ستشرع الحكومة رسميا، في اللجوء إلى التمويل غير التقليدي، وذلك بتمكين بنك الجزائر من إقراض الخزينة العمومية لتمويل الاقتصاد، وتغطية العجز في الخزينة، لفترة استثنائية لا تتجاوز خمس سنوات وذلك بعد صدور قانون النقد والقرض في الجريدة الرسمية، والذي يعد بمثابة الضوء الأخضر للحكومة لمواجهة الوضع المالي الصعب الذي تعرفه البلاد من 2014 بسبب تدني الإيرادات بنسبة 50 بالمائة. دخل قانون النقد والقرض حيز التنفيذ رسميا، بعد صدوره في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، مما يعني الانطلاق الفعلي للجزائر في التمويل غير التقليدي. وصدر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية المرسوم الخاص بالنقد والقرض، والذي حمل توقيع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وذلك بعد رأيي مجلس الدولة والبرلمان. وجاء في المادة 45 من القانون المعدل أنه " بغض النظر عن كل الأحكام المخالفة يقوم بنك الجزائر ابتداء من دخول هذا الحكم حيز التنفيذ بشكل استثنائي ولمدة خمس سنوات بشراء مباشرة عن الخزينة السندات المالية التي تصدرها هذه الأخيرة من أجل المساهمة على وجه الخصوص في تغطية احتياجات تمويل الخزينة، تمويل الدّين العمومي الداخلي وتمويل الصندوق الوطني للاستثمار. تنفّذ هذه الآلية المرافقة برنامج الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية والميزانية والتي ينبغي أن تفضي في نهاية الفترة المذكورة أعلاه كأقصى تقدير إلى توازنات خزينة الدولة وتوازن ميزان المدفوعات". وأضاف المرسوم أنه "تحدد آلية متابعة تنفيذ هذا الحكم من طرف الخزينة وبنك الجزائر عن طريق التنظيم". وكان الوزير الأول، أحمد أويحيى، قد أوضح أمام نواب مجلس الأمة، أن حجم الكتلة المالية التي سيقرضها البنك المركزي للخزينة العمومية في إطار آلية التمويل غير التقليدي، لم تحدد بعد، وقال بأن وزارة المالية ليس لديها لحد الآن رقم دقيق عن الاحتياجات التي سيتم تغطيتها بالأموال المقترضة. مشددا أن إجمالي القيمة المالية التي سيتم اقتراضها لن توجه إلى ميزانية التسيير، بل ستخصص للاستثمار ولتسديد جزء من عجز ميزانية الدولة وتسديد ديون المؤسسات العمومية، على غرار مجمع "سونلغاز" (600 مليار دج) و سوناطراك والبنك الوطني الجزائري. وحسب الوزير الأول سيصدر رئيس الجمهورية مباشرة بعد المصادقة على قانون النقد والقرض من طرف البرلمان بغرفتيه مرسوما رئاسيا، سيكلف فيه هيئة مستقلة عن الحكومة بمتابعة عملية التمويل غير التقليدي، ووضع ورقة طريق تتضمن الإصلاحات المالية والهيكلية التي سيتم تفعيلها . وتابع أويحيى قائلا " هذا واقع وعلينا تقبله والتعامل معه، سنتوجه إلى طبع الأوراق المالية". وحسب الوزير الأول فإن هذه الآلية الجديدة ستعطي الفرصة للمستثمرين لرفع قدراتهم من خلال الصندوق الوطني للاستثمار الذي سيمنح قروضا تسدد على مدى 30 سنة، سيتم إعفاؤها من تسديد الفوائد على مدى 5 أو 10 سنوات . من جهته، أوضح وزير المالية عبد الرحمان راوية، أن مبلغ الاقتراض الذي ستلجأ له الخزينة العمومية لدى البنك المركزي في إطار آلية التمويل غير التقليدي سيكون "جد محدود" قصد تفادي التضخم. ورد بخصوص عدم تحديد مبلغ الاقراض، بالقول، أن الحكومة ستأخذ بعين الاعتبار المداخيل و الموارد التي تحوزها الجزائر و بعدها سترى الحكومة التعديلات الضرورية خلال السنة كلما كان ذلك ممكنا، و أضاف: " في كل الأحوال سيكون (المبلغ) محدودا جدا قصد تفادي التضخم". و ذكر الوزير مرة أخرى بأن التمويل غير التقليدي سيوجه للاستثمار و لإعادة شراء ديون سونلغاز و سندات الخزينة الصادرة لفائدة سوناطراك من أجل السماح لهاتين الشركتين ببعث مشاريعهما. و بخصوص مراقبة التمويل غير التقليدي أكد الوزير أنه سيتم ضمان الرقابة على جميع المستويات بدءا بوزارة المالية و بنك الجزائر. بهذا يرخص القانون لبنك الجزائر، بصفة استثنائية و خلال فترة لا تتعدى خمس سنوات القيام بالشراء المباشر للسندات الصادرة عن الخزينة قصد تغطية حاجيات تمويل الخزينة وتمويل تسديد الدين العمومي الداخلي والسماح للخزينة عند الحاجة بتزويد الصندوق الوطني للاستثمار بموارد في إطار مساهمات الدولة في الاستثمارات أو التمويلات طويلة المدى لبرامج الاستثمار العمومي.