ضرورة تطبيق الحجر الجزئي على الولايات الموبوءة يُجمع العديد من الأطباء والمختصين في علم الأوبئة والطب الوقائي على دخول الجزائر في الموجة ثالثة من تفشي فيروس كورونا، خصوصا وأنها تشهد هذه الأيام ارتفاعا في عدد الإصابات بهذا الوباء ما ينذر بخطورة الوضع الصحي في البلاد، لا سيما في ظل الانتشار الكبير للسلالات البريطانية عبر مختلف ولايات الوطن. تسجل الجزائر في الآونة الأخير تراخيا كبيرا وعدم احترام تدابير البرتوكول الصحي من قبل العديد من المواطنين، لا سيما عند المقاهي والأسواق والحافلات التي تعرف تجمعا كبيرا دون ارتداء الكمامات، التي باتت أمرا من الماضي عند الكثيرين منهم دون إدراك عواقب ذلك، وهو ما جعل الأطباء والمختصين يدّقون ناقوس الخطر ويؤكدون على أن الوضع الصحي الوبائي في الجزائر ما يزال يشكل خطرا، مشدّدين على مواصلة الالتزام بالإجراءات الوقائية اللازمة والتي قد تحول دون تسجيل إصابات خطيرة، وانتشار السلالات المتحوّرة. وفي هذا الصدد، كشف الدكتور فاتح عثامنية المختص في علم الأوبئة والطب الوقائي بمستشفى «الحكيم عقبي» بقالمة في تصريح ل»الشعب» بأن الجزائر سجلت خلال 05 أشهر الأولى لسنة 2021 استقرارا في الوضعية الوبائية عند حدود 0.4 حالة لكل 100.000 نسمة، إلا أنه منذ بداية شهر جوان سجلت ارتفاعا في نسبة الحدوث إلى 0.8 حالة لكل 100.000 نسمة، مشير إلى أن الجزائر بذلك دخلت في موجة ثالثة من تطور وباء كوفيد -19، ومن المحتمل أن تصل إلى الذروة بعد أسبوعين أو ثلاث على أقصى تقدير. وأكد الدكتور عثامنية على أن وعي المواطن والتزامه المستمر بالإجراءات الوقائية المتبعة أحسن وسيلة للحد من انتشار الفيروس، كما يجب الإسراع في عملية التلقيح، والتي لن تكون ناجعة، إلا إذا بلغت الجزائر نسبة 80 ٪ من الفئات المستهدفة، كما يرى المتحدث بأنه على السلطات الصّحية التحرك على جميع الأصعدة، وذلك بتحضير مخططات العمل، ورفع الطاقة الاستيعابية للأسرة، إلى جانب توفير الأدوية والأكسجين، وتعبئة الطواقم الطبية وشبه الطبية، وتوفير وسائل الحماية الفردية وتلقيح مهنيي الصّحة. وأضاف الدكتور عثامنية بأن الجزائر في مراحل متقدمة من مجابهة الفيروس، إلا أن الحرب لم تضع أوزارها، بالرغم من أن النظام الصحي في الجزائر استطاع الصمود أمام هذه الكارثة الصحية، خاصة من ناحية التكفل بالمرضى المصابين بكوفيد-19، كما تقوم الدولة بمجهودات جبارة لتسريع وتيرة التلقيح، مؤكدا على أن بعض المؤشرات تنذر بحدوث فترات وبائية خلال هذه الصائفة، لذلك يجب توّخي الحذر في الوقت الحالي ليبقى المواطن يؤدي دورا أساسيا للقضاء على الوباء والعودة إلى الحياة الطبيعية، قائلا إنه بحسب تصريحات معهد باستور فإن السلالة المتحوّرة الأكثر تسجيلا في الجزائر هي السلالة «ألفا» أو البريطانية. وبخصوص إمكانية العودة إلى الحجر الكلي في الجزائر يرى فاتح عثامنية أن تطبيق الحجر الكلي في الوقت الراهن ليس هو الأنسب، وإنما يمكن تطبيق الحجر الجزئي على بعض الولايات الموبوءة، مشددا في سياق حديثه على ضرورة الإسراع في عملية التلقيح الذي يبقى الحل الأنسب المتوفر حاليا للقضاء على الوباء بالجزائر، موجها رسالة لكل من بات يستهزئ بالإجراءات الوقائية قائلا «إذا هانت عليك نفسك فاحترم حياة الآخرين، الوضع الوبائي خطير ويستلزم تضافر جميع الجهود».