عرفت السنوات العشرين الأخيرة، توجها جديا من قبل الدولة و الخواص للاستثمار في مجال الرسكلة، إذ تم استحداث أزيد من ألفي مؤسسة صغيرة و متوسطة، مع ذلك، يؤكد مختصون، أن هذا القطاع المربح لا يزال متعثرا في الجزائر، إذ يشكل الاسترجاع نسبة 70 في المئة من حجم التداول، مقابل تأخر كبير في مجال التحويل، الذي لا يمكن أن يتطور، حسبهم، إلا بمواكبة التكنولوجيا، و قبل ذلك تحيين القوانين المنظمة لنشاط الرسكلة، و تطبيقها فعليا على أرض الواقع، بما يسمح بتوسيع مجالات تدوير النفايات على مستوى وحدات الجمع نفسها، فضلا عن وضع حد للسوق الموازية التي تهدد البيئة و تعيق التأسيس لاقتصاد أخضر حقيقي في بلادنا. إعداد: هدى طابي أزيد من ألفي مؤسسة تنشط في مجال تدوير النفايات دخلت الجزائر مجال الرسكلة سنة 2001، بعدما أقرت الدولة مخططا وطنيا لتسيير النفايات يحصي 1138نوعا من المواد القابلة للاسترجاع، و استحدثت الوكالة الوطنية للنفايات ومراكز الردم التقني، التي حولت المفرغات العموميات من مجرد مكبات إلى مؤسسات اقتصادية، هي اليوم حلقة في سلسلة العملية التحويلية التي تتحكم في عصبها وحدات تتمركز بمدن سطيف و برج بوعريريج و المدية و المسيلة. في سنة 2017، أحصت الوكالة الوطنية للنفايات أكثر من ألفي مؤسسة اقتصادية ناشطة في مجال الرسكلة، بالمقابل قدرت وزارة البيئة، حجم النفايات المنزلية التي ترمى سنويا في الجزائر، بحوالي 770 ألف طن تعد في مجملها مادة أولية، من شأنها تحقيق قيمة مالية مضافة تعادل 30.5 مليار دج سنويا، في حال استغلت بالشكل المطلوب. نسبة استرجاع النفايات الصناعية لم تتجاوز بعد 7 في المئة وحسب معطيات ذات الوكالة، فإن نشاط استرجاع النفايات الصناعية في الجزائر يسير بوتيرة بطيئة مقارنة، بتدوير النفايات المنزلية و الصلبة، وهو أمر أرجعه الكثير من الفاعلين في سوق الرسكلة، إلى عراقيل تتعلق بقوانين تنظيم النشاط و تكلفة التدوير العالية الناجمة عن استيراد التكنولوجيا، وعليه فإن نسبة استرجاع هذا النوع من النفايات لم تتجاوز، حسبهم، حدود 6 إلى 7 في المئة، بالرغم من أن الدولة أطلقت برنامجا خاصا تحت مسمى المخطط الوطني لتسيير النفايات الصناعية، وهو مخطط تم بموجبه إدراج تخصصات تقنية ومهنية دقيقة عبر مختلف الجامعات الجزائرية و مراكز التكوين المهني. البلاستيك يسيطر على ثلثي نشاط الرسكلة النصر، حاولت الوقوف على واقع هذا المجال الاقتصادي في قسنطينة، حيث قادنا استطلاع ميداني لعدد من وحدات الاسترجاع و التدوير، التي أنشأت، حسب ملاكها، في إطار صيغ الدعم، على غرار» أونساج» و «كناك» و «أونجام»، وذلك بداية من سنة 2007 ، و جاءت تفعيلا للمخطط الوطني لتسيير النفايات الصناعية، وهي وحدات تنشط عموما في بلديات عين سمارة ،ابن باديس، ديدوش مراد ،عين عبيد ، زيغود يوسف، علي منجلي ، مسعود بوجريو و مناطق أخرى، و تختص إجمالا في مجال الاسترجاع و المعالجة و بنسبة أقل التحويل، علما أن البلاستيك يأتي في المرتبة الأولى من حيث النشاطات الأكثر انتشارا، يليه الورق . حسب مديرية الصناعة بقسنطينة، فإن هنالك اهتماما متزايدا بنشاط التدوير، إذ تشير إحصائياتها أن كمية النافيات الصلبة التي يتم التخلص