أدى توقيف عدد من المجاهدين والفدائيين في مدينة قسنطينة وناحيتها إلى تفكيك النظام الثوري بها في 5 ديسمبر1955وذلك بإلقاء القبض على عدد كبير من أفراده فيما تمكن عدد آخر من اللحاق بمراكز جيش التحرير الوطني في الجبال. كانت البداية بتوقيف الفدائيين عبد المجيد أمهمل ورابح براهمية خلال تنفيذهما لعملية فدائية غير موفقة ضد شانبيط(Garde-champêtre)سيدي مبروك في 6 ماي 1955 حيث جمعت السلطات الاستعمارية خلال التحقيقات معلومات مشوشة عن هجمات 20 أوت 1955 دون أن تتمكن من اكتشاف تركيبة النظام الثوري بمدينة قسنطينة خصوصا بعد التحاق مسؤوليه مسعود بوجريو وعمر طلاع «بو الركايب» برفقة 6فدائيين بالجبل بعد سماعهم بخبر توقيف المنفذين. د-علاوة عمارة وفي 29 أكتوبر 1955 سقط المجاهد حمداني بن طبال «علاوة» في الأسر بعد إصابته بجروح بليغة خلال الاشتباك الذي جرى بين فرقة من جيش التحرير الوطني يقودها محمود بوزابة الشهير باسم سي محمود الحروشي والفرقة الثالثة من الفيلق السادس عشر الاستعماري للمشاة (3/16RIC) المتمركزة بالسمندو (زيغود يوسف حاليا)، حيث تغلغلت في دوار الغرازلة الواقع بالجهة الشرقية لجبل الوحش بناء على وشاية. وبعد تماثله للشفاء شرعت القوات الاستعمارية في استنطاقه بداية من 21 نوفمبر 1955ومقابلته بالمعلومات التي تحصلت عليها من الموقوفين السابقين ومن أحد أعوان شرطة الاستعلامات العامة (PRG) الذي تمكن من جمع معلومات من الأوساط المقربة من التنظيم الثوري بمدينة قسنطينة الذي كان يقوده آنذاك مصطفى عواطي(مسؤول عام) وعمر زعموش المدعو «علي فولف» قائد مجموعات الفدى. كانت نتيجة التحريات وعمليات الاستنطاق هو اكتشاف النظام الثوري بالمدينة وتوقيف 18من أعضائه في 5 ديسمبر 1955بينهم قادة على غرار مصطفى عواطي وعمر زعموش و علي بوطبة «الحاج» ومحمد الصالح لاخر فيما تمكن 19 مناضلا من الافلات من العملية والالتحاق بالجبل على غرار عبد المالك قيطوني «الشيخ» مسؤول المال وعبد الله قايدي «بوحصان» نائب قائد مجموعات الفدى والسعيد حمروش وعلاوة ميلي. وتقدم لنا محاضر التحقيق مع الموقوفين والوثائق والأسلحة التي ضبطها الأمن الاستعماري معلومات دقيقة عن كيفية انشاء النظام الثوري بالمدينة منذ نوفمبر 1954 تحت اشراف مراد ديدوش «سي عبد القادر» وتطور تركيبته على مدار سنة وعن العمليات الثورية التي جرت بها منذ 30أفريل1955 وعن كيفية تحضير وتنفيذ هجمات 20 أوت 1955 بمدينة قسنطينة. لكن قبل الحديث عنها، بودي التذكير بأهداف وظروف شن هجمات 20-21 أوت 1955 في الشمال القسنطيني. تذكير بأهداف هجمات 20 - 21 أوت 1955 في الشمال القسنطيني مكنتنا وثائق يوسف زيغود قائد المنطقة الأولى الشمال القسنطيني التي استولت عليها قوات تتبع الفيلق المظلي الأول (1° RHP)بعين الدردارة شمال شرق مجاز الدشيش في 1 أوت 1955 ووثائق البشير شيهاني قائد المنطقة الأولى الأوراس-النمامشة وكاتبه محمد شامي التي صادرتها القوات الاستعمارية خلال عملية تيمقاد (Opération Timgad) المعروفة في أدبيات الثورة بمعركة الجرف (22-25 سبتمبر 1955) من مراجعة السردية التي راجت عن ظروف شن هذه الهجمات وتوصلنا إلى أن الكثير مما قيل عنها ما هي إلا أساطير تشكلت منذ سبعينيات القرن الماضي بعيدا عن الحقيقة التاريخية. إن هجمات 20-21 أوت 1955 تندرج في استراتيجية ثورية واضحة تهدف بالأساس إلى ربط الشعب بالثورة وإبعاده عن المناورات الاستعمارية التي أشرف عليها الحاكم العام للجزائر المحتلة جاك سوستال(Jacques Soustelle) والتي بدأ الجنرال بارلونج(Parlange) في تطبيقها في الأوراس. ويرجع تفطن يوسف زيغود إلى ذلك بعدما بعث له البشير شيهاني «الشيخ مسعود» رسالة في جوان 1955 فصّل فيها استراتيجية مواجهة الخطة الجهنمية للسلطات الاستعمارية الهادفة لعزل الثورة سياسيا وإبعاد الشعب عنها، وهذا بعد عثوره على هذا المخطط ضمن وثائق ديبي (Dupuy) الحاكم المدني لبلدية