نحتاج كجزائريين إلى الانفتاح أكثر على أنواعٍ معرفية جديدة يتداولها العالم من حولنا في هذا الحوار، يتحدث الباحث والمُترجم الجزائري جمال بلقاسم، عن الدّراسات الثقافية وواقع أحوالها في الجزائر والعالم العربيّ، وعن مختلف التخصصات الأخرى التي تحيط بحقلها وتساهم فيها وتستفيد منها. كما يتحدث عن الرهان داخل الدّراسات الثقافية، وعن إشكالات إرثها النظري. وفي ذات السياق يتحدث عن القواسم المُشتركة بين النقد الثقافي والدّراسات الثقافية؟ وعن أهم العراقيل التي تُواجه حقل الدّراسات الثقافية، وغيرها من أمور وشؤون هذا الحقل المعرفيّ المتشعب والمتعدّد في تخصصاته وإسهاماته. حاورته/ نوّارة لحرش جمال بلقاسم، للتذكير، باحث ومترجم جزائري، أستاذ مساعد "أ" بكلية الآداب واللغات، قسم اللّغة العربية وآدابها، جامعة جيجل. نشر/وينشر العديد من المقالات في مجلات وطنية محكمة. من مؤلفاته: "مباحث في اللسانيات العربيّة". كما صدر له "معجم الدّراسات الثقافية" ترجمة من الإنجليزية إلى العربية عن دار رؤية المصرية 2018. وعن نفس الدار، سيصدر له عن قريب، كتاب بعنوان "الأممية الهرمينوطيقية: من هيدغر إلى ماركس للفيلسوف الإيطالي جياني فاتيمو" ترجمة من الإنجليزية إلى العربية. من المعروف أنّ الدّراسات الثقافية تختلف عن التخصصات الأخرى كالأنثروبولوجيا الثقافية مثلا، لكنّها تحيط بهذا المجال وتساهم فيه بشكل لافت. ما رأيك؟ جمال بلقاسم: هناك فرق بين دراسة الثقافة (study of culture) كالأنثروبولوجيا مثلا، والدراسات الثقافية (cultural studies) التي نشأت مؤسساتيًا وسمت نفسها بهذا الاسم. أمّا مسألة الاستفادة فهي مُتعلقة بالحقل الّذي يحاول دائما أن يستفيد من تخصصات أخرى ليصوغ في النهاية معرفته الخاصة به. ريموند وليامز مثلا استخدم الفهم الأنثروبولوجي للثقافة الّذي ساد في القرن التاسع عشر والمُرتبط بمالينوفسكي ورادكليف براون لتحديد الثقافة "كطريقة شاملة ومُمَيِّزة للحياة البشرية". بالتالي أصبحنا من داخل الدراسات الثقافية نرى أنّ المعاني والمُمارسات المرتبطة بالنساء والرجال العموميين هي ما يُشكل الثقافة. وضمن هذا السياق، اُعتبرت الثقافة نسيجًا من النصوص والمُمارسات والمعاني المولدة من طرف أي واحد منا كتوجيه لحياتنا. وكانت الآثار المُترتبة على تطبيق الفهم الأنثروبولوجي للثقافة على الثقافات الغربية الصناعية الحديثة هو القول أنّنا جميعًا مثقفون. ونعلم جميعا "كيفية المُضي قدمًا" داخل حياتنا. أضف إلى أنّه ضمن سياق الحداثة، قدم التعريف الأنثروبولوجي للثقافة إطارا نقديًا وديمقراطيًا، لأنّ فهم الثقافة كطريقة شاملة للحياة ينطوي على انشقاق عن مفهوم الثقافة بمفهومها الغربي (ثقافة مُتعالية). كما تُمكِّن هذه الحجة من إضفاء شرعية على دراسة الثقافة الشعبية ووضع أسئلة الديمقراطية الثقافية في الواجهة. الدّراسات الثقافية نوعٌ من المعرفة حول الواقع أو العالم عمومًا الدراسات الثقافية