منها سنويا، تعادل 280 ألف طن، يشكل البلاستيك نسبة 60 في المئة من مجملها، إذ يبلغ معدل استهلاك البلاستيك في الجزائر 23 كلغ للفرد، و تعد بلادنا أكبر مستورد لهذه المادة في إفريقيا، حيث تكمن قيمة البلاستيك في كونه يحول إلى مادة إسفنجية «لاواط»، تدخل في تصنيع المفروشات و الملابس و الكثير من المنتوجات، كما أوضح رئيس مصلحة تسيير المشاريع السيد حباطي، مؤكدا للنصر، بأن ولاية قسنطينة تحصي حاليا وحدتين صناعتين لرسكلة البلاستيك بالمنطقة الصناعية بديدوش مراد، في حين سجلت أمانة الاستثمار عدة مشاريع جديدة استفاد أصحابها من قطع أرضية بمساحة إجمالية قوامها 109324.1هكتار، و يتعلق الأمر ب 17 مؤسسة، توظف 1981 عاملا، أما عن نوعية النشاطات التي تعنى بها ، فيأتي تدوير البلاستيك بمعدل 6 وحدات، متبوعا بخمس وحدات لرسكلة الورق، و ثلاث وحدات لرسكلة المطاط، إضافة إلى 3 وحدات لرسكلة المواد الحديدية و الزيوت. إبراهيم بن غرس لله مستثمر 10ملايير سنتيم للانتقال من الجمع إلى التحويل مؤسسة « ديبري»، للمستثمرين إسماعيل و إبراهيم بن غرس الله، هي واحدة من أهم الوحدات الناشطة في مجال الرسكلة في قسنطينة، حيث دخلت المجال، حسب السيد إبراهيم، سنة 2007، و انتقلت تدريجيا من تجميع و فرز الورق و الكرتون، إلى استرجاع الحديد و النحاس و البطاريات، وبالأخص البلاستيك، الذي استثمرت فيه الشركة بشكل واسع، إذ يقوم نشاطها على جمع و تثمين البلاستيك، و تطهيره و فرزه، و من ثم تمريره على آلة الضغط، قبل بيعه لوحدات التحويل الكبرى، وهي شركات تعد على رؤوس الأصابع، كما قال، إذ لا يزيد عدد المؤسسات التي يتعامل معها في مجال تحويل الورق و البلاستيك عن 10 وحدات، بالمقابل فإن غالبية الورشات و الشركات الأخرى تعنى فقط بالاسترجاع أو المعالجة الابتدائية» فرز الورق و تقطيعه، ضغط البلاستيك تقطيعه بعد تطهيره وفرزه». مع ذلك كشف السيد بن غرس الله، بأنه بصدد إنجاز وحدة لتحويل كل أنواع البلاستيك إلى مادة أولية « حبيبات البلاستيك»، بفضل استثمار جديد كلفه 10 مليار سنتيم، تضاف إلى قيمة استثمار ثان قوامه 20مليار سنتيم، قال بأنه باشره مؤخرا، ويخص إنتاج السماد العضوي من أغصان الأشجار و نفايات مصانع التعليب، ناهيك عن النفايات التي تفرزها محطات تصفية المياه، والتي ينوي تحويلها إلى تركية عضوية مفيدة للنشاط الفلاحي. نوع النفايات الموجهة للرسكلة سعر القنطار البلاستيك من 2000الى3000دج الورق من 500الى700دج النحاس 30000دج الحديد 19000دج البطاريات بين200دج إلى 500دج للبطارية الواحدة تطوير الاقتصاد البيئي في الجزائر رهينة مراجعة قانون 2001 بخصوص واقع و تحديات هذا التوجه الاقتصادي الجديد، يوضح المستثمر، بأن الإشكال الأول يمكن في سوق التجميع الموازية، التي تعد خطرا حقيقيا على البيئة، لأن الناشطين فيها لا يلتزمون، حسبه، بالإجراءات الوقائية للمياه الجوفية التي يقرها قانون 01/19/2001، المتعلق بآليات تفعيل المخطط الوطني لتسيير النفايات. علما أن ثاني عائق أمام تطوير الاقتصاد الأخضر، هو بعض نصوص هذا القانون، التي قال بأنها بحاجة إلى تحيين، في حين تحتاج مواد أخرى إلى تطبيق فعلي على أرض الواقع، مضيفا بأنه سبق له