أكد والي قسنطينة، ساسي أحمد عبد الحفيظ، نهاية الأسبوع الماضي، أن الإدارة لم توجه أي أوامر أو تعليمات رسمية بدفن المتوفين المصابين بفيروس كوفيد-19 في مساحات معزولة من المقابر، معتبرا أنه توجه غير مقنن، في حين كشف عن تخصيص 5 ملايير سنتيم من أجل إنجاز مقابر جديدة، في علي منجلي وقسنطينة وبلديات أخرى. وجاء تصريح والي قسنطينة خلال النقاش الذي أعقب عرض تقرير لجنة التعمير وتهيئة الإقليم بالمجلس الشعبي الولائي خلال أشغال دورته العادية الثالثة لعام 2020، التي جرت بين يومي الأربعاء والخميس الماضيين، حيث كان الدكتور عبد الله بن عراب، رئيس لجنة الصحة بالمجلس، آخر المتدخلين، ودعا والي قسنطينة إلى إعادة النظر في الطريقة المتبعة لدفن المتوفين المصابين بفيروس كورونا، قائلا: "لاحظنا وجود مقابر مخصصة لدفن الموتى المصابين بفيروس كورونا ويتم وضع الجير فوق جثثهم وكأنهم مصابون بالطاعون؛ حتى صارت العائلات تخجل وتخفي إصابة أمواتها بالفيروس". وتساءل المنتخب "على أي أساس اتخذ قرار دفنهم في مكان منعزل؟". وشرح الدكتور كلامه بالمعلومات الطبية التي تؤكد أن الجسد الميت لا يصبح معديا، مكررا تساؤله عن سبب العزل ووضع المتوفين في توابيت مغلقة، في حين رد عليه الوالي بالتوضيح أن "الولاية لم تصدر أي أمر بدفن موتى كوفيد على جنب" لكنه ذكّر الحضور بالخوف الذي استشرى في بداية ظهور الفيروس بين جميع الفئات بسبب عدم امتلاك المعلومات حوله وتبعاته، مضيفا أنه "لا يمكن لأحد أن يقول أنه لم يكن يخشى ذلك"، ما أدى إلى "هذا التوجه، غير المقنن وغير المأمور به [من جهة الإدارة]، من طرف موظفي المقابر... ورسميا، لم نعط أبدا أي توجيه بهذا الشأن"، مثلما قال. وتضمن تقرير لجنة التعمير وتهيئة الإقليم، الذي عرضته رئيستها لمياء جرادي، مسحا شاملا لوضعية مقابر الولاية المقدرة بمئة وإحدى وخمسين، من بينها خمس وثلاثون مقبرة عشوائية، حيث تقدر النسبة الإجمالية للتسييج في 126 مقبرة إسلامية قانونية بحوالي 31 بالمئة، في حين لا تتجاوز نسبة العشرة بالمئة من حيث وفرة المرافق المنعدمة تماما في مقابر ست بلديات، كما تقدر بنفس النسبة تقريبا من حيث الربط بالشبكات المختلفة، التي لا تتوفر إلا في مقابر بلديات قسنطينةوالخروب وعين عبيد وتنعدم في مقابر جميع البلديات الأخرى. ولا تتجاوز نسبة التغطية بالحراسة في جميع مقابر الولاية 25 بالمئة، في حين تصل التغطية بالتشجير إلى حوالي 27 بالمئة. وتتربع المقابر الموجودة في الولاية على مساحة تفوق 275 هكتارا، حيث تقدر نسبة شغلها بحوالي 86 بالمئة، وتصل إلى درجة التشبع التام في بعض البلديات مثل قسنطينة وحامة بوزيان وديدوش مراد، وتصل إلى 99 بالمئة في زيغود يوسف، في حين حمل تقرير اللجنة تنبيهات إلى وجود مشكلة بناء قبور مخالفة للشريعة الإسلامية بسبب عدم موافقة وضعيتها لاتجاه