ڤنتيس المختلطة التي أُحضرت له بعد القضاء عليه في كمين محكم في نهاية ماي 1955. وفي إطار مواجهة مخططات الإدارة الاستعمارية، وضعت قيادة الشمال القسنطيني بنك أهداف منها استهداف شخصيات سياسية وإصلاحية في مدينة قسنطينة محسوبة على التيارات المشكوك في دخولها في اتصالات مع جاك سوستال لحملها على التنديد ب»العنف»: فيدرالية المنتخبين وحزب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين والحزب الشيوعي الجزائري، والهدف هو القضاء على سياسة جاك سوستال الهادفة للتفاوض المحتمل مع الطبقة السياسية لعزل الثورة شعبيا، وهذه التعليمات جاءت من البشير شيهاني إلى يوسف زيغود: Liquider toutes les personnalités qui voudraient jouer à l'interlocuteur valable. وهذه المعطيات تتطابق بشكل كلي مع ما كتبه لخضر بن طبال «سي عبد الله الميلي» قائد الناحية الغربية (ميلة-الميلية-جيجل) في مذكراته، مضيفا أنه من الأسباب الرئيسية لهذه الهجمات هو تململ الشعب من نشاط جيش التحرير الوطني، وكان لا بد من هجمات قوية لها وقع نفسي لرفع معنويات الشعب، وتبليغ رسالة إلى مختلف مناطق الثورة الأخرى بإمكانية شن هجمات واسعة في وقت واحد، وأخيرا الخروج من العزلة التي تعاني منها منطقة الشمال القسنطيني. يعود قرار شن هجمات شعبية في وضح النهار وبمشاركة شعبية ريفية إذن إلى قيادة الشمال القسنطيني وتحديدا قيادة الناحية الوسطى المعروفة بقيادة السمندو التي يشرف عليها يوسف زيغود «سي أحمد» مباشرة والمتشكلة من نائبيه على الناحية الأم – السمندو وهما محمد الصالح بلميهوب وبولعراس بوشريحة»الشيخ»، وقائد ناحية قالمة عبد السلام بخوش «سي الساسي» ونائبه عمار بوضرسة، وقائد ناحية سكيكدة سماعين زيغد ونائبه عمر طلاع «بوالركايب»، قبل أن تعمم الفكرة على لخضر بن طبال قائد الناحية الغربيةوعمار بن عودة قائد الناحية الشرقية، بالإضافة إلى مشاركة عمارة العسكري المدعو بوڤلاز قائد ناحية الطارف في اجتماع كدية داود بجبل الزمان غرب سكيكدة وفق شهادتي لخضر بن طبال والشاذلي بن جديد. وحضر الاجتماع الموسع العديد من المسؤولين بينهم مصطفى عواطي مسؤول التنظيم الثوري بمدينة قسنطينة. لكن عمليا، كان مركز ثقل هذه الهجمات هي الناحية الوسطى التي يشرف عليها يوسف زيغود مباشرة من قالمة إلى حدود القرارم وصولا إلى سكيكدة والقل وضواحيها، في حين كانت مشاركة الناحية الشرقية والغربية محدودة جدا باستثناء قطاع الميلية الذي أشرف على هجماته الناجحة سي مسعود بوعلي. بل إن هجمات الناحية الغربية (الميلية) وبعض البلدات الواقعة إلى الشمال الشرقي من قالمة وعزابة لم تكن شعبية، بمعنى لم يتم فيها إشراك الشعب في الدواوير والبلدات في العمليات ورفع العلم والتكبير «الله أكبر» وغيرها، لهذا فإن هجمات 20-21أوت 1955 الشعبية كانت مقتصرة على الناحية الوسطى التي يقودها يوسف زيغود بنفسه بقطاعاتها الأربعة (السمندو الغربي، السمندو الشرقي، سكيكدة-القل، وادي زناتي-قالمة)، ولم يحدث ما يماثلها في الناحية الشرقية التي يقودها عمار بن عودة ولا في الناحية الغربية التي يشرف عليها لخضر بن طبال، حيث تمّ الاكتفاء بهجمات عسكرية وكمائن وتفجير قنابل تقليدية في نفس التوقيت بمشاركة عناصر جيش التحرير والمسبلين فقط كما هو الحال في عزابة(Jemmapes) أو السطارة(Catinat)وعين قشرة، وذلك دون إشراك سكان الدواوير، مما يدل على عدم تجاوب عمار بن عودة ولخضر بن طبال مع فكرة الهجمات الشعبية في وضح النهار لإظهار مساندة الشعب للثورة و إشراكه فيها وقطع الطريق على مشروع ضرب الحاضنة الشعبية كما نبه إلى ذلك البشير شيهاني في مراسلته. الاجتماع التحضيري بالحمايضة بجبل الوحش بعد اجتماع القادة في كدية داود بجبل الزمان غرب سكيكدة الذي حضره أيضا مصطفى عواطي مسؤول التنظيم الثوري بمدينة قسنطينة، عقدت اجتماعات تحضيرية محلية عشية موعد شن الهجمات لوضع اللمسات الأخيرة وهذا على مستوى كل الأقسام