و أن قدم مقترحا بمعية مجموعة من المستثمرين المحليين لوزيرة البيئية فاطمة الزهراء زرواطي، تخص ضرورة تحيين و مراجعة القوانين الحالية. أما النقطة الثالثة، حسبه، فيمكن اختزالها في كلمة واحدة وهي التكنولوجيا فمشكلتنا في الجزائر ،على حد تعبيره، تكمن في أننا لا نواكب التطور الحاصل في مجال تقنيات الاسترجاع بسبب تكلفة التكنولوجيا المستوردة « الآلات»، ناهيك عن عدم اهتمام الجامعة الجزائرية بتطوير البحث العلمي في هذا الجانب، خصوصا في ظل وجود بعض النفايات التي تصعب رسكلتها، على غرار بعض أنواع الزجاج و الزيوت الصناعية. مسيرو مؤسسة الباديسية لاسترجاع و فرز النفايات السوق الموازية تهدد مستقبل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة في سنة 2003 أسس كل من جمال تباني و غلام شعابنة ، مؤسسة مصغرة في إطار صيغة «أنساج»، لاسترجاع وفرز النفايات، حيث كانت البداية بنشاط الورق، قبل أن تتجه الورشة إلى توسيع مجالات الاسترجاع بسبب مشاكل مالية، أبرزها هو ضعف المردودية في هذا المجال، الذي كثيرا ما تزيد أعباؤه عن أرباحه، خصوصا في ظل المنافسة الشرسة التي يفرضها جامعو النفايات غير النظاميين، الذين ينعشون نشاط السوق السوداء أو السوق الموازية على حساب مستقبل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة، نظرا لعدم تكافؤ كفة الالتزامات القانونية و التنظيمية و الأعباء المالية بين الطرفين. وحسب جمال تباني، فإن المشكل يمكن في أن الجمع العشوائي، يحرم المؤسسات النظامية من المادة الأولية « النفايات»، لأن هؤلاء كثيرا ما ينافسون الشركات المتخصصة على نفايات بعض المصانع و الشركات التي لا تتوانى عن منحهم إياها، رغم أن القوانين المنظمة لنشاط التدوير و الرسكلة في الجزائر، تؤكد على أولوية المسترجعين المرخصين، غير أن الواقع، حسبهم، مخالف لما تنص عليه المراسيم و التشريعات التي لا يزال جزء كبير منها، كما عبروا ، غير مفعل بالشكل اللازم للدفع بقطاع الرسكلة. و حتى البيروقراطية، كما أضافوا، طالت هذا النشاط، فالعديد من الإدارات و المؤسسات تفضل على حد قولهم، حرق الورق، على منحه لورشات الاسترجاع و الفرز، بحجة أنه ورق رسمي. من جهته أكد غلام شعابنة، بأن العديد من مؤسسات الاسترجاع، قادرة على الانتقال إلى مرحلة التحويل الجزئي في حال حظيت بالدعم و المرافقة المطلوبين، ناهيك عن توفر ضمانات تخص حماية الاستثمارات من تبعات السوق الموازية، ف»الباديسية» ، حسبه، تسترجع وحدها سنويا ما يقارب 600 طن من الورق والكرتون، بمعدل 30 إلى 40 طنا شهريا، مقابل 6 أطنان من البلاستيك و 20طنا من الخشب، ناهيك عن طنين من الزجاج، الذي أشار محدثنا، إلى أن استرجاعه يطرح كأحد مشاكل النشاط، خصوصا وأن هناك أنواعا غير قابلة للرسكلة من جهة، كما ترفض مراكز الردم قبولها من جهة ثانية، وهو نفس المشكل الذي يشمل أنواعا عديدة من النفايات الأخرى. 