم، لذلك يجب فتح نقاش وطني يهدي الجميع للصيغة التي يرضاها الشعب كي يغير النظام. وبرأي لامين العام الأسبق للآفلان توجد ثلاثة أطراف للتغيير هي السلطة والأحزاب والشعب بمختلف شرائحه وتشكيلاته، وعلى المجتمع ككل الذي حرم من التفاعل مع القضايا والالتزام بها أن يتجند لأن يكون طرفا في التغيير، مقترحا في هذا الإطار تكوين مجموعات لطرح الموضوع على كل المستويات وعبر مختلف الشرائح التي تعبر عن رغتها في التغيير وعما هو التغيير الذي يستجيب لطموحات الشعب، هذه المجموعات يجب أن تبع من المجتمع بالمئات بل بالآلاف وتساهم في النقاش الوطني بصفة منظمة،فكل ما يصب في خانة التغيير مرحب به. ويواصل مهري في هذا الاتجاه قائلا أن مسؤولية بناء الحكم يجب أن يشترك فيها الجميع، ومن يعتقد أن النظام الحالي غير صالح عليه أن يجاهر بذلك متسائلا لماذا لا يتكلم الصامتون؟ ليؤكد هنا انه يراهن على المجتمع وعلى حراك عام وليس على طرف بعينه، كما انه لا يملي على مختلف الشرائح طرق العمل بل المهم أن يخرجوا من دائرة التهميش، وان يتم تناول مسألة تغيير نظام الحكم بذهنية ديمقراطية في إطار الحوار والسماع لرأي الغير، وتأسف لوجود بعضا ممن يريدون تغيير النظام بنفس ذهنية من هم في النظام. وفي تقدير عبد الحميد مهري أن النظام مند الاستقلال غير محكوم بالنصوص بل بالسلوك والممارسة التي تكون في كثير من الأحيان أهم من النصوص لذلك وفي رده عن سؤال حول إلغاء مصالح الاستعلامات مثلا في المستقبل قال أن ذلك يكون نتيجة لتصور جماعي عندما يحدث التغيير وانه لا يريد الكلام عن الجزئيات بل عن النظام برمته. حالة الطوارئ لم تعالج بطريقة سليمة وحظر الأحزاب خروج عن الدستور وتطرف عبد الحميد من جهة أخرى في ندوته الصحفية لبعض الملفات الوطنية الراهنة المرتبطة برأيه بطبيعة نظام الحكم، حيث اعتبر رفع حالة الطوارئ بالطريقة تم بطريقة غير سليمة، فهذه الحالة محدودة من حيث الزمن، لكن - كما قال - أخذ جزء منها وادخل في القانون حتى تصبح دائمة، كما انتقد طريقة مناقشة قانون البلدية الذي اعتبره قضية جد هامة متسائلا لماذا لم يتم تكوين أفواج دراسة في جميع البلديات من النواب والإطارات ذوي التجربة في هذا الشأن حتى يشاركوا في النقاش حول المشروع، هذا النقاش الذي هو الآن مغلق حسبه، متحدثا عن أصوات حاولت عكس الاتجاه العام في هذا الإطار. وانتقد أيضا رفض اعتماد أحزاب سياسية جديدة مشيرا أنه مند 1999 لم يعتمد أي حزب، معتبرا عدم اعتماد أحزاب استوفت كل الشروط كما صرح بذلك وزير الداخلية نتيجة فراغ سياسي يطرح طبيعة النظام نفسه، ما يؤدي إلى ضرورة تغير النظام، معتبرا ذلك خروجا عن الدستور ورفضا لتطبيق قوانين الجمهورية وتعطيلا للحياة السياسية. كما انتقد المتحدث أيضا السياسة الاقتصادية للبلاد في السنوات الأخيرة التي انتهت إلى الفشل، قائلا انه يجب التساؤل عمن وضعها ومن المسؤول عن ذلك؟ وهذا يؤدي - كما قال- إلى طرح طبيعة نظام الحكم لأنه من غير المعقول أو المقبول الفصل في ما يؤهل البلاد لمواجهة التحديات الكبرى بمثل هذه السهولة. خارجيا اعتبر التطورات الحاصلة في المحيط العربي منتظرة لكنها فاجأت الجميع لكن موقفه يبقى مع الشعوب وبشأن ما يحدث في ليبيا أكد أنه نتيجة لبقاء الأنظمة غير الديمقراطية وان سلوك القدافي اتجاه شعبه مرفوضا رفضا مطلقا، وبالنسبة للجامعة العربية قال انه كان يمكنها أن تقوم بعمل أفضل من فتح الباب للتدخل الخارجي، وأبدى تفهما للموقف الرسمي الجزائري مما يحدث هناك نظرا لوجود مخاطر والجزائر من حقها التخوف، وأضاف "أتفهم موقف الإخوة المسؤولين لكن اعتقد أنهم مؤهلين لمجابهة القذافي". محمد عدنان