المشكلة للناحية الوسطى المعروفة بقيادة السمندو. كان القائد يوسف زيغود يتابع شخصيا العمل الفدائي في مدينة قسنطينة وقد استدعى قائد التنظيم بالمدينة مصطفى عواطي ثلاث مرات لينسق معه العمل حيث كان آخر لقاء بينهما في أكتوبر 1955 في مشتةالسطارة على مقربة من سوق الثلاثاء بواد وارزڤ في بلدية بني حميدان حاليا، ولهذا نجده قد أشرف شخصيا على تنظيم هجمات20 أوت 1955 في مدينة قسنطينة. شكلت مدينة قسنطينة الاستثناء الوحيد في الناحية الوسطى في الشمال القسنطيني التي كان قائدها يوسف زيغود، وذلك باستبعاد المشاركة الشعبية لسكان الدواوير في مهاجمة المدينة والاكتفاء بتنظيم عمليات تفجير وحرق واغتيالات وهجمات سريعة من تنفيذ فدائيين يؤطرهم مجموعة قليلة من الجنود وذلك باستهداف: 1 - شخصيات بارزة من الطبقة السياسية: وقد تم وضع على اللائحة كل من علاوة عباس عن حزب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري (UDMA) وهو عضو المكتب الوطني وشقيق رئيس الحزب الدكتور فرحات عباسو الشريف بن الحاج سعيد محامي وعضو المجلس الجزائري والشيخ عباس بن الشيخ الحسين عن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والدكتور محمد الصالح بن جلول والمحامي بن أحمد عن فيدرالية المنتخبين والشيخ عبد العالي لخضري مدير المدرسة الكتانية والقاضي بول (Le juge Paul). 2 - تفجير قنابل في بعض الحانات والمرافق الأساسية على غرار الفنادق ودور السينما ومطبعة جريدة لاديباش (La Dépêche de Constantine) ومركز الشرطة برحبة الصوف. 3 - حرق بعض المرافق الاقتصادية على غرار المستودعات. 4 - رفع علم الاستقلال الوطني على صوامع المساجد الرئيسية في المدينة. كان يوسف زيغود يراهن على نجاح الهجمات في مدينة قسنطينة، ولهذا أشرف عليها بنفسه وذلك بتحديد هذه الأهداف من خلال التنسيق مع المسؤول العام للتنظيم بالمدينة مصطفى عواطي وقائد مجموعات الفدى عمر زعموش «علي فولف»وعلي بوطبة «الحاج» مسؤول المال وبالتشاور مع مجاهدي المدينة الذين التحقوا بالجبل في 7 ماي 1955 وهم خصوصا مسعود بوجريو وعمر طلاع «بوالركايب» وحمداني بن طبال واحسن بوجبير وعبد الحميد قربوعة، حيث ضبطت الخطة النهائية من طرف يوسف زيغود بتعيين جنود لتأطير ومساندة المناضلين وعددهم 18الذين جمعهم عمرزعموش بمقهى صالح بوودن الكائن بنهج بيانفي(Bienfait)-عبد المالك قيطوني حاليا-في 19 أوت 1955، ومن هناك نقلهم على متن ثلاث سيارات إلىكاف لكحل بجبل الوحش، قبل أن ينتقلوا مشيا على الأقدام إلى مزرعة سي عمر بوضرسة الواقعة بالمنطقة المعروفة بالحمّايضة في أقصى شرق جبل الوحش أين كان اللقاء ببعض مجاهدي المدينة الذين التحقوا بجيش التحرير الوطني في الفترة الواقعة ما بين 8 نوفمبر 1954 و7 ماي 1955، حيث كان ينتظرهم القائد يوسف زيغود. وفي نفس اليوم قام القائد يوسف زيغود باستقبال فردي لكل مجموعة مشكلة من مناضلين لتأدية القسم على المصحف أمامه بحضور مسعود بوجريو ومصطفى عواطي وعمر طلاع «بوالركايب» وعمر زعموش وعلي بوطبة «الحاج» وحمداني بن طبال «علاوة» وبنفس الطريقة المعروفة في حزب الشعب الجزائري-حركة انتصار الحريات الديمقراطية، وذلك بالتعهد بعدم خيانة الأمانة وأداء المهام المسندة وحفظ السر.بعد ذلك عقد اجتماع في هذه المزرعة وأبلغ الحضور بتاريخ وهدف الهجمات، مركزا خصوصا على أن الهدف منها هو اظهار قدرة جيش التحرير الوطني على تعبئة الجماهير لصالحه وشن هجمات في وضح النهاروفي نفس التوقيت. وكلف المسبلين 18 ودعمهم ببعض المجاهدين المدججين بأسلحة خفيفة على غرار عبد الحميد قربوعة و أحسن بوجبير وعبد الحميد كروش و أحميدة بوحفص «باباي». غادرت المجموعات (ثلاثة أفراد في كل مجموعة) المكلفة وبطريقة فردية إلى المدينة مشيا على الأقدام صبيحة يوم السبت 20 أوت 1955 في انتظار الساعة منتصف النهار لتنفيذ الهجمات وفق الخطة الموضوعة مسبقا. توزيع المهام الهجومية تذكر تحقيقات