القبلة، والوضعية المزرية للمرافق وغيابها أحيانا، مثل المخازن ودورات المياه، فضلا عن تبذير العقار بالاستيلاء على مساحة واسعة بمحيط القبر ووجود مقابر على مناطق انزلاق وعدم احترام منطقة الارتفاق المقدرة بخمسة وثلاثين مترا وعدم وجود طرقات تؤدي إلى بعض المقابر رغم وقوعها في المرتفعات. تخصيص 5 ملايير سنتيم لإنشاء مقابر جديدة وقدرت اللجنة أن ولاية قسنطينة تحتاج إلى مساحة جديدة للدفن بثمانية وعشرين هكتارا، بعد أن تجاوز معدل الوفيات المسجلة فيها 73 ألفا خلال السنوات العشر الأخيرة، تتصدرها بلدية الخروب بأكثر من اثنتين وثلاثين ألف وفاة، تليها قسنطينة بثلاثين ألف وفاة، ثم حامة بوزيان بحوالي ألفين وسبعمئة، بينما تتذيل بني حميدان الترتيب بحوالي ثلاثمئة وفاة. ونبهت اللجنة إلى ضرورة إنجاز مقابر جديدة في كل من قسنطينةوالخروب وزيغود يوسف وحامة بوزيان، فضلا عن ابن زياد وابن باديس، في حين تُخَصَّصُ مشاريع توسيع لباقي البلديات، كما اقترحت نموذج مقبرة لبلدية زيغود يوسف التي أنجزت محضرا لاختيار أرضية مقبرة، يتضمن رؤية في التهيئة وتنظيم القبور والاعتماد على الرقمنة وغيرها. وأوصت اللجنة بتسوية الطبيعة القانونية لأرضيات المقابر من خلال إلحاقها بأملاك الوَقف وإصدار مقرّر التسيير لصالح البلديات، وإنجاز دراسات مرتكزة على المسح الطّوبوغرافي لتلافي الانزلاقات والقيام بعمليات الإحصاء والرقمنة، حيث قالت رئيسة اللجنة أن جامعة قسنطينة انطلقت في مشروع في هذا الشأن ويمكن الاعتماد عليه، كما شددت على ضرورة توفير حارس لكل مقبرة على الأقل. وأشارت اللجنة إلى ضرورة إحصاء جميع المقابر العشوائية وتنظيمها بعد أن أخذت أغلبها في التوسع ولم تعد عائلية وخاضعة للرقابة، فيما شددت على ضرورة اختيار أرضيات المقابر الجديدة مسبقا في المخططات التوجيهية للتهيئة والتعمير ومخططات شغل الأراضي، كما أوصت بإنشاء مقابر في الأقطاب الحضرية الجديدة؛ عين نحاس والرتبة، فضلا عن إصدار عقود ملكية المقابر الجديدة كوقف ويكون مقرر التسيير لصالح البلديات. وتضمنت التوصيات ضرورة إنجاز مقبرة للمقاطعة الإدارية علي منجلي، حيث ذكر الوالي في النقاش أنه تم رصد مبلغ أولي بخمسة ملايير سنتيم لإنشاء مقابر في ثلاث بلديات على رأسها منطقة علي منجلي وقسنطينة وبلدية أخرى وستصدر قرارات إنشاء مع نهاية الشهر الجاري، في حين أوصت لجنة التعمير بضرورة إنشاء مؤسسة لتسيير المقابر ما بين البلديات أو خلق مؤسسة لكل بلدية، وعقد اتفاقيات مع مؤسسة تسيير المقابر لبلدية قسنطينة في الوقت الحالي، مع ضرورة دعمها ماديا لتخليصها من عبء المشاكل المالية التي تواجهها. وتحدث منتخب عن تعرض بعض القبور لعمليات سرقة طالت الشواهد الرخامية، في حين تساءل آخر عن عرض نفس الملف قبل عامين وتقديم توصيات مشابهة دون أن تؤخذ بعين الاعتبار أو تتبنى من طرف الإدارة.