استفادت أيضا من الاثنوغرافيا، التي هي مقاربةٌ تجريبية ونظرية موروثة عن الأنثروبولوجيا، فكانت الدراسات الثقافية الاثنوغرافية مُتمركزة حول الاكتشاف الكيفي للقيم الثقافية والمعاني وعوالم الحياة بغرض إعطاء "صوت" للشعوب التي كانت تقليديًا دون تمثيل داخل الكتابات الأكاديمية الغربية. عموما يمكن القول أنّ سقوط الميتافيزيقا، أو الفلسفة الغربية أو المُنعطف المُعاصر الّذي حدث في المعرفة كان بسبب عوامل عِدة منها صعود الأنثروبولوجيا الثقافية: فحين بدأت الأنثروبولوجيا الثقافية تتشكل كحقل معرفي تمّ تقويض مقولة التقدم الخطي للإنسانية الّذي يُوجهه الرجل الأكثر تحضرا (الغربي)، وسمحت لباقي التأويلات أن تتقدم وتأخذ نصيبها في تخويل وجهات نظر أخرى. وأعتقد أنّ العمل داخل حقل الدراسات الثقافية يسير إبستيمولوجيا وفق هذا البراديغم (Paradigme). في سياق الاستفادات دائما، هل يمكن الحديث عن دراسات ثقافية يتكئ عليها النقد الأدبي/والنقد الثقافي؟ جمال بلقاسم:الطبيعة الهرمينوطيقية للعِلم، كما يرى طوماس كوهن، هي ما يحفزنا دائما على الانتقال من براديكم إلى آخر. أيّة نظرية (كنظرية الأدب مثلا) لا يمكنها أن تكون مطّردة، بل تمر بتحوّلات تحدث عبر مراحل مختلفة. هنا يمكننا أن نطرح سؤالاً استهلاليًا يتعلق بتصدّع الدراسات الأدبية، وتأزّم انجازاتها النقدية، التي ظلّت لوقت طويل توفّر نماذج منهجيّة، ومشكلات وحلول للجماعة الأدبية. ظهور الدراسات الثقافية (التي تُسمى في الوطن العربي بالنقد الثقافي أحيانا) جعل نظرية الأدب جاهزة لحلول أحجية جديدة. بالعودة إلى الحدسيات الهرمينوطيقية الكوهينية التي أشرنا إليها سابقا "فإنّ المعرفة العلمية لا تتغير من خلال المواجهة مع الوقائع الصلبة، بل من خلال العِداء الاجتماعي بين التأويلات المتبارية، المُرتبطة بالجماعات العلمية". هذا العِداء الاجتماعي أو حروب النظرية يُعلق عليه مايكل باين Michael Payne قائلا: "التحولات الرئيسية التي مسّت الدراسات الأدبية، والتي غالبًا ما تمّ مقارنتها بالتحولات المنهجية داخل العلوم، تبلورت بشكل واضح خلال الثلاثين سنة الأخيرة، هذه التحوّلات ضمنت توسعة السَنَن الأدبي، لا ليشمل الروايات والأشعار والمسرحيات التي أنتجها كتّاب كان عرقهم أو جندرهم أو قوميتهم سببًا في تهميش أعمالهم، بل ليضمّ كذلك أعمالا لفلاسفة أو مؤرخين أو محللين نفسانيين أو أنثروبولوجيين ومفكرين دينيين واجتماعيين كانوا يدرسون من قبل النقّاد سابقا كخلفيات معرفيّة (...) كثير من النقاد ومدرّسي الأدب يرون أنّ التطورات الحاصلة مؤخرا داخل نظرية الأدب تعد هامّة وخطيرة".. تجاوز الحدود التقليدية بين السياسي والجمالي والاقتصادي كان مضمّنا في أطر نظرية ومنهجية يقودها ما أسماه هبرماس "الاكتراث المعرفي بالانعتاق" من القيود السياسية والإرغامات والحُجب الإيديولوجية المُتأصلة في المواقف النصوصية. لا وجود لنصوص سنيّة مُتعالية داخل الدراسات الثقافية