مختلف الأجهزة الأمنية معلومات عن كيفية تحضير الهجمات والأهداف التي نفذت منها والتي لم تنفذ بناء على استنطاق المجاهدين والفدائيين الذين شاركوا فيها. حيث وزع يوسف زيغود المهمات كما يلي: - عمر زعموش (علي فولف): حرق مستودع فنسون(GarageVinson) - أحسن بوجبير ومجموعته: إلقاء قنبلة على مفتشية شرطة الدائرة الثانية الواقعة برحبة الصوف وتنفيد عملية تصفية لأحد الشخصيات. - عبد السلام: إلقاء قنبلة على سنيما ABC - محمد الصالح لاخر: إلقاء قنبلة في مقهى يقع في شارع السارجان ألتان (Sergent Altan) (19 جوان حاليا). - محمد الصالح بزاز: تفجير قنبلة أمام الشقة التي يقطنها الكولونيل ترسي (Colonel Tercé) مسؤول مصلحة الاتصالات الشمال إفريقية (SLNA) الواقع قرب فندق (Hôtel des Gorges) شارع جورج كليمنسو (بن مهدي حاليا). - عبد السلام بن ساسي: حرق مطبعة جريدة لاديباش القسنطينية(La Dépêche de Constantine) - الشيخ بلقاسم قريس أستاذ بمدرسة حرة كلف بالإشراف على مجموعة متكونة من ثمانية مناضلين بقيادة علاوة ثنيو ومهمتها رفع علم الاستقلال الوطني على صوامع المساجد الأربعة الرئيسية في المدينة. - عبد الحميد كروش برفقة آخرين: تصفية الصيدلي القيادي في الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري علاوة عباس مرفوقا بنص الحكم الذي أصدره جيش التحرير الوطني لوضعه على جثته. - محمد نموس السكيكدي برفقة آخرين: تصفية بلحاج السعيد مرفوقا بنص الحكم الذي أصدره جيش التحرير الوطني لوضعه على جثته. - أحسن بوجبير المدعو الحلاب برفقة مجموعته: تصفية الشيخ عباس بن الشيخ الحسين العضو البارز في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين مرفوقا بنص الحكم الذي أصدره جيش التحرير الوطني لوضعه على جثته. - بوحفص أحميدة المدعو باباي برفقة آخرين: تصفية النائب والمحامي بن أحمد عن فيدرالية النواب مرفوقا بنص الحكم الذي أصدره جيش التحرير الوطني لوضعه على جثته. - محمد ڤسوم برفقة آخرين: تصفية الدكتور محمد الصالح بن جلول عن فيدرالية النواب مرفوقا بنص الحكم الذي أصدره جيش التحرير الوطني لوضعه على جثته. - الطاهر بن العابد برفقة آخرين: تصفية عبد العالي لخضري مدير المدرسة الكتانية مرفوقا بنص الحكم الذي أصدره جيش التحرير الوطني لوضعه على جثته. - الصادق يمون وآخرون: تصفية القاضي جون بول (Paul)مرفوقا بنص الحكم الذي أصدره جيش التحرير الوطني لوضعه على جثته. غادرت المجموعات المتكونة كل منها من ثلاثة أشخاص وبشكل منفصل منطقة الاجتماع بالحمايضة في يوم 20 أوت 1955 صباحا مشيا على الأقدام ودخلت المدينة عبر ثلاثة مسالك وهي طريق جبل الوحش-فوبور لامي وطريق بكيرة عبر الكرنيش وطريق باتنة (طريق 4 كلم سابقا)، حيث وصلت في الوقت المحدد، وانتظرت الساعة منتصف النهار للقيام بالعمليات. نتائج الهجمات تذكر التقارير التفاصيل الكاملة للعملية ومنفذها والنتائج المترتبة عليها، حيث لم يتم تنفيذ الكثير منها بسبب عدم تواجد معظم الشخصيات المستهدفة في مكاتبها من جهة، ومن جهة ثانية قلة الخبرة في استعمال المتفجرات وردة الفعل السريعة للقوى الأمنية الاستعمارية. ولاحظت هذه الأجهزة أن العمليات الناجحة هي التي نفذها الجنود الذين قدموا من الجبل مباشرة على عكس التي أوكلت للمناضلين المقيمين بالمدينة. وهذه القائمة الكاملة كما وردت في التقارير المفصلة: - مركز شرطة الدائرة الثانية برحبة الصوف: نفذت العملية مجموعة احسن بوجبير وأدت إلى إصابة أحد الأعوان. - فندق (Hôtel des Gorges) الواقع بشارع جورج كليمنسو (بن مهيدي حاليا): ألقيت قنبلة في الطابق الثاني بالفندق استهدفت شقة الكولونال ترسي (Tercé) مسؤول الجهاز الاستخباراتي المعروف بمصلحة الاتصالات الشمال إفريقية (SLNA)، وأدت إلى احداث أضرار مادية، ونفذ العملية كل من الطاهر سميرة ومحمد الصالح بزاز. - قتل عدة مردوشي عند جسر سيدي مسيد وقد نفذ العملية احسن بوجبير