* مختصون: دعم الدولة للسكن والأزمة الاقتصادية وراء انكماش سوق العقار أكد مرقون عقاريون ناشطون في مجال البناء بعنابة، بأنهم يواجهون صعوبات كبيرة في بيع الشقق التي أنجزوها بعدة مواقع، خاصة بضواحي وسط المدينة نتيجة تراجع الطلب، رغم تخفيض الأسعار إلى نحو 30 بالمائة، واعتماد تسهيلات في الدفع على أقساط، مشيرين إلى انكماش سوق العقار بالولاية بشكل مفاجئ في السنتين الأخيرتين، ما سبب لهم ضائقة مالية وانعدام السيولة لتغطية أجور العمال وتزويد الورشات بالمواد الأولية. وأوضح بعض المرقين بأنهم عجزوا عن الإيفاء بالتزاماتهم اتجاه البنوك التي تمول مشاريعهم السكنية، حيث أصبح إيجاد زبون واحد فقط يدفع ثمن الشقة دفعة واحدة بالأمر الصعب، ما جعلهم يقومون بحملات إشهارية لتقديم عروض مغرية بهدف استمالة زبائن جدد، مع إمكانية البيع عن طريق القروض البنكية، وأمام تعقد وضعية مرقين عقاريين صغار، أصبحوا ينزّلون الأسعار إلى أكثر من 40 بالمائة، في حال الدفع « كاش» وفي صيغة البيع عن طريق القرض، يقترحون دفع البنك 40 بالمائة من ثمن الشقة، والمبلغ المتبقي يسدد بالتقسيط المريح، يصل إلى دفع 30 ألف دينار شهريا. في سياق متصل كشف عدد من أصحاب الوكالات العقارية في حديثهم للنصر، عن تراجع الطلب على شراء الشقق الجديدة وحتى القديمة بنحو 80 بالمائة، ونزول الأسعار خارج وسط المدينة، من مليار سنتيم إلى نحو 700 مليون، وبالمناطق الراقية والمطلة على البحر أصبحت الأسعار تتراوح ما بين 1,2 و 1,8 مليار بعد أن كانت توفق المليارين سنتيم. وقد انحصر نشاط الوكالات حاليا في تأجير الشقق فقط، أما عمليات البيع فأصبحت شبه منعدمة، مرجعين ذلك إلى نقص السيولة النقدية في سوق العقار، وفي ذات النقطة قال الحاج مبروك وهو صاحب وكالة عقارية وسط المدينة « أصبحنا نادرا ما نستقبل زبونا يستطيع دفع ثمن الشقة « كاش» عكس السنتين الماضيتين كانت عملية تداول الأموال تسير أفضل، يستطيع الزبون تسديد مبلغ 1,5 مليار سنتيم بكل أريحية، والآن الطلبات المجودة محدودة جدا، يبحث أصحابها على الشراء بالتقسيط، حيث لمسنا غياب جو الثقة لدى المواطن في إخراج الأموال، يفضلون اكتنازها على الاستثمار في شراء العقار الذي كان في وقت قريب أحسن ميدان لإنماء الأموال». وأرجع ناشطون في مجال العقار، سبب انكماش السوق إلى عدة عوامل أبرزها، إعادة الدولة اعتماد صيغة البيع بالإيجار « عدل 2» حيث توجه أغلب طالبي السكن من الموظفين والطبقة المتوسطة الذين يعانون من أزمة السكن، للتسجيل في هذه الصيغة، معتبرينها فرصة لإنهاء رحلتهم في إيجاد صيغة مناسبة لشراء سكن لدى الخواص. كما ساهمت الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، مع اعتماد سياسة التقشف وتقليص الامتيازات والعلاوات الممنوحة للموظفين، في تراجع الطلب على شراء العقار، حيث أصبحت الأجور الشهرية لا تسمح بالادخار، وتحول سعي الموظف إلى تلبية المتطلبات اليومية للعيش مع ارتفاع الأسعار. وأضافت مصادرنا بأن التسهيلات التي اعتمدها الحكومة، في مجال التنازل عن السكنات الاجتماعية والسكنات المستفيدة من إعانات الدولة، بهدف حماية الحظيرة العقارية ووضع حد لعمليات المضاربة، التي تحطم المجهودات المبذولة في مجال البناء، كانت من بين الأسباب الرئيسية لانكماش سوق العقار، حيث اكتفى شاغلو السكنات بتمليكها، عوض البحث عن حلول بديلة كونهم كانوا مقيدين بشراء عقارات بصيغة « المفتاح» لا تضمن لهم التصرف بها بحرية لأنها مسجلة بأسماء المستفيدين الأصليين. ولجعل هده العملية أكثر مرونة، تم إصدار مرسوم تنفيذي جديد يمنح تسهيلات إدارية جديدة، تسمح للراغب في شراء مسكنه بتقديم طلب إلى ديوان الترقية والتسيير العقاري، التي تقوم بدراسة طلبه و إرساله لمفتشية أملاك الدولة دون المرور عبر اللجنة المختصة. ويعد قانون تسوية المباني 15/08 الصادر في 20 جويلية 2008، الذي يسمح بتسليم أصحابها شهادات المطابقة، من بين التسهيلات أيضا التي أقرتها الدولة، بهدف تخفيف من أزمة السكن. وذكرت مصادرنا بأن عدد كبير من المكتتبين في الترقيات العقارية المنجزة في إطار « كالبيراف» انسحبوا منها، نتيجة اصطدام أصحابها بإشكال قانوني يتعلق بالقطع الأرضية، فهي عبارة عن امتياز وليست ملكية خاصة، لا يستطيع المرقي انجاز عقود الملكية للمستفيدين من السكنات كونه يملك البناية دون الأرض. هذا الإشكال القانوني وضع المرقين في حرج ودفع المكتتبين إلى الانسحاب، بسبب عدم قدرة المرقي على منحهم الوثائق اللازمة لجلب القرض البنكي، والحصول على عقد الملكية. و يمنح هذا القانون، حق الامتياز غير القابل للتنازل، في المشاريع المنتجة فقط كالصناعة، الفلاحة، السياحة، الخدمات، أما الترقيات العقارية لا تندرج في هذا الإطار، فهي تمر عبر اللجنة التقنية للولاية، هذا الأمر دفع بالحكومة إلى محاولة تدارك النقص الموجود في التشريع، حيث يجري إعداد نص قانوني ينظم عملية التنازل على القطع الأرضية لفائدة المرقين.