مادامت جميع النصوص تُقرأ بمعرفة واحدة. كِلْنَر يرى في اعتماد الدراسات الثقافية على مجموعة واسعة من الحقول المُتباينة فيما بينها مُحاولة تنظيرية للتعقيد والتناقضات المُتعلقة بآثار مختلفة مُتعلقة بأشكالنا الحياتية كالإعلام والثقافة والتواصل، كما استكشف أنّ الحقل يسعى لإبراز وظيفة الهيمنة المُختزنة في تلك الأشكال. لا وجود لمعرفة مُغلقة، كما يرى هال، المسألة مُرتبطة بموقعية الخطابات والنظريات التي لا تنتهي. والرهان داخل الدراسات الثقافية بدأ عندما أولى ممارسو الحقل أهمية بالغة لهذه الفكرة. الرهان داخل الدّراسات الثقافية، يفتح أيضا الكثير من الأسئلة الهامة والمُربكة في هذا الحقل. كيف تقرأ إشكالات الإرث النظري للدّراسات الثقافية؟ جمال بلقاسم:أسئلة الحقل الهامة تتحدّد من خلال هذه الخطاطة: العمل خارج حدود النص وداخله وضدّه ومعه، ثمّ محاولة تطوير الظّرف المضمّن فيه. هذه هي البيداغوجيا التي أعلن عنها ستيوارت هال عندما سأل عن الإرث النظري للدراسات الثقافية. بيداغوجيا تحاول أن تتقاسم فكرة ما تسمّيه أنجيلا ماكروبي "لا يقينية المعنى" التي تميز الخطابات والنصوص. أيُّ انتهاك للنصوص لا يتم عبر إنشاء هوامش خارج النصوص بل عبر اختراقها من الداخل. النقد الّذي تُمارسه الدّراسات الثقافية هو نوعٌ من النقد الثقافي ما الّذي نقاومه بالضبط، وأين يقيم؟. الثقافة تعمل دائما من خلال نصّانياتها، كما يقول هال، وهذه الميزة النصوصية للثقافة تجعل منها "منطقة انزياحية" باستمرار. إلى أين تنزاح الدلالة؟. السلطة تؤمّن دائما عبور الدلالة نحو الأسطورة. والأسطورة هنا بالمعنى الّذي استعمله رولان بارط تعني داخل الدراسات الثقافية الإيديولوجيا. الهيمنة والسّلطة تأسْطران نفسيهما باستمرار داخل تلك المنطقة المُسمّاة "الثقافة". وتتهرّبان وتتملّصان من أي محاولة لربطهما ببنيات أخرى. لذلك يذكّرنا هال بأنّ "الأثر الناجم عن تداخل النصوص فيما بينها، والبصمات التي تدلّ على أنّ النّص مصدر للسلطة، وبقع الظّل التي تتخلّل النصّانية كأمكنة للتمثيل والمقاومة، كلّها أشياء يجب أن لا تُمحى من الدّراسات الثقافية". في إشارة منه إلى أنّ إعادة ترسيم حدود النّظرية كان من خلال التفكير في مسائل الثّقافة عبر استعارات كاللّغة والنّصانية والمُمارسات الخطابيّة. ينبغي أن تُرفع راية الدّراسات الأدبيّة في المزيد من الأقاليم والأراضي الأخرى. عبارة نادى بها ستانلي فيش(S. Fish) من داخل الدّراسات الثقافيّة حينما قال: "بإمكانك أن تقدم قراءة أدبيّة لكلّ شيء، ولكن بغض النّظر عن ما ستفعله فإنّ ذلك سيظلّ مجرّد قراءة أدبيّة. قراءة تتساءل أدبيّا فقط، حول الشكل والمحتوى والأسلوب... لتتحصّل في النهاية على إجابات أدبيّة. من الغريب أنّ الكثير من النّاس يعتقدون اليوم أنّ توسيع نطاق تقنيّات التحليل الأدبي إلى التصريحات الحكوميّة والبلاغات الدبلوماسية، أو إلى الإعلانات سيورّط النقد في ما هو سياسي. إلاّ أنّ الأمر في النهاية ما هو سِوى مجرّد توسعة لنطاق نشاط المؤسّسة [النقد الأدبي]، ينبغي أن تُرفع راية الدّراسات الأدبيّة في المزيد من الأقاليم والأراضي الأخرى". هل يمكن القول أنّ الدّراسات الثقافية تُمارس حقا التحليل النقدي الكافي للمشهد الثقافي كما يجب؟ جمال بلقاسم: الدّراسات الثقافية نوعٌ من المعرفة حول الواقع أو العالم عمومًا، والمعرفة بالنسبة لهذا الحقل ليست مسألة اكتشافٍ لما هو صحيح أو خاطئ، بل هي اكتشافٌ لعميلة إنشاء تأويلات مُختلفة حول هذا العالم. تأويلات يتم اعتمادها لجعلها عالمًا صحيحًا ومليئا بأكبر قدر من الصواب السياسي مثلا. عملية النقد تبدأ من هنا، من فكرة اعتماد تأويلات دون أخرى، لأنّ ما نعرفه عن العالم هو نتيجة لتلك التأويلات التي صنعت حقائق أصبحنا نعتمدها ونعتقد بأنّها الوحيدة المُناسبة لنا. المعرفة ليست مرآة للواقع بل هي بشكل طبيعي محصورة في الثقافة. ولا وجود لموقع أرخميدي يمكن للمرء من خلاله أن يتحقق من أي مُطابقة مزعومة بين ما نقوله أو ما نُحلله أو ما ننقده والعالم الّذي نقف بإزائه. هذا سيسمح لنا بأن لا نتمسك بأوصافنا (تحليلنا) للعالم ورؤيتها كأوصاف صحيحة أو خاطئة داخل معنى المُطابقة للواقع. بل إنّ كلمة الحقيقة من الأفضل أن نفهمها كاستحسان اجتماعي بدلاً من كونها صورة دقيقة للواقع. بمعنى أن نعطي الأسباب التي تبرر مقولاتنا وأفعالنا ضمن سياق القواعد التأسيسية المشكلة بين الذوات، مع مراعاة ما يُؤسس الأشكال المشروعة للتفكير. ليست هناك مفردات نهائية في تحليلنا للواقع قد تكون صحيحة ضمن معنى التصور الدقيق لعالم مستقل يُدعى الواقع. بل إنّ مُفرداتنا نهائية فقط لأنّها حاليًا دون طعن. أمّا فكرة الكفاية، والمعرفة التي تحيط بالواقع برمته، فهي معرفة منبوذة داخل الدراسات الثقافية. لأنّ الحقل معرفيًا يقف ضدّ كلّ أشكال التفكير الأصولية والتمثيلية والميتافيزيقية (كالتنوير والفلسفة الغربيين) التي تدعي كلّ منهما بأنّها تمتلك مفتاح الباب الخلفي للعالم. ما هو واقع وحال الدّراسات الثقافية في الجزائر والعالم العربي؟ جمال بلقاسم: لستُ متابعًا جيدا لِمَا يحدث في البيئة العربيّة بخصوص هذا الحقل، ولكنّني على يقين أنّنا في الجامعة الجزائرية أصبحنا نعي أهمية هذا الحقل. ولكن الأمر يحتاج إلى إنشاء أقسام مُتخصصة في الحقل من طرف الوزارة، أو الهيئات المخولة لذلك. لأنّ مضامين الدراسات الثقافية مُوزعة على كمٍ هائل من المناهج الكيفية والكمية على السواء. وطالب الدراسات الثقافية يحتاج الإحاطة بمعارف من الاقتصاد والسياسة وعِلم الاجتماع والنفس والأنثروبولوجيا والفلسفة... وهذه الموسوعية التي تُميز الحقل تحتاج إلى برامترات مؤسساتية من أجل تطوير وجهات نظر أخرى تليق بِمَا نرغب ونأمل فيه. وما نريد أن نُساهم فيه كتحليلٍ لوضعنا الراهن. ما هي القواسم المُشتركة بين النقد الثقافي والدّراسات الثقافية؟ جمال بلقاسم: النقد الّذي تُمارسه الدراسات الثقافية هو نوعٌ من النقد الثقافي. والاضطراب الحاصل في استخدام المصطلحين من حين لآخر، هو مجرّد ارتباك حاصل في البيئة النقدية العربية، ربّما بسبب التلقي أو ربّما بسبب نوع من الفنتازيا المُرتبطة بعملية الفهم. عمومًا في البيئة الأنجلوسكسونية لا نعثر على مثل هذا التمييز، فلو سألتِ أي مُتخصص في الدراسات الثقافية سيجيبكِ بأنّ نقدهُ هو نقدٌ ثقافي. ما هي أهم العراقيل التي تُواجه حقل الدّراسات الثقافية؟ جمال بلقاسم:السؤال يبدو مُتخصصا جدا ولكن يمكن أن نلمح بإجابة قد تظهر مشكلا عالميًا تُعاني منه الدراسات الثقافية. واحد من أهم من استفادت منه الدراسات الثقافية وهو اليهودي الجزائري جاك دريدا -حتى أنّ الحقل كان يُسمى الدراسات الثقافية التفكيكية لشدة ولعه بهذا الفيلسوف- هُوجِم من قِبل بعض الفلاسفة بقيادة جون سيرل وباري سميث عام 1992 حين حاولوا أن يُقنعوا جامعة كمبريدج أن تتراجع عن قرارها في تكريم دريدا، في رسالتهم التي نشرتها مجلة "تايمز" صرّح سميث وآخرون أنّ مزاعم هذا الفيلسوف مزاعم "خاطئة ومُبتذلة" وأنّ "أعماله ليست في حجم هذه الدرجة الفخرية". هؤلاء الأساتذة أظهروا أنّهم لا يهتمون بكتابات دريدا، وقدموا مِثالا واضحًا على ما يمكن أن نُسميه تاريخ "المُنتصرين" بتعبير فاتيمو، أي التاريخ الّذي يرغب في تجنب مواقع وتقاليد وهوامش فلسفية مُختلفة عنه، يمكنها أن تهدد الاعتراف بالماركة الميتافيزيقية التي صمموها. لهذا يرى دريدا أنّ الفلسفة التحليلية لها "مقاربة إمبريالية" تهتم بتأسيس ثقافة حضارة عالمية وضعية وسكونية حيث "لن يكون بإمكان أي عمل نظري أو أدبي أو فلسفي أن تكون له شرعية ما لم يمر على الولاياتالمتحدةالأمريكية". أريد أن أقول أنّ أكبر تحدٍ يُواجهه أيّ مشروع فكريّ هو أن لا يتسبب في تصديع الحُلم الميتافيزيقي الإمبريالي الّذي يسعى إلى عالم أخلاقي مُحايد وخالٍ من الحرية، مليئا بالسلطة والهيمنة. لذلك كانت فلسفة التفكيك الحاضرة بقوة داخل الدراسات الثقافية فلسفة ذات معنى غير انتهاكي: "ليست امتلاكًا للسلطة، أو أي شكلٍ من أشكال الهيمنة". بعبارة أخرى: "إنّها طريقة لتذكير الآخرين وتذكير نفسي بمحدودية السلطة والهيمنة"، كما يقول دريدا. هذه إجابة عمومية قد يستطيع القارئ أن يستفيد منها. ما هو مستوى أو سقف التلقي الجزائري والعربي لحقل الدّراسات الثقافية؟ جمال بلقاسم: كما قلتُ لكِ سابقا نحن نحتاج إلى المزيد من الترجمات والانهماك في نشاط كتابي يجعلنا ننخرط بفاعلية في الحقل. نحتاج كجزائريين إلى الانفتاح أكثر على أنواعٍ معرفية جديدة يتداولها العالم من حولنا وهو ما يحتم علينا وضع برامترات أخرى مُتعلقة باكتساب لُغات أخرى. وفتح مراكز بحثيّة وتنويع السياقات ومقولات الفهم. لأنّ مسألة الفهم مسألة حضارية بامتياز. وأجدني أثق كثيرا في قدرات أساتذتنا وباحثينا وطلبتنا ومن يشرفون على إدارة المسألة التعليمية والبيداغوجية في الجزائر على تحقيق هذا الحلم.