بمجموعته. - طريق خندق الوادي: إصابة العونين بونيدي(Bounider) وتيسسي(Tissier) بجروح. - استهداف سينيما ABC بحي المنظر الجميل دون أن تخلف خسائر. - اطلاق أعيرة نارية على شركة برمال الكائنة بنهج الولايات المتحدة الأمريكية (علي زعموش حاليا) وأدت إلى إصابة شخصين بينهما بيار باس (Pierre Pace) وقد نفذ العملية عبد الحميد قربوعة بمجموعته. - إصابة شخصين بينهما موايي قج بسوق العاصر على يد مجموعة أحسن بوجبير. - مقتل الصيدلي والقيادي في الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري علاوة عباس حيث نفذ العملية عبد الحميد كروش مرفوقا بفدائيين. - إصابة عون الاستعلامات روبارلابيتال(Robert Labitel) على يد أحميدة بوحفص (باباي) قبل استشهاده وذلك في شارع جورج كليمنسو (بن مهيدي حاليا). - إصابة المحامي السعيد الشريف وسائقه بعد إطلاق النار عليهما في شارع جورج كيلمنسو (بن مهيدي حاليا). - إصابة 14أوروبيا بجروح متفاوتة بينهم أعوان أمن في هجوم نفذته مجموعة متكونة من سبعة فدائيين. وقد كان وقع الهجمات كبيرا رغم عدم تنفيذ عدد من العمليات، حيث جاء في التقارير الأمنية أن معظم العمليات المبرمجة لم يتم تنفيذها لأسباب ربطتها بقلة خبرة المهاجمين وأيضا ردة الفعل السريعة للقوات الاستعمارية، كما أن استهداف الطبقة السياسية كان محدودا جدا حيث نجحت عملية واحدة، رغم أن هذه الشخصيات المستهدفة التحق بعضها بالثورة لاحقا خصوصا بالنسبة للمنتمين للاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين والحزب الشيوعي الجزائري. وإذا كانت الحصيلة ضئيلة مقارنة بما برمجه جيش التحرير الوطني، فإن وقعها كان كبيرا لأنها استهدفت السلطات الاستعمارية في معاقلها وأوصلت صورة الثورة وجيش التحرير الوطني على المستويات المحلية والوطنية والدولية. كما أنها أثبتت للسلطات الاستعمارية قدرة جيش التحرير الوطني على اختراق دفاعات المدينة وشن هجمات منسقة ودقيقة في توقيت واحد.
شكل محور محاضرة بجامعة ييل الأميركية: تمثال زيغود يوسف لأحمد بن يحيى قالب الانصهار التاريخي شكلت قبل أيام، قصة تمثال البطل الشهيد زيغود يوسف، لصاحبه الفنان أحمد بن يحيى، موضوع نقاش حول التاريخ و الفن بجامعة ييل الأميركية، حيث أشير إلى أن العمل الذي تقاذفته أمواج التاريخ و السياسة منذ ولادته، فجر كل مشاعر التحرر و الانعتاق من بوتقة العنف الكولونيالي المجسدة صوره في الكثير من إنجازات الفنان، المعاد تشكيلها من نصب كولونيالية قديمة تتقاطع تقاسيمها مجتمعة في شق الرمزية. بين الدلالات الثقافية و التاريخية لتمثال «الديك الغالي» رمز النصر الفرنسي، و تمثال البطل زيغود يوسف الذي نحت من أجنحته، ينصهر التاريخ داخل قوالب يشكلها الفنان أحمد بن يحيى، من منطلق نضج عاطفي وعقلاني و إدراك عميق لأهمية التراث الفني الكولونيالي بالنسبة لذاكرة الجزائريين، كدليل مادي و معنوي على الاستغلال و العنف اللذين تعرضوا لهما. التراث المتشابك نوع آخر من التأريخ المحاضرة حملت عنوان « أحمد بن يحيى فنان مصدر تمثال سياسي جزائري»، و جاءت بالتنسيق مع مجلس دراسات الشرق الأوسط و قدمتها البروفيسور سوزان سليموفيتش، أستاذة الأنثروبولوجيا و لغات و ثقافات الشرق الأدنى بجامعة كاليفورنيا بلوس أنجلس، و تعد المداخلة فصلا من مخطوط كتابها الجديد، الذي يتناول مصير النصب التذكارية الفرنسية الكولونيالية الحربية في الجزائر و فرنسا، وعليه فقد تطرقت الباحثة بإسهاب إلى العلاقة الرمزية بين الإرث النحتي الاستعماري في الجزائر وبين طريقة التعامل معه بعد الاستقلال، مستشهدة في ذلك بقصة تمثال زيغود يوسف، التي تتجاوز قضية الملكية القانونية المادية إلى نوع آخر من التأريخ، فالتمثال، حسبها، سكب من قالب قديم جديد، لأنه نتاج لإعادة تشكيل أحد أشهر النصب الكولونيالية التي كانت موجودة بقسنطينة، و تحديدا بساحة «لا بريش» إبان الاستعمار، و يتعلق الأمر بتمثال « الديك الغالي الفرنسي» رمز الانتصار، حيث جاء في المحاضرة بأن العمل المبتكر للفنان أحمد بن يحيى، صاحب المنحوتة، ينطوي على عدة بيوغرافيات لفنانين غيره، إضافة إلى عناصر تراثية متشابكة هي امتداد لحركة عالمية تصور جمالية تشييد النصب التذكارية التي تمجد الأوطان والأمم، كما أشير أيضا، إلى أن شخصية صاحب التمثال البطل زيغود يوسف مهمة جدا، فقد انتمى إلى أهم المنظمات السرية و شارك في المؤتمرات المصيرية و فجر الثورة في الولاية الثانية، كقائد للشمال القسنطيني، و أطلق عليه اسم رجل 20 أوت 1955، لشنه مواجهة عسكرية تعتبر منعرجا مبكرا ومصيريا في تاريخ الثورة، كونها مهدت للظفر بمساندة الشعب، إضافة إلى أن هجوم زيغود على المستعمر تسبب في رد فعل انتقامي إجرامي فظيع للجيش الفرنسي وعقاب جماعي استهدف الجزائريين المسلمين، وهو ما يعني، حسب صاحبة المداخلة، أن التمثال مثقل بالحقائق والقصص التاريخية .تضمنت المحاضرة عرض عدد من الصور، بينها صورة من أرشيف جريدة النصر، كما قدم خلالها جانب من تصريحات أدلى بها الفنان أحمد بن يحيى خلال مقابلة أجرتها معه المؤرخة ناتاليا فينيس، والمخرج وليد بن خالد، رفقة فريق باحثين من جامعة بورتسموث، وذلك سنة 2019، تزامنا مع الإعداد لسلسلة وثائقية عن جيل ما بعد الاستقلال، تحدث خلالها الفنان عن الرحلة المثيرة لتمثاله و التي قد تكون، حسب تعليقه، أهم من التمثال نفسه، لأنها عرفت محطات خلفتها تجاذبات سياسية و تاريخية، ميزت تلك المرحلة و ما بعدها، و أدخلت النصب إلى المقبرة التي خرج منها قبل أشهر فقط من السنة الجارية. تماثيل الاستقلال بين الرمزية وأزمة الثقة أشير في المحاضرة، إلى أن التركيز على منحوتة بن يحيى، مبني على مصدرها، وذلك لأن المصدر مهم جدا في فهم مرحلة ما بعد الاستقلال، بوصفها من أهم محطات الذاكرة الحية للجزائريين، فالفنان كان مثلا، قد انتقد تمثال الأمير عبد القادر الذي يعد من أوائل الأعمال النحتية التي ميزت الاستقلال، والسبب هو أنه عمل مستورد نحته فنان إيطالي قدم في رأي بن يحيى، عملا ضعيفا يفتقر للتوازن و للأبعاد المقنعة، لأن صانعه يجهل شخصية صاحبه. و هنا ذكر في المحاضرة، نقلا عن تصريحات للفنان، بأن المنحوتة هي نتاج لعدم ثقة السلطة الحاكمة آنذاك في الجيل الصاعد من الشباب الموهوبين، لذلك فقد حاول هو العمل بدقة على تمثال زيغود يوسف لرمزيته العالية، فتنقل إلى مسقط رأس الشهيد و التقى بشقيقته و أرملته و بعض رفقائه في الكفاح، ليجمع في مخيلته صورة دقيقة و كاملة عن البطل و عن ملامحه و شخصيته، نظرا لكون التمثال تجسيدا حقيقيا لانصهار التاريخ، سواء من حيث تصميمه و مصدره أو من منطلق السيرة الذاتية للفنان كنحات، ينتمي إلى الرعيل الأول من الفنانين الذين درسوا في مدرسة مستقلة للفنون الجميلة بالجزائر. كان بن يحيى، كما جاء في المداخلة، تلميذا لمحمد إسياخم، قبل انتقاله إلى مدرسة الفنون الجميلة في باريس كمتدرب في ورشة سيزر بالداتشيني، فتمحورت اهتماماته الفنية حول الواقعية الجديدة والعدالة الاجتماعية و المحافظة والتراث، وهو مصمم ثالث طابع بريدي أصدرته الدولة بعد طابعي الفنانين علي خوجة و شكري مسلي، وهنا قالت البروفيسور سوزان سليموفيتش، بأن هذه المادة أعمال فنية مبهرة بدورها و تستحق مشاريع بحث منفصلة. المحاضرة التي دامت قرابة ساعة كاملة، قدمت سردا لمسار الفنان أحمد بن يحيى و رحلة تمثاله، إضافة إلى كثير من التفاصيل التاريخية للجزائر إبان الاستعمار و بعده، خصوصا و أن الفنان قدم إلى جانب منحوتة زيغود يوسف، نصبا آخر وذلك سنة 1972، و هو نصب وضع في وسط مدينة قالمة، تخليدا لذكرى مجازر الثامن ماي 1945. الأمر الذي عرج بالباحثة للحديث عن جانب من تاريخ هذه الأحداث التي وصفتها بالدموية و بالعملية الانتقامية الإجرامية، موضحة بأن فرنسا لم تقبل توظيف مصطلح «مجازر»، لوصف ما حدث في ذلك اليوم، إلا بعد ما يقارب ستين سنة من وقوعها، وهو ما