لا بد من وضع قانون خاص ينظم عمل المجلس الدستوري مستقبلا أكد وزير العدل حافظ الأختام، الطيب لوح، ضرورة الذهاب مستقبلا لوضع قانون ينظم عمل المجلس الدستوري وعدم الاكتفاء فقط بنظام داخلي له، وهذا بالنظر للمهام والصلاحيات التي أصبح المجلس يطلع بها شيئا فشيئا والتي تتوسع الآن إلى ما يسمى المحكمة الدستورية، واعتبر لوح أن القانون المتعلق بشروط وكيفيات تطبيق الدفع بعدم الدستورية سيسمح بتعزيز الحريات و الحقوق التي نص عليها التعديل الدستوري لسنة 2016. عرض وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح أمس على نواب المجلس الشعبي الوطني مشروع القانون العضوي الذي يحدد شروط و كيفيات تطبيق الدفع بعدم الدستورية، وأكد بالمناسبة أن هذا المشروع يأتي في إطار تعزيز المنظومة القانونية المتعلقة بالحقوق والحريات، وتوسيع الضمانات الممنوحة للمتقاضين والأشخاص بصورة عامة، وهو يأتي تطبيقا لأحكام التعديل الدستوري لسنة 2016. وخلال حديثه وبما أن المجلس الدستوري هو الجهة الأخيرة التي ستفصل في قرارات الدفع بعدم الدستورية كشف لوح أن قواعد العمل الخاصة بالمجلس الدستوري سوف يتم تحديثها مستقبلا، وقال إن النظام الداخلي له بحاجة إلى أن يكيف مع أحكام الدستور المعدل سنة 2016. وأضاف في ذات السياق أن المجلس الدستوري بحاجة على المدى البعيد إلى قانون ينظم عمله وليس الاكتفاء بالنظام الداخلي فقط، وقال إن تلك هي نظرته ونظرة الحقوقيين والخبراء، إذ لابد من قانون خاص به، وعندما نعود إلى كل ما يتعلق بالمجلس الدستوري لابد أن نعود إلى القانون وليس إلى النظام الداخلي وهي نظرة على المدى البعيد –يشدد لوح. ومن هذا المنطلق يضيف زير العدل حافظ الأختام بأن ما يتعلق بالقواعد الداخلية لعمل المجلس الدستوري لا يتدخل فيها وتترك لنظامه الداخلي كما تنص عليه المادة 189 من الدستور، علما أن النظام الداخلي للمجلس عدل مرة أولى سنة 2016، أما ما يتعلق بالجلسة التي يفصل فيها المجلس في قرارات الدفع بعدم الدستورية فلابد أن تكون علنية وشفافة، وتدخل في نطاق القانون الذي ينظم عمله. وخلص المتحدث إلى أنه من الضروري وضع قانون خاص ينظم عمل المجلس الدستوري مستقبلا لتكييف عمله مع أحكام الدستور والتطورات الحاصلة، خاصة وأن صلاحيات المجلس تتوسع شيئا فشيئا إلى ما يسمى المحكمة الدستورية، مجددا القول « ذاهبون تحت قيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى تكريس هذه الحقوق والحريات فعليا». أما بخصوص مشروع القانون العضوي المحدد لكيفيات وشروط الدفع بعدم الدستورية فقد أوضح لوح أنه جاء تماشيا مع المستجدات التي تعرفها الأنظمة القانونية في العديد من الدول التي وضعت الأطر الكفيلة لحماية الأشخاص، و التي تمكنهم من الدفاع عن حقوقهم أمام المؤسسات القضائية والدستورية. وشدد المتحدث على الدور الكبير الذي يلعبه هذا الدفع بعدم الدستورية لتجسيد دولة القانون وسمو الدستور والحفاظ على الحقوق والحريات وتطهير المنظومة القانونية، ومن أهم مميزاته أنه تضمن العديد من الأحكام التي تعزز الحقوق والحريات. كما نبه وزير العدل حافظ الأختام إلى أن التعديل الدستوري وسع من الجهات التي يمكنها إخطار المجلس الدستوري مثل الوزير الأول، و 50 نائبا من الغرفة السفلى للبرلمان، و30 من الغرفة العليا، غير أن هذا الإخطار لا يمتد إلى عدم الدستورية التي تبقى من صلاحيات المتقاضين فقط، أي للمواطن فقط بمناسبة طرح قضيته أمام القضاء. ويستند حق الدفع بعدم الدستورية على المادة 188 من الدستور، التي تعطي الحق للمتقاضي بإثارة هذا الدفع أمام الجهات القضائية العادية والإدارية وحتى على مستوى الاستئناف أو النقض في قضيته عندما يلاحظ أن حكما ما ينتهك الحقوق والحريات المنصوص عليها، ولا يمكن للقاضي إثارة هذا الدفع من تلقاء نفسه، وفي حالة إثارته أمام قاضي التحقيق تتولى غرفة الاتهام النظر فيه. كما حددت المادة 188 كيفيات وشروط إثارة الدفع بعدم الدستورية، أما القانون العضوي المعروض فهو يحدد كيفية تطبيق هذا الدفع، وقد جاء في 28 مادة موزعة على خمسة محاور. وقد ثمن النواب جميعهم من الموالاة والمعارضة هذا المشروع على الرغم من الملاحظات التي سجلها البعض عليه، واعتبروا أنه يمكن أن يساهم إلى حد كبير في ضمان الحقوق والحريات، وإعطاء نزاهة للعدالة، على غرار ما ذهبت إليه النائب عن التجمع الوطني الديمقراطي نبيلة أحلام محمدي التي وصفت المشروع بالبالغ الأهمية والذي يكرس مبدأ حماية الحقوق والحريات الأساسية الفردية، وقالت إنه صورة حقيقية عن الديمقراطية التشاركية في مجال التقاضي. غير أنها تساءلت عن عدم الإشارة إلى كيفيات و أسباب الرفض، أما جلول جودي عن حزب العمال فقد قال إن النص لم يحدد الآجال التي يفصل فيها المجلس الدستوري في قضايا الدفع بعدم الدستورية وهو ما يبقي المجال مفتوحا للتأويلات، وطالب صالح زويتن عن الاتحاد من أجل النهضة- العدالة والتنمية بإعادة النظر في القانون المنظم للمحكمة العليا.