أكدت الاعلامية رنا صيداني في جلسة تدريب نظمتها أمس أكاديمية «دوتشه فيله»، أن الصحفيين العرب يواجهون اليوم تحديات عديدة خلال ممارسة المهنة، ما يقتضي تحرّي الدقة و تقديم المعلومة الصحيحة التي من شأنها محاربة الخوف، مع الابتعاد عن التهويل و الحرص على انتقاء العبارات و المصطلحات المستعملة. و نظمت الأكاديمية الألمانية جلسة «ويبينار» مباشرة شاركت فيها النصر عبر تطبيق «زوم»، وحملت عنوان «الإعلام في قلب الأزمة.. نصائح للإعلاميين لتغطية مهنية خلال أزمة الكورونا»، وخلالها قدّمت الصحفية رنا صيداني وهي رئيسة قسم الإعلام في منظمة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مجموعة من النصائح التي لخصتها في 19 نقطة. و ذكرت الصحفية أن أول نصيحة مرتبطة بالتغطية الاعلامية خلال أزمة الوباء العالمي، هي عدم وصف فيروس كورونا بالقاتل أو الفتاك، فبناء على أرقام منظمة الصحة العالمية، يتبين أن غالبية المصابين يتعافون، و مثل هذه التوصيفات تسبب ذعرا غير مبرر، مضيفة أن نشر تساؤلات من قبيل «إذا انهار النظام الصحي في إيطاليا البلد المتطور، فما الذي سيحصل لنا نحن العرب؟»، يقدم مقارنات غير صحيحة لأن الظروف و التركيبة السكانية و الأنظمة الصحية تختلف من بلد إلى آخر، كما أن ازدياد أرقام الوفيات لا يعني أن الوضع خطير لأن هناك الكثير من الحالات التي أصيبت لكنها لم تذهب إلى المستشفيات، لأن أعراضها خفيفة و تماثلت للشفاء. كما دعت المسؤولة الإعلامية السابقة بمنظمة الصحة العالمية ومنظمة أطباء بلا حدود و الصليب الأحمر، إلى تغطية الأخبار المتعلقة بالحجر بطريقة إيجابية و عدم وضع عناوين من قبيل «كورونا يحبس العالم»، أو «كورونا يعتقل الناس في منازلهم»، إذ من الأفضل إبراز فوائد الحجر في الحد من العدوى و تقديمه على أنه وسيلة لتخفيف خطورة الإصابة، مع استعراض نصائح و إرشادات بهذا الخصوص، و إلقاء الضوء على فوائد التباعد الاجتماعي. وتضيف رنا صيداني التي تمتلك خبرة 19 عاما في العمل الإعلامي، أن نشر صور كاريكاتورية أو عناوين تتضمن عبارات مثل «لا تخافوا، كبار السن فقط معرضون لخطر كورونا»، يثير الرعب لدى هذه الفئة و أيضا لدى أفراد عائلاتها، إذ يجب عوض ذلك، تقديم نصائح حول كيفية تخفيف خطورة الإصابة عنهم و عدم زيارة من لهم أمراض تنفسية والتأكد إن كانوا يتوفرون على الأدوية اللازمة وغيرها من الإرشادات. «التشكيك في إرشادات الحكومات يفتح المجال لغير المتخصصين» و ذكرت منشطة «الويبينار» أنها لاحظت تشكيك بعض الصحفيين في الإجراءات التي تتخذها الحكومات و في مدى فعاليتها، معلقة بالقول «لا تشككوا في هذه النصائح لأنها مأخوذة من إرشادات منظمة الصحة العالمية المثبتة بناء على البحث العلمي و التحليل، بالتشكيك نزيد من خطورة الإصابة فلا تكسروا هذه الثقة التي يحتاجها المواطن»، و تؤكد المتحدثة أن مثل هذه الأمور تفتح الباب أمام أشخاص غير مختصين مثل خبراء الأعشاب، بتقديمهم نصائح و إرشادات غير دقيقة. صيداني أكدت أيضا أنه من الخطأ نشر أسماء المصابين بفيروس كورونا و ذكر عناوينهم و تفاصيل حياتهم، وقدمت مثالا عن حالة أول سيدة مصابة بلبنان تم نشر معلوماتها الشخصية فتعرضت إلى حملة تنمر و صارت عرضة لخطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي، داعية إلى الأخذ بعين الاعتبار الأثر السلبي لمثل هذه المواضيع، فالأمر قد يتعلق بالسبق بالنسبة للصحفي، لكنه يمثل بالنسبة لامرأة كهذه، حياتها، مضيفة أنه يجب إظهار تعاطف مع المصابين. كما دعت المتحدث إلى اختيار الكلمات المستعملة بعناية، مثلا، لتجنب التنمر ضد الآسياويين في البلدان العربية ما قد يعرضهم للخطر إذا أصيبوا بالوباء لأنهم لن يطلبوا مساعدة طبية و إذا طلبوها تكون نسبة شفائهم قد تضاءلت، مؤكدة كذلك على ضرورة التأكد من المعلومة و الاستناد إلى المصادر الموثوقة على غرار منظمة الصحة العالمية و وزارات الصحة و جمعيات الهلال الأحمر و الصليب الأحمر، إلى جانب عدم الاعتماد على الرسائل الصوتية مجهولة المصدر و المضامين المنشورة على وسائل التواصل. و شددت الاعلامية أيضا على أهمية توخي الحذر في صياغة العناوين، فقد يسعى الصحفي إلى أن تجلب المتلقي، لكن يجب أن يحرص على أن تكون هذه العناوين حقيقية، لأن قارئ اليوم ليس لديه الوقت لقراءة كل المقال، مضيفة أنه و قبل استضافة أي خبير يجب التأكد أنه له مصداقية في المجال صيداني انتقدت أيضا استعمال عبارات مثل «حالة مشتبه بها» أو «حالة مؤكدة»، مقترحة استخدام «شخص مصاب» أو «شخص ربما أصيب» بدلها، فكلمة مشتبه تعطي الانطباع أن المريض ارتكب جريمة، داعية أيضا إلى تجنب الأخبار التي تثير الخوف، من قبيل «الدواء لن يُطور قبل عدة سنوات»، أو الحديث عن أن العلاج سيتوفر للعرب في وقت متأخر، و بدل ذلك يجب التركيز على الأمور التي نعرفها، ونقل أخبار و قصص إيجابية تخص على سبيل المثال أشخاصا تماثلوا للشفاء و الأبطال الذين لا يراهم أحد على غرار الأطباء و الممرضين و رافعي القمامة، مع نشر المبادرات المجتمعية الهادفة. و خلصت الخبيرة إلى التأكيد بأن دور الاعلام في ظل انتشار وباء كورونا أصبح أكثر أهمية لأن الناس في منازلهم يقرؤون و يرون ويسمعون المضامين الاعلامية أكثر من أي وقت مضى، وبذلك أصبح الصحفيون مؤثرين في المجتمع، لهذا يجب طمأنة المواطنين بأن الأمر يتعلق بأزمة ستنتهي مثلما انقضت الأزمات الانسانية التي سبقتها، لتعلق قائلة «يمكننا أن نحارب الخوف بالمعلومة الصحيحة و الابتعاد عن التهويل».