يؤكد، حسبها، أهمية التراث النحتي في التأريخ للذاكرة، فتمثال زيغود المسكوب من قالب الجبس السلبي، هو صورة عن ويلات الحرب و البطولة، كما أنه مثال حي عن التجاذبات السياسية التي عرفتها الجزائر بعد الاستقلال، بدليل أنه أنجز بداية ليزين ساحة البلدية التي تحمل اسمه، لكن قادة جبهة التحرير الوطني وجدوا لاحقا بأن قرية زيغود يوسف صغيرة جدا، لتضم قيمته ورمزيته، فتقرر في أوت 1969 تزامنا مع الذكرى 14 لهجومات الشمال القسنطيني و الذكرى السابعة للاسترجاع السيادة الوطنية، نصب التمثال في المقر العام للأفلان بقسنطينة، وذلك خلال احتفال بهيج شارك فيه وفد عسكري بالزي الرسمي، إلى جانب رفقاء البطل في الجهاد الشيخ بولعراس و صالح صوت العرب و لخضر بن طوبال، و هي احتفالية حضرها قرابة 10 آلاف شخص، قبل أن تتم إزالة النصب و يختفي من الساحات العمومية لسنوات. النصب وحضور الذاكرة الاستعمارية في الفضاء العام حسب الأستاذة المحاضرة، فإن اعتماد الفنان صاحب الخامسة و العشرين عاما آنذاك، على النصب الحربية الموجودة بقسنطينة، لتشكيل تحفته الفنية، هو تعبير عن تصوره لدور الإرث الفني في تبيان حضور الذاكرة الاستعمارية في الفضاء العام، حيث تبرز أهمية المصدر هنا، في التاريخ المتحول للديك الغالي « النصب الأصلي»، الذي استورد من فرنسا إلى الجزائر، ليخلد ذكرى الحربين العالميتين، و الذي أعاد بن يحيى صهره و تشكيله ليخلد ذكرى البطولة و الاستشهاد و ليرمز للاستقلال و السيادة، فالفنان الذي أراد تنصيب التمثال في نفس مكان الديك، قتل النصب الأصلي ليعيد إحياءه مجددا، فيما يعكس عملية انصهار تاريخي، مع تبيان القدرة على هدم الممارسات الاستعمارية و مخلفاتها، مقابل الحفاظ على الفكرة الفنية حية.تعود المحاضرة أيضا، إلى قصة التمثال و كيف أنه أزيح من الفضاء العمومي لاحقا بحجة معاداة الجهوية، كما برر الرئيس هواري بومدين الأمر للفنان، غداة لقائهما سنة 1975 بالأكاديمية العسكرية بشرشال، فحسبه، يعد تخصيص تمثال لزيغود يوسف وقوع في الفخ الجهوي و القبلية الجهوية، ولهذا تمت إزالة النصب ولم يره صاحبه إلا سنة1986، بسبب الحظر الذي طال تماثيل أبطال المناطق الجهوية في الأماكن العمومية آنذاك، و استمر خلال فترة حكم الشاذلي بن جديد، قبل أن يتقرر لاحقا نصب التمثال في مقبرة الشهداء بقسنطينة، و أخرج منها سنة 2021 مجددا، عقب مساعي عائلة الشهيد لأجل وضعه في الساحة الرئيسية للبلدية الحاملة لاسمه، و هو ما تم فعلا في 18 فيفري من ذات السنة. وعن النصب الذي يعوض حاليا، تمثال زيغود سابقا، في ساحة لابريش و يتمثل في المنصة القديمة التي ثبت عليها عند تدشينه، فقد أوضحت الباحثة بأنه « ثقب إيجابي»، ماديا ومعنويا، لأنه نصب منبثق عن مفهوم حركة« الأممية الموقفية» التي تعبر عن استرجاع الفضاء المحتل من طرف العدو و التجسيد المادي للحرية، فتحطيم التمثال الكولونيالي أو إزالته من الفضاء العام، يصنع، كما فسرت، حالة جديدة تعرف بالتفريغ عن طريق القوة الإيجابية و هو عمل تحرري يعكسه سعي بن يحيى لاستغلال أجزاء الديك الغالي لصناعة تمثال البطل. البروفيسور سوزان سليموفيتش، ذكرت كذلك، بأن الفنان كانت له مواقف عديدة يتعلق أغلبها بالمحافظة على التراث الفني و إعادة توظيفه ليحاكي الواقع التحرري ويحفظ الذاكرة، فقد كان ضد إرجاع تمثال « نصب الأموات إلى فرنسا»، نزولا عند مطلب جمعية الأقدام السوداء بمرسيليا، وذلك على اعتبار أن النصب تراث جزائري، و دليل قاطع على أن فرنسا ضحت بجزائريين في حربها الخاصة، كما لعب الفنان و رئيس جمعية الدفاع عن تراث قسنطينة ، دورا محوريا في ترميم النصب خلال الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى. إعادة تشكيل الذاكرة النحتية دافع للتحرر العاطفي يعتبر تمثال زيغود يوسف، حسب المحاضرة، وريث القوة الجمالية لأشكال فنية نحتية ثلاثية الأبعاد، بغض النظر عن مصادرها وعلاقتها بصناعة النصب التذكارية