30 مؤسسة خاصة تنشط في المجال بقسنطينة 800 مليون سنتيم مداخيل مراكز الردم التقني من الاسترجاع بقسنطينة تشرف المؤسسة العمومية الولائية لتسيير مراكز الردم التقني، على 7وحدات استرجاع وتثمين وتحويل، 5 منها قيد النشاط، وقد حققت خلال العام الماضي مداخيل بقيمة 800 مليون سنتيم، رغم تأخر العديد من المسترجعين المتعاقدين معها عن دفع مستحقاتها العالقة، خصوصا و أنها تشرف على تسيير مراكز تستقبل يوميا أطنانا من النفايات التي تفرزها 5 بلديات تعمل على تجميعها مؤسسة ولائية و 32 وحدة بلدية. حسب مسؤولة الدائرة التقنية ب « سي أو تي»، قسنطينة، فإن البلاستيك « قارورات الماء المعدني على وجه الخصوص»، يعد المادة الأكثر طلبا في مجال التجميع، لكونه سهل التحويل و متعدد الاستخدامات، ثم يأتي بعده الورق، و هي النفايات التي تشكل نسبة كبيرة من نشاط مؤسسات الرسكلة الخاصة الموجودة على مستوى الولاية و عددها 30 وحدة، 6 منها فقط تقوم بالتحويل، قصد الإنتاج أو التصدير. و نظرا للأهمية الاقتصادية الكبيرة للنفايات، فقد أوضحت مسؤولة الدائرة التقنية بالمؤسسة، بأن هيئتها تخطط للانتقال من الاسترجاع إلى التدوير ، إذ باشرت العمل على مشروع لتحويل النفايات العضوية إلى سماد طبيعي، خصوصا وأن مراكز الردم و التحويل و التثمين التابعة لها، استقبلت السنة الماضية ما يزيد عن 396 ألفا و 190كلغ من البلاستيك، و 12 ألفا و 231كلغ من الورق، و 13ألفا و 860كلغ من الحديد و 152 كلغ من النحاس. مدير البيئة لولاية قسنطينة أرزقي بوطريق الاسترجاع يشكل نسبة 70 في المئة من نشاط الرسكلة في الجزائر يؤكد مدير البيئة بقسنطينة، و هو مسير سابق لإحدى المؤسسات العمومية الولائية لتسيير مراكز الردم التقني، بأن الحديث عن الرسكلة يجرنا للحديث عن سوق بملايير الدينارات، وهي حقيقة وقفت عليها الدولة من خلال تجربة واد السمار في العاصمة،كما قال، فهي المنطقة التي كانت تعد إمبراطورية الاسترجاع، أنجبت ميليارديرات من لاشيء، قبل أن تقرر الحكومة الجزائرية بداية من 2008، إنشاء مراكز الردم التقني للاستثمار بشكل فعلي في مجال رسكلة النفايات. و حسب المسؤول، فإن هذا الإجراء الذي أقرته الدولة، ساهم بشكل كبير في التحكم في النشاط الفوضوي الذي كان يشوب المفرغات البلدية، و تقنين جانب كبير من عمليات الاسترجاع، كما حقق قيمة اقتصادية مضافة، حيث ساهم في بروز عدد معتبر من المؤسسات الاقتصادية الصغيرة و المتوسطة التي أنشئت في إطار صيغ الدعم» أونساج» و «كناك» و «أونجام»، بغرض خلق سلسلة إنتاجية تنطلق من نشاط التجميع أو الاسترجاع الذي يشكل نسبة 70 في المئة من مجمل تعاملات هذه السوق، ووصولا إلى نشاط التحويل، الذي يتمركز عموما في أربع ولايات هي سطيف، برج بوعريريج ، المدية و المسيلة، وهو نشاط محصور في عدد محدود من المصانع الكبرى، نظرا لتكلفة الاستثمار فيه، إذ تصل تكلفة بعض محطات التطهير و التقطيع إلى مليار و 200 مليون سنتيم. من جهة ثانية أوضح المسؤول، بأن نسبة 1 في المئة فقط، هي ما يتم استرجاعه من إجمالي النفايات الموجهة للردم في الجزائر، فمن أصل 100طن، كما قال، لا يمكننا سوى استرجاع 30 إلى 40 طنا قصد رسكلتها، وذلك نظرا لتكلفة العملية، عليه فإن نسبة كبيرة من الشركات التي تشتغل في هذا المجال، تنشط إما في مجال الاسترجاع وحده ، أو في مجال التحويل الجزئي. مدير المؤسسة الولائية للنظافة و الصحة مسعود زعطوط المواطن هو الحلقة الأضعف أكد مدير المؤسسة الولائية للنظافة والصحة العمومية بقسنطينة مسعود زعطوط، بأن المواطن يعد الحلقة الأضعف في عملية الاسترجاع، لأنه لا يساهم بأي شكل في عملية جمع القمامة، إذ لا يلتزم الكثيرون بمواقيت إخراجها و منهم من لا يزالون يرمون النفايات من النوافذ و الشرفات، حتى أن البعض لا يستخدمون الأكياس البلاستيكية أصلا، وهو الأمر الذي يصعب عملية الاسترجاع. و أضاف المسؤول، بأنه من غير الممكن الحديث عن الفرز الابتدائي على مستوى الأحياء، لأن سكانها يفتقرون للوعي الكافي للمساهمة في إنجاح هذا المسعى، بسبب عدم إدراكهم لأهمية تنظيم النفايات و الانضباط في إخراجها و رميها، وهو ما يجعل عملية فرزها و استرجاعها شبه مستحيلة، لذلك تكتفي المؤسسة، كما أوضح، بجمع القمامة و تحويلها مباشرة إلى مراكز الردم التقني، أين تتم رسكلتها. للاشارة، فإن القسنطينيين يرمون يوميا ما يعادل 95 إلى 105أطنان، من النفايات المنزلية،علما أن قطاع علي منجلي يعد الأهم من حيث استرجاع النفايات الصلبة و ذلك بمعدل 70 طنا يوميا. رئيس جمعية "آبنو " عبد المجيد سبيح الردوم و الأجهزة الكهرومنزلية لا تزال معضلة بيئية يرى رئيس جمعية حماية الطبيعة و البيئة بولاية قسنطينة، السيد عبد المجيد سبيح، بأن الجزائر خطت خطوة بناءة في مجال حماية المحيط من خلال تبنيها لمخطط وطني لتسيير النفايات، و توجهها نحو تشجيع الاقتصاد الأخضر عبر سن قانون 2001، و استحداث مؤسسات لتسيير المساحات الخضراء على مستويات محلية، و مع ذلك تبقى خطواتها محتشمة، حسبه، و لم تحقق بعد الهدف المرجو منها، خصوصا وأن المخطط التوجيهي لتسيير النفايات يتضمن بعض الثغرات، خصوصا ما تعلق بنشاط مراكز الردم التقني ومدى احترامها للمعايير البيئية المطلوبة، بدليل مشكل تلوث محيط بلدية ابن باديس بسبب مركز الردم «بوغارب»الذي أثير سنة2013، و وصل حد مطالبة مسؤولي البلدية لمديرية البيئة بالتدخل و تخصيص أجهزة لامتصاص الروائح الكريهة و منع انتشارها و الحرص على معالجة القاذورات دون دخان، في حين تحدث السكان حينها، عن ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان بسبب تلوث الهواء الناجم، حسبهم، عن حرق نفايات حديدية و طبية، بل و أعضاء بشرية. من جهة ثانية، يرى المتحدث بأن عملية جمع النفايات المنزلية و الصناعية بقسنطينة، بحاجة إلى مراجعة ، خصوصا وأن الأمر يتعلق بأطنان يرميها يوميا مئات الآلاف من الأشخاص، بالإضافة إلى مؤسسات صناعية عديدة، فالآليات الحالية ، كما عبر، غير كافية وهو ما نقف عليه من خلال الانتشار العشوائي للبلاستيك و المطاط و الأغصان في الطبيعة. و تبقى المعضلة الأهم هي الردوم الناجمة عن عمليات البناء و الهدم، ناهيك عن الأجهزة الكهرومنزلية، وذلك على اعتبار أن هذه النفايات لا تتم رسكلتها في الجزائر، بسبب نقص التقنية و انعدام نشاط تدويرها، وهو ما يدفعنا، حسب السيد سبيح، للحديث عن ضرورة تشجيع الاستثمار في مجال الرسكلة و توسيعه بشكل يشمل كل المواد التي تعمر طويلا في الطبيعة و تضر بها. علما أن إرساء سياسة اقتصادية وطنية، لا يمكن أن يتم دون المرور عبر الحلقة الأهم، و هي المواطن، فعملية الفرز الابتدائي للنفايات، يجب أن تتم على مستوى المؤسسات الصناعية و الأحياء السكنية بالدرجة الأولى.