عادت ظاهرة الرسم على الجدران وتنظيف المحيط إلى الواجهة بقلب مدينة تبسة، بعدما اختفت وتوارت عن الأنظار، وارتبط ذكرها وحضورها في أذهان التبسيين بتصفيات كأس العالم و»أم درمان». المبادرة هذه المرة من توقيع شباب الولاية، الذين آثروا مواكبة ما يجري في الوطن بالرسم والفن التشكيلي، حيث بادر مجموعة من الفنانين التشكيليين الشباب ومحبي الصورة و الرسم، إلى إنجاز لوحات فنية تعبيرية على واجهة بعض المباني، خاصة جدار سينما المغرب، هذه الأخيرة التي تعد من بين النقاط التي انطلقت منها مسيرات الحراك الشعبي، فترك هؤلاء الشباب بصماتهم الفنية من خلال طلاء جدران هذه المؤسسة، وتوقيع لوحات فنية ذات أبعاد ثقافية وسياسية وتاريخية مختلفة تتماشى مع ما يجري في البلاد، في الوقت الذي أقبلت فئة أخرى على غرس الأزهار والنباتات، وطلاء الأرصفة والمزهريات بقلب مدينة تبسة، و بساحة النصر وهو ما أضفى جمالا على المكان. الشباب المتطوع انقسم إلى فئة ساهمت في حملة النظافة و أخرى اختارت غرس الورود في المزهريات و طلاء الأرصفة و غيرها، في حين قام شباب بمختلف مشاربهم و تنوع ثقافاتهم بالمساهمة بالريشة و بالألوان، فرسموا بعضهم اللوحات، فكانت بمثابة رسائل للآخر، تعكس ما وصل إليه الشاب التبسي من وعي، و بأنه متابع للشأن الوطني وما يجري من أحداث متسارعة بالبلاد، كما حملت الصور و اللوحات أبعاد تبسة الثقافية والحضارية والتاريخية والبيئية، فالشباب ليس لأغلبهم انتماءات سياسية، لكنهم بالمقابل يشتركون في حب الجزائر ، و ما هذه الصور التضامنية وهذه الحركية، كما قالوا، إلا ترجمة لهذا التفاعل بإيجابية. المواطنون استحسنوا وشجعوا مثل هذه الصور التي كانت قد اختفت بعد نهاية تصفيات كأس العالم، و دعا عدد منهم الشباب المبدع والمتطوع إلى توسيع المبادرة، لتشمل أحياء و مدن أخرى بالولاية، ولما لا تنظيم حملات مماثلة لرفع القمامة التي تحاصر بعض الأحياء، مشيرين إلى أن هؤلاء الشباب بلوحاتهم، أكدوا أنهم حاضرين في المشهد الوطني. بينما دعا آخرون الشباب المبدع إلى رسم صور نابضة بالأمل، تتلاءم و تاريخ تبسة الزاخر، و تكون عبارة عن فسيفساء يحمل ثقافة و تاريخ ورموز الولاية، مع العلم أن العلم الوطني كان حاضرا في هذه الصور، مثلما حضرت صور الشخصيات التي تركت بصمتها وطنيا و ولائيا، ناهيك عن حضور الراية الفلسطينية التي ظلت مرتفعة طيلة مسيرات الجمعة الست، و ارتبطت بالحراك الشعبي كدليل أن القضية الفلسطينية قضية محورية ، حية بوجدان الشباب قبل الشيوخ. الجموعي ساكر