تنس ..قلعة محصنة مفتوحة على البحر تزدحم مدينة تنس بحركة السياح صيفا، لما تتمتع به من شواطئ جميلة ومعالم أثرية تعود لحقب زمنية متفاوتة، تتناغم فيها عدة حضارات ، فيجد المصطاف نفسه بين ثنايا المعرفة و اكتشاف الموروث التاريخي والتسلية و الترفيه . المصطاف بمدينة تنس، حوالي 50 كلم شمال عاصمة الولاية الشلف ، يجد متعة وراحة كبيرة في شواطئها الممتدة التي تحفها أشجار الصنوبر و البلوط ضمن غطاء غابي، يعانق جزء منه بعض الشواطئ الفيروزية كبوشغال ، بني حواء ، سيدي عبد الرحمن ، واد القصب وغيرها من الشواطئ . و تعد مدينة تنس ملتقى السياح ومنها يتفرقون على مختلف الشواطئ المجاورة ، إذ يحصي الساحل الشلفي 26 شاطئا مسموحا به بالسباحة ، من أصل 30 شاطئا، يعد شاطئ تنس المركزي أكثر الشواطئ إقبالا للمصطافين، بحكم تواجده بقلب المدينة، يسهل على بعض العائلات التي لا تملك سيارات التنقل إليه بسهولة. مدينة تنس الساحلية هي عبارة عن قلعة محصنة مفتوحة على البحر ، محمية بأسوارها العتيقة و أبراج المراقبة السبعة من بينها برج الغولة ، سيدي عزوز، بجانبها مدافع قديمة جدا تعود للحقبة العثمانية بالجزائر ، و يضطر الزائر عبور البوابات الرئيسية التي تمثل ملحقات للسور الكبير المحيط بالمدينة التي ظلت صامدة أمام الغزاة كباب البحر، باب القبلة الجنوبية، باب الخوخة ، باب ابن ناصح بالجهة الغربية إما عبر الطريق الوطني رقم 11، الرابط بين العاصمة ووهران، مرورا بمستغانم وتيبازة، أو من الجهة الجنوبية لولاية الشلف . كما يجد المصطاف نفسه بين ثنايا المعرفة و اكتشاف الموروث التاريخي والتسلية و الترفيه ، من خلال زيارته لحي القصبة العتيقة ذات البنايات الصغيرة المنسجمة التي بناها الأندلسيون الذين هاجروا من شبه الجزيرة الايبريية ،ويفتخر سكان «الحضر «، كما يفضلون تسميتهم بهذا الحي العتيق الذي يشترك مع قصبة دلس ببومرداس و العاصمة ، من حيث تصميم المباني و الأزقة الضيقة ، يمثل مسجد سيدي بومعيزة رمزا دينيا وحضاريا و قيمة مضافة في نشر العلم و المعرفة ، لا يزال لحد الآن صامدا في مواجهة العوامل الطبيعية و البشرية تقام به الصلوات الخمس ، اذ يعود تاريخ نشأته إلى القرن 12 ميلادي ، مدينة تحتضن تمثال مريم العذراء المصنوع من مادة البرونز، كما تتناقل الأساطير و الروايات المتواترة قصة الراهبة المسحية «ماما بنات» التي يروى أنها اعتنقت الإسلام . يزداد إيقاع المدينة التي لا تكاد تنام خلال فترة الصيف إلا مع النسمات الأولى الموحية بطلوع الفجر، بعد سبات طويل خلال أشهر السنة الماضية ، و يستغل بعض أبناء المدينة الفرصة للاسترزاق من خلال كراء سكناتهم وتوسيع أنشطتهم التجارية ، حتى ربات البيوت انخرطن في مجال تحضير و بيع بعض الحلويات في مقدمتها ما يعرف باسم « البني « ، «المعسل « و «الكوشة «، الخبز التقليدي الذي يكثر عليه الطلب ، و يستغلن في ذلك عطلة أبنائهن للتحضير الدخول الاجتماعي القادم الذي يفرض ميزانية خاصة، حيث يقول الطفل منير، 14 سنة، من حي القصبة العتيق الذي يتنقل بمعية بعض أقرانه إلى مختلف الشواطئ القريبة من بينها شاطئ تنس المركزي، لبيع ما تسنى له من الحلويات التي تعدها والدته التي تعيل 5 إخوة ، بعد طلاقها من والده و ارتباطه بزوجة ثانية .