يحتفي المسلمون اليوم بذكرى فتح مكةالمكرمة الموافق للعشرين من رمضان مستلهمين دروسا وعبرا وعظات من مختلف محطاتها؛ بل حري بالإنسانية قاطبة أن تقف عند هذا الحدث التاريخي لأنه يقدم لها دروسا في أخلاقيات الحروب والمعاملة السامية مع الخصوم، ففي كل موقف درس وعبرة يظل الزمن يرردها كصدى يعبر العصور والأمصار؛ تصدح بالسلم والرحمة والتواضع والعفو، ولا يتأتى عرض كل تلك الدروس المستقاة من هذا اليوم؛ لكن ذلك لا يحول دون عرض بعضها؛ منها: (أولا) إن العلاقة بين الأمم والشعوب والقبائل والدول أساسها السلم وما الحرب إلا حالة استثنائية اضطرارية في مراحل تلك العلاقات؛ لكن إن حدث وحرق طرف ما هذا السلم فلا مناص من معاملته بالمثل وتأديبه حفظا على الكيان السياسي للدولة؛ فقد وافق المسلمون قبل عامين من الفتح على صلح الحديبية رغم ما فيه من بنود مجحفة في حقهم؛ لا لشيء إلا لأنهم غلّبوا جانب السلم على جانب الحرب، وجانب حرية الدعوة والعقيد وحرية التنقل والمن على غيرها من ضروب الاستبدا والقمع، والخوف؛ لكن قريشا نقضت هذا العهد الذي حقق للمسلمين مكاسب ديينة وسياسية كثيرةن فجاء فتح مكة العظيم؛ وأزيلت دولة الشرك القريشية من الوجود إلى الأبد. (ثانيا) تحقق وعد الله تعالى للمؤمنين؛ حيث وعدهم بهذا الفتح العظيم وهم عائدون من صلح الحديثيبة؛ فقال الله تعالى: ((لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ))، ووعد الله تعالى حق، وكذلك وعد المؤمين في كل عصر أن يمكن لهم في الأرض إن هم أمنوا به وعبدوه؛ وقد عاد الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق لتلكل الديار آمنين مستعيدين أملاكهم ودورهم. (ثالثا) إن فتح مكة سبقه تخطيط تكتيكي رفيع المستوى، حتى يكون مباغتا؛ ورغم أن قائد الفتح هو الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لكنه أراد بهذا التخطيط أن يعلم من بعده أن يخططوا لحياتهم ولا يتواكلوا أو يعطوا مفهوما خاطئا للتوكل، فالمسلم يهيئ الأسباب ثم يتوكل على الله تعالى. (رابعا) إن القتال وسيلة لا غاية؛ لذا يمكن الاستغناء عنها عند وجود بدائل أنجع منها تصون الدماء وتحفظ الإنسان والعمران؛ لذلك أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته أن لا يريقوا دما وهم يدخلون مكة فاتحين إلا لضرورة؛ بل بادر المسلمون قبل ذلك لجلب زعيم قريش أبا سفيان لحوار ديني وسياسي انتى بإعلان إسلامه وعدم المقامومة ما مكّن من حفظ الدماء وتغليب جانب السلم على الحرب. (خامسا) إن النداء الذي نودي حينها أن من دخل المسجد فهو آمن، من أغلق عليه بابه فهم آمن، ومن جخل دار ابي سفيان فهو آمن، إعلان رسمي على تغليب الأمن والسلم، وأن من مهام السلطة في الإسلام توفير الأمن لمواطنيها؛ سواء أكانوا مسلمين أو غير مسلمين؛ فلا يقتل الكافر لكونه كافرا ما لم يصدر عنه اعتداء. (سادسا) إن تطهير المسجد الحرام من كل الأصنام ومظاهر الشرك إعلان تاريخي قطعي نهائي بانتهاء عصر الشرك والخرافة والدحل والاستخفاف بالعقول في تلك الديار إلى الأبد؛ ليفسح المجال للتوحيد في مكانه الطبيعي حيث أول مسجد وضع للناس. (سابعا) إن دحول رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك الطريقة متواضعا؛ وهو الذي حقق نصرا تاريخيا مظفرا، لن يتكرر في التاريخ بتلك الصفة؛ فقد دان له العباد والرقاب، بل والجدران؛ وهو يسير نحو الكعبة المشرفة؛ حيث كان يمكن له أناخذ نفسه أبهة الفاتحين ونشوة الأبطال المنتصرين؛ فيعمد الى قطع رقاب على مذبحة الانتصار تلذذا وانتقاما واشباعا لرغبة متأصلة في نفوس المستبدين والغزاة في كل مكان، ومشاهد التاريخ مليئة بمثل هكذا مواقف؛ حيث يسير القائد الفاتح على الأشلاء والجثث في طريقه لاستلام مفاتيح المدن وقصور السلط الساقطة المنهزمة أمامه؛ لكن رسول الله عليه وسلم لم يفعل كل هذا؛ بل عمد لإجراء تاريخي فاجأ به خصومه ومحاربيه وقاتلي أصحابه وأقاربه؛ ومخرجيهم من ديارهم بقوله: (اذهبوا فانتم الطلقاء !)، ومأ اعظمها من كلمة تردد صداها في تاريخ البشرية؛ تصفع كل مستيد وغازي، وتحرج كل زعيم وقائد، لأن العفو عن الخصوم عند القدرة على سحقهم وإبادتهم لا يفعله إلا العظماء أمثال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن دينهم دين السلام، وأن هذا اليوم يوم المرحمة وليس يوم الملحمة، ولأنه يريد أن يحول هؤلاء الخصوم إلى مؤمنين موحدين يحملون الإسلام ويبشرن به في أرجاء العالم؛ وكذلك حدث، فقد حملت قريش ومعها الأمويون لواء الفتح الإسلامي ووصلوا به أقاصي الدنيا، مشرقا ومغربا، وكناوا وقودا للدولة المسلمة العظيمة التي أضحت أعظم دولة في التاريخ. وبهذا الفتح المبين انتهت الهجرة التي كانت واجبة وأمن الناس على دينهم وأنفسهم، ومنذ هذا التاريح لن يستوي من أنفق قبله وقاتل ومن أنفق بعده وقاتل؛ فالفتح نتيجية عظيمة مهت له تضحيات صحابة عظام على مدى 20 سنة صابروا وصبرا فيها وهاجروا وهجروا وخاضوا حروبا ومفاوضات، فكان أن أعطاهم الله تعالى مكانة مميزة عمن أسلم بعد هذا الفتح واندمج في حصاد تضحيات الكبار. ع/خ الإطلاق الرسمي لمقرأة الجزائر الإلكترونية دراسة تكشف ارتفاع عدد المسلمين في ألمانيا كشفت دراسة للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا، عن ارتفاع عدد المسلمين بشكل ملحوظ في السنوات القليلة الماضية. واستنادا لوسائط إعلامية فقد قال موقع توتيشه فيله إن الدراسة، التي أعلن عنها المكتب في نورنبيرغ مع وزارة الداخلية الألمانية اليوم الأربعاء، أظهرت إنه «يعيش ما بين5.3 و 5.6 مليون مسلم حاليا في ألمانيا، وهو ما يعادل 6.4 % حتى 6.7 % من إجمالي السكان. ومقارنة بنتائج آخر دراسة أجريت عام 2015، زاد عدد أتباع الديانة الإسلامية بنحو 900 ألف شخص».وقال رئيس المكتب، هانز إيكهارد زومر «في إطار الهجرة من الدول الإسلامية في الشرقين الأدنى والأوسط، أصبحت المجموعات السكانية من المسلمين أكثر تنوعا في السنوات الأخيرة».وأضاف «وتظهر التحليلات أيضا أن مدى تأثير الدين على الاندماج غالبا ما يكون مبالغا فيه»، موضحا أن جوانب أخرى مثل مدة الإقامة أو أسباب الهجرة أو الوضع الاجتماعي تؤثر في عملية الاندماج إلى حد أكبر بكثير من الانتماء الديني.وأجرى المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا هذه الدراسة الضخمة التي حملت عنوان «حياة المسلمين في ألمانيا 2020» بتكليف من مؤتمر الإسلام في ألمانيا. من أعظم أعمال البر في رمضان كفالة اليتيم من أفضل أعمال البرّ في شهر رمضان كفالة اليتيم، وممّا يدلّ على أهميّتها وفضلها ما أخرجه البخاريّ عن سهل بن سعد الساعديّ - رضي الله عنه - أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: «أنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وقالَ بإصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى»،فقد جعل الله -تعالى- منزلة كافل اليتيم في الجنّة إلى جانب رسول الله، فإذا كان لكافل اليتيم ثواب كبير طوال العام فثوابه هذا يتضاعف في رمضان. ولك مثله: رمضان شهر الدعاء، فقد حثّ الله عباده على الدعاء بعد أن أمرهم بالصيام، لتتأكّد الرابطة بين الصيام والدعاء، فالله قريب من العبد ويستجيب دعاءه، قال الله -تعالى-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) سورة البقرة -186- وخير الدعاء ما كان للغير، فالمسلم يحبّ الخير لأخيه المسلم كما يُحبّه لنفسه، فيدعو الله له بأن يُفرّج همّه، ويزيل كربه، ويوفّقه في أمره، ويُعينه على الخير، ويدعو له بعد مماته كما دعا له في حياته، بأن يرحمه الله، ويغفر له. ولا يشترط أن يستجاب دعاء المسلم لأخيه المسلم في الحال، فقد يدّخر الله أجر دعاء المسلم لنفسه أو لأخيه إلى يوم القيامة، وقد يدفع عنه سوءا وشرا بمثل ما دعا به، ويكفي المسلم أن ينال فضيلة دعاء الملائكة له كلّما دعا لأخيه، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: «مَن دَعَا لأَخِيهِ بظَهْرِ الغَيْبِ، قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُبهِ:آمِينَ، وَلَكَ بمِثْل». شهر رمضان بالنسبة للمسلم هو شهر المسابقة في الخيرات والمسارعة إليها ولا ينبغي لكل عاقل أن يفوت هذه الفرصة التي تفتح له أبواب الجنة ويفرط بها بتضييع أوقاته فيما لا ينفع في الدنيا والآخرة فسارع أخي المسلم وسارعي أختي المسلمة إلى اغتنام أوقاته والظفر بوافر أجره وثوابه. التجارة الرابحة في رمضان إنّ التجارة مع الله سبحانه وتعالى تجارة عظيمة وثمينة ومربحة جدا،يطمع فيها كلّ عاقل لبيب؛ لأنها تجارة رابحة فلا خسارة فيها ولا كساد ولا بوار :كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ 30 سورة فاطر فللتّجارة مع الله أرباح كثيرة الجوار عظيمة، وكيف لا تكون كذلك وهي تجارة مع أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين والغني الشكور ،الذي يعطي على العمل اليسير الأجر الكبير والربح الوفير،قال تعالى مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ الأنعام/160وقال أيضا مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ البقرة/261 وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-ان رسول الله -صلى الله عليه وسلم –قال: (مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَمَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ)، وعن أبي هريرة- رضي الله عنه-قال:قال:رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:»لأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ ممَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ.» رواه مسلم فهذه الأدلة وأمثالها تبين لنا أن التجارة مع الله ربحها عظيم ونفعها عميم . ومما لاشك فيه أن هذه الأعمال مطلوبة منا دائما وأبدا في كل زمان ومكان؛من ليل ونهار ،وحضر وسفر، ألا انه يتأكد الطلب في المواسم العظيمة كشهر رمضان والعشر الأولى من ذي الحجة ونحو ذلك. ونحن في هذه الأيام نعيش موسما عظيما من مواسم الخيرات والبركات، وهو شهر رمضان المبارك الذي تكثر فيه الحسنات ، وتقل فيه السيئات، وترفع فيه الدرجات ، وتقل فيه العثرات ، وتعرف فيه الزلات ، وهو شهر التنافس والتسابق بالأعمال الصالحات مع اختلاف أنواعها.