انعدام فضاءات التسويق يقبر إبداعاتنا الفنية قال الفنان التشكيلي العصامي محمد حيرش أن عدم توفر فضاءات مختصة لتسويق أعمال الفنان من لوحات و تحف فنية في بلادنا، حال دون النهوض بهذا الفن، إذ يقتصر الترويج له فقط في المعارض التي تكون أغلبها مناسباتية، ما يجعله يعاني التهميش و الركود، في الوقت الذي تعطي له عديد الدول، خاصة الأجنبية أهمية كبيرة. ابن ولاية ميلة تحدث للنصر عن ولعه بفن الرسم منذ نعومة أظافره، حيث كان يحب مادة الرسم في الطور الابتدائي، و بدأ حينها بإعادة رسم مختلف الأشكال و الزخارف التي تنال إعجابه، و واصل اهتماماته بهذا الفن في مرحلة التعليم المتوسط، أين احتك بأساتذة متخرجين من الفنون الجميلة و دخل عالم الألوان الزيتية، و قد أطره حينها أستاذ الرسم، حيث كانت أول مشاركة له في مسابقة دولية للرسم سنة 1987 حول موضوع النمو الديمغرافي في العالم، و قد تنافس خلالها مع أساتذة كبار في الرسم و وصل إلى آخر مرحلة من التصفيات الوطنية. و بعد انتقاله إلى الطور الثانوي انخرط في نادي الرسم بتأطير من أستاذ المادة بالثانوية، و قد أصبحت له عديد المشاركات في المعارض، حيث شارك سنة 1992 في المهرجان العالمي للشباب، و كان من بين ممثلي الجزائر، كما شارك في تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية بتحف فنية و لوحات زيتية تبرز الألبسة التقليدية الجزائرية و بورتريهات لبعض الشخصيات التاريخية و معالم تراثية. المبدع محمد حيرش قال بأن المشكلة التي تواجه الفنان التشكيلي في بلادنا، هي عدم توفر فضاءات التسويق، إذ يعرض تحفه فقط في المعارض التي تكون في الغالب مناسباتية، مضيفا بأن تكاليف المشاركة فيها مرتفعة، و ليس بإمكان كل فنان دفعها، و قال بأنه أراد المشاركة في معرض سافيكس بالعاصمة، غير أنه لم يتمكن من دفع مستحقات المشاركة و التي قدرت ب 50 ألف دينار لمدة 6 أيام، ما يجعل انجازات الفنان الفنية تتكدس و لا ترى النور، حسبه . محدثنا قال بأن مجال الفن التشكيلي عرف في السنوات الأخيرة ديناميكية ملحوظة ، حيث أصبح المجتمع يبحث عن هويته و تاريخه من خلال هذه التحف و اللوحات، و أشار إلى أنه يهتم بالتاريخ العربي الإسلامي و كذا الأجنبي، و يبرز ذلك في تحفه و لوحاته التي يفضل أن تكون ذات قيمة معرفية، و أضاف بأنه يتأثر في تصميم لوحاته الزيتية ببعض الفنانين المنتمين للمدرسة الفرنسية، كنصر الدين ديني الفرنسي الذي اعتنق الإسلام، و يستهويه الفنانين المستشرقين الذين كانوا مقيمين بالجزائر، مضيفا بأنه يفضل استعمال الألوان الزيتية الداكنة في لوحاته و كذا تحفه الفنية، التي يعتبر الفخار مادة أولية لها، و كذا بتقنية « الوان سترونك» على المزهريات، و هي تقنية لا يمكن، حسبه، أن يطبقها فنان مبتدئ. وبخصوص زبائنه و أسعار لوحاته، قال محدثنا بأن زبائن الفنان التشكيلي محددون إذ يقصده المثقفون خاصة في المجال الأدبي، و أسعار لوحاته تصل إلى 3 ملايين سنتيم ، و قد باع عددا كبيرا منها لأجانب، معتبرا هذا الفن هواية و ليس مصدرا لرزقه، لأنه لا يمكن أن يعتمد عليه في سد الاحتياجات اليومية، خاصة و أن المادة الأولية التي يستعملها في لوحاته ليست متوفرة دائما إذ يحضرها من تونس ، حيث يكلف أصدقاء له يتنقلون باستمرار إلى تونس، بجلبها له رغم أن أسعارها باهظة، حسبه، و يستعمل نوع «كادونس»، المتوفر فقط في تركيا و يسوق في تونس. و عاد الفنان بذاكرته إلى المهرجان العربي للشباب، حيث عرض لوحة عنوانها «الحصان العربي الأصيل» ، وصفها بالرائعة، غير أنها ضاعت منه و لم يعثر عليها لحد الساعة، و أضاف بأنه كان سعيدا بمشاركته في تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية، حيث كان الإقبال كبيرا على لوحاته من أجانب، و لا يزال يذكر انبهار صيني بتحفة فنية تمثل بندقية الأمير عبد القادر مصنوعة بمادة النحاس .