وصف أخصائيون الوضعية الوبائية الحالية لفيروس كورونا بالمقلقة والخطيرة على مستوى بعض المناطق، وحذروا من التجمعات العائلية، وإقامة الأفراح احتفالا بنتائج الامتحانات الرسمية، لأنها تعد مجالا لانتشار العدوى، ونصحوا بالانضمام إلى حملة التلقيح الجماعي مع التقيد الصارم بالتدابير الوقائية. أكد الدكتور امحمد كواش مختص في الصحة العمومية في تصريح «للنصر» أمس بأن الجزائر تمر بوضعية وبائية خطيرة بسبب ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا وعدد الوفيات، جراء انتشار السلالات المتحورة بشكل أصبح يبعث على القلق. وأدت هذه الوضعية وفق المتحدث، إلى ارتفاع في عدد المرضى المحتاجين إلى جرعات من الأكسجين، مما شكل ضغطا على المصالح الاستشفائية، وبحسب الدكتور كواش فإنه مهما كانت الوسائل المتوفرة، فإنها لن تكفي لتزويد كل مريض بمادة الأكسجين لساعات طويلة. وأرجع المصدر حالة الضغط التي تعيشها عديد المصالح الاستشفائية هذه الأيام، لا سيما بالولايات التي تعرف ارتفاعا في عدد الإصابات اليومية، إلى ارتفاع عدد الوافدين عليها لتلقي العلاج، أو للحصول على الأكسجين، في حين أن عدد الأسرة المجهزة بآلات التنفس الاصطناعي جد محدودة ولا تلبي الغرض، لكنه نفى بشدة تسجيل نقص في مادة الأكسجين الذي يتم إنتاجه بالكميات الكافية. ولم يستبعد الأستاذ محمد كواش استغلال الفضاءات التي تم تجهيزها لمواجهة الحالة الطارئة من قبل وزارة الصحة، كالفنادق مثلا، في حال استمر الوضع الصحي في التفاقم، متوقعا أيضا اللجوء إلى فتح مستشفيات ميدانية مجهزة بآلات توليد الأكسجين المحمولة. وحذر المتدخل من مغبة تجاهل الإجراءات الوقائية، لا سيما بالنسبة للنساء الحوامل والمصابين بالأمراض المزمنة غير المستقرة، كالسكري وارتفاع الضغط الدموي، لأن بعض الأدوية المستعملة في علاج الإصابة بفيروس كورونا قد تكون لها أضرار خطيرة، لذلك لا ينصح بها المختصون بالنسبة لهذه الشريحة من المصابين بكوفيد 19. ونبه المختص في الصحة العمومية إلى أن التشخيص بالأشعة والسكانير وتحاليل الدم وحتى «بي سي أر» لم تعد تنفع مع السلالات المتحورة، لأن الفيروس لا يظهر إلا بعد بلوغ المرض مراحل متقدمة، لذلك تأتي معظم نتائج الأشعة والتحاليل سلبية ولا تدل على أي إصابة، لهذا ينصح الأخصائيون باعتماد التشخيص السريري والتركيز على الأعراض التي يشعر بها المريض لوصف الأدوية الملائمة للمصابين بالفيروس. وتوقع من جهته البروفيسور مصطفى خياطي استمرار المنحنى التصاعدي للوباء في الارتفاع خلال الأسبوعين القادمين، لأن فترة حضانة الفيروس تدوم ل 14 يوما، وسيتم الدخول بعدها في حالة استقرار ليعود المنحنى إلى الانخفاض، شريطة الالتزام بالتدابير الوقائية، والالتزام بالتلقيح ضد الفيروس. ولم يستبعد رئيس هيئة فورام في اتصال مع «النصر» تشديد إجراءات الحجر الصحي، كغلق الفضاءات التجارية والمحلات الكبرى، مقترحا على المواطنين أن يلزموا بيوتهم وعدم الخروج إلا للضرورة، مع التقيد بوضع الكمامة واحترام مسافة التباعد الجسدي، فضلا عن تفادي التجمعات والأفراح لأن أغلب حالات العدوى بفيروس كورونا عائلية. ووصف الدكتور محمد ملهاق مختص في علم الفيروسات السلالات الحالية المنتشرة في الجزائر بسرعة الانتشار، وساعدها على ذلك حالة التراخي وعدم احترام الإجراءات الوقائية من قبل المواطنين، قائلا إن الوضع أصبح يبعث على القلق في بعض الولايات، جراء بلوغ مستشفياتها مستوى التشبع من حيث عدد المرضى المتكفل بهم صحيا. وبحسب المتحدث فإن الوضع الصحي ما يزال تحت السيطرة، ما دامت السلطات العمومية قادرة على إيجاد الحلول لمواجهة تطور الحالة الوبائية، وأن تزايد عدد الإصابات بكوفيد 19 سيفرض على وزارة الصحة تطبيق الإجراءات الاستثنائية التي تم ضبطها للتحكم في الوضع، وللحفاظ على استمرار وتماسك المنظومة الصحية. وأيد الدكتور ملهاق بدوره تشديد تدابير الحجر الصحي لوقف زحف الفيروس، وللحفاظ على الأرواح وسلامة المواطنين، مؤكدا من جانبه بأن التلقيح الجماعي يبقى الحل الأفضل للخروج من الوضعية الوبائية الراهنة.