الفرنسية، بما في ذلك نصب الديكة التي يقدر عددها تقريبا ب 36 ألفا، موزعة على الأراضي الفرنسية وأراضي مستعمراتها، والتي يذكر من بينها نصب قسنطينة الذي دشن سنة 1922 وأسقط وهشم بعد الاستقلال، و تحديدا خلال الأحداث التي رافقت الصراع الداخلي بين جيش الحدود و مجاهدي الولاية الثانية. تاريخيا، ذكرت الباحثة، بأن مفهوم انصهار التاريخ يشمل الحديث عن وجود امتدادات بين المستعمر و مستعمريه السابقين، و قدمت صورا عن تماثيل أخرى، قالت بأنها تعبر عن هذا الطرح ، مشيرة إلى أن النصب التذكارية بعد الاستقلال غطيت بالأعلام الوطنية أو هشمت في ما يشبه إعادة استرجاع عنيف للفضاء العمومي، وهي فكرة أوضحت بأن فرانتز فانون طرحها سابقا وتتعلق، حسبها، بالمخلفات الاستعمارية وما بعد الاستعمارية العنيفة ، و التي تصنف كقوة تحفيزية تحررية عاطفية، فالتعامل العنيف مع التماثيل، في رأيها، هو امتداد لعنف الممارسات الاستعمارية و الحرب عموما، و تحطيمها و تغطيتها و إعادة تشكيلها نوع من التصريح باسترجاع السيادة على الفضاء العمومي، الذي ينصب فيه المستعمر عادة، تماثيل النصر وغيرها، تعبيرا عن فرض سيطرته. و قالت المحاضرة ، بأن ثاني أهم مشروع للفنان يأتي كرد قوي على التقرير الأخير لبنيامين ستورا، الذي غيب تاريخ الذاكرة و تحاشى ذكر جانب التعذيب الذي تعرض له الجزائريون، حيث يتعلق الأمر بمشروع طويل المدى يخص تحويل السجن الكولنيالي بقسنطينة « سجن بالكدية»، إلى متحف للذاكرة والجرائم ضد الإنسانية. و يضم المشروع الطموح، حسبها، كما يصوره خيال الفنان، مجموعة من البنايات الكولونيالية و عددا من تماثيل الجنرالات التي يأمل في استرجاعها، إضافة إلى أعمال فنية كولونيالية، مثل لوحة المجاعة لغوستاف غيومي، الموجودة بمتحف سيرتا، بالإضافة إلى نسخ من لوحة هوراس فيرني. قدمت خلال المحاضرة أيضا، عرض صور لعدد من أعمال و منحوتات الفنان، التقطها ابنه خلال معرضه المقام سنة 2015، و هي جلها أعمال ولوحات تتعلق بتاريخ المساجين الجزائريين إبان الاستعمار، بمن فيهم ضحايا مقصلة «مونلوك» بليون الفرنسية، بالإضافة إلى لوحته «الإنسانية ممتنة للمحررين» التي أعاد من خلالها تقديم لوحة قوس النصر « الأمة ممتنة»، و قدمت عنها قراءة تستند إلى نظرية مايكل روثبورغ، القائلة بأن « الذاكرات التاريخية الصادمة والمختلفة تتشابك و تغذي بعضها البعض، والتقاءها وتصادمها ينتجان مزيدا من الذاكرة وليس أقل». هدى طابي الباحث في التاريخ توفيق بن زردة للنصر: هجومات 20 أوت حددت فلسفة الثورة أكد الباحث في التاريخ الحديث و المعاصر، الدكتور توفيق بن زردة، بأن أحداث 20 أوت 1955، عكست بوضوح بصيرة زيغود يوسف النفاذة و امتلاكه لفكر سياسي تنظيمي، عكس ما يشاع عنه بأنه كان رجلا عسكريا يفتقر للتنظير، فهجومات الشمال القسنطيني، كانت الوعاء الذي تشكلت فيه ماهية الثورة الشعبية و تم بموجبه تحديد فلسفتها، كأحداث انطلقت من خلفية الصراع على احتواء الحاضنة الشعبية و توسيع عباءة الثورة لتشمل الشعب بمختلف فئاته، بعدما كانت ثورة قادة ينحدر أغلبهم من خلفية حزبية. وفي حواره مع النصر، يتطرق الباحث إلى مجموعة من النقاط أهمها الإجحاف الأكاديمي الذي تعرض له زيغود يوسف و جدل الذاتية في المذكرات و الروايات الشفهية وعلاقة ذلك بعملية التوثيق، ناهيك عن موضوع الأرشيف و مادة التاريخ في المناهج التعليمية. شيهاني بشير أعاد هيكلة الثورة النصر: تعتبر هجومات 20 أوت 1955 محطة مفصلية في تاريخ الثورة ، لأنها كسرت الحصار على أوراس النمامشة، كيف كان وضع المنطقة قبلها و ما الذي فجر الأحداث تحديدا؟ توفيق بن زردة : الشائع عموما هو أن منطقة أوراس النمامشة كانت قد تعرضت لحصار من قبل إدارة الاحتلال، فراسل «سي مسعود» أو شيهاني بشير، قائد المنطقة الأولى، زيغود يوسف ليطلب منه عمليات دعم، لكن الحقائق تقدم رواية أخرى أعمق، وتؤكد بأن الأوراس لم يكن محاصرا و لا مكبلا، كما روