الحكومة تتخوف من تراجع أسعار المحروقات وتستبعد العودة إلى الاستدانة من الخارج كشف وزير المالية، كريم جودي، عن إمكانية عودة العمل بصيغة القروض الاستهلاكية مستقبلا، بشروط إرساء قواعد إنتاج وطني ونسبة اندماج وطنية عالية في الصناعات المختلفة. وقال بان القرض الاستهلاكي كان في صالح الشركات الأجنبية، وتسعى الحكومة في توجيه هذا القرض لترقية الإنتاج الوطني، وأعلن الوزير من جانب آخر عن الشروع في إلغاء وجدولة ديون المؤسسات العاجزة كما تم الاتفاق عليه في ثلاثية ماي الفارط، موضحا بان الحكومة قررت إلغاء 80 مليار دينار من الديون وجدولة ديون بقيمة 200 مليار دينار. أكد وزير المالية، بان الجزائر لن تلجأ إلى السوق الأجنبية للاقتراض من اجل تمويل البرامج الاستثمارية الجاري انجازها، وقال جودي في تصريح لحصة "ضيف التحرير" للقناة الإذاعية الثالثة، أن الاحتياطي المالي للجزائر يمكنها من مواصلة تنفيذ البرنامج التكميلي من خلال الاعتماد على المصادر المالية المتوفرة محليا دون الحاجة إلى طلب تمويلات من الخارج. واعترف الوزير، بان الأوضاع الاقتصادية التي تعرفها الدول الأوروبية، قد تكون لها انعكاسات على الجزائر، وأضاف قائلا "لا يوجد أي مسؤول أجنبي يمكنه أن يقدر حاليا حجم الإخطار التي تتهدد الاقتصاد العالمي" مضيفا بان "الجزائر قد تتضرر من هذه الأزمة في حال تراجع أسعار المحروقات" وأكد المسؤول الأول عن قطاع المالية، إمكانية إعادة بعث القروض الاستهلاكية، دون أن يحدد موعدا للترخيص للبنوك بمنح القروض، بعدما تم توقيفها العام 2009، وقال جودي، أن مصالحه تفكر في إعادة الترخيص للبنوك ومنح قروض الاستهلاك لكن بشروط إرساء قواعد إنتاج وطني ونسبة اندماج وطنية عالية في الصناعات المختلفة. وأكد كريم جودي أن قرار منع منح قروض الاستهلاك كان في سبيل حماية المواطنين من المديونية المفرطة تجاه البنوك، بالإضافة إلى تقليص فاتورة الواردات. مشيرا بان القروض الاستهلاكية كانت في السابق لفائدة الشركات الأجنبية، ولم تستفد منه الشركات الوطنية، ما دفع بالحكومة إلى تغيير سياستها.من جانب أخر، كشف الوزير، بان البنوك العمومية شرعت في عملية إعادة جدولة ديون الشركات التي تعاني من مشاكل مالية، بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال اجتماع الثلاثية، وتنفيذا للقرارات التي تم اتخاذها خلال اجتماع مجلس الوزراء، وقال بان البنوك قامت بتحديد قائمة أولى بأسماء عدد من الشركات التي ستستفيد من العملية، وتم إخطار منظمات أرباب العمل. وأفاد وزير المالية كريم جودي، أن العملية تتضمن جدولة الديون، وإلغاء للفوائد المصرفية غير المحصلة والمرتبطة بالقروض التي منحتها المؤسسات المالية للشركات المعنية بالقرار، موضحا بان الإجراء لا يحتاج إلى صدور مراسيم تطبيقية، وقال بأن قيمة الديون المستحقة على المؤسسات التي تعرف صعوبات مالية والتي سيتم إعادة جدولتها ستصل إلى 200 مليار دج. كما أفاد الوزير انه إلى إعادة جدولة هذه الديون المستحقة للبنوك على المؤسسات فإن البنوك ستتنازل عن 80 مليار دج من الرسوم المصرفية غير المحصلة. وذكر أن هذا الدعم يضاف إلى تخفيض نسبة الفوائد على القروض الاستثمارية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الموجودة في وضعية مالية حسنة وقادرة على الاستمرار. وعلاوة على جدولة الديون البنكية تعهدت الحكومة خلال الثلاثية بتوسيع هاته العملية لتشمل الديون الجبائية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وبخصوص المطالب المتعلقة بخفض الضغط الجبائي، قال الوزير، بان اللجان المشتركة التي أوكلت لها مهمة دراسة الملف، اقتراح عدة تدابير، وتم اتخاذ 100 إجراء، منها 30 إجراء جبائيا تضمنها مشروع قانون المالية للعام القادم، وهي تدابير تهدف إلى خفض الضغط الجبائي، وتبسيط بعض التدابير الإدارية، من خلال تمديد آجال التسديد. وبخصوص رفض الحكومة خفض الضريبة على الدخل الإجمالي، الذي طرحته المركزية النقابية، قال ، أشار الوزير بان الحكومة قررت تشكيل فوج عمل لدراسة الملف وتقديم الاقتراحات المناسبة، مضيفا بان الضريبة على الدخل لا تشمل كل العمال، بحيث يستفيد المتقاعدون من تخفيضات بنسبة 40 بالمائة، كما تستفيد المنح التي تقل عن 20 ألف دينار من إعفاء من تسديد هذه الضريبة. وأشار جودي، أن الضريبة على الدخل تمثل حاليا 25 بالمائة من الإيرادات الجبائية العادية، كما عرفت زيادة بنسبة 20 بالمائة بعد الارتفاع الذي عرفته أجور فئات واسعة من الموظفين والعمال، مشيرا بان الحكومة تسعى لرفع مستوى التحصيل الجبائي، بحكم أن الضغط الجبائي هو حاليا الأقل بين دول الحوض المتوسطي، ما يعنى بان الحكومة لن تقدم على خفض جديد للضرائب، مشيرا في السياق ذاته، بان فرض ضريبة على الثروة أو على السيارات الفخمة لن يكون له اثر كبر على مستوى التحصيل الضريبي. لجنة حكومية تدرس إمكانية رفع منح التقاعد وبخصوص ملف التقاعد، أكد وزير المالية، بان الحكومة اقترحت دراسة الملف بكل جوانبه، موضحا بان لجنة على مستوى وزارة العمل ستتولى دراسة الملف لاقتراح التدابير الكفيلة بتمويل أي زادة في منح التقاعد، وقال بان الزيادة تتم على مستويين، الأول يتم في إطار التضامن الحكومي من خلال الإعانات التي ستقررها الدول لتثمين المنح.اما الشق الثاني فسيتم الحسم فيها عن طريق الحوار، من خلال دراسة كل الآليات المتاحة لإقرار زيادة جديدة، والبحث عن كل الوسائل المتاحة لإقرار هذه الزيادة بعيدا عن الريع النفطي، مشيرا بان أي زيادة لا يجب أن تعتمد على إيرادات المحروقات، بل من خلال وسائل مالية أخرى تسمح بضمان ديمومة منظومة التقاعد، وأضاف بان الحكومة ستتفاوض مع أرباب العمل حول نسبة مساهمتهم في هذه الزيادة، نافيا أن تكون تنظيمات الباترونا قد عارضت خلال الاجتماع الأخير للثلاثية رفع مشاركتها. وفيما يتعلق بمصير المادة 87 مكرر من قانون العمل، قال الوزير، بان اللجنة المكلفة بدراسة الملف، سيتم تنصيبها قبل نهاية الأسبوع الجاري، وستقوم بدراسة الأثر المالي الذي سيترتب عن إلغاء هذه المادة، كما ستقدم الحلول المناسبة لمعالجة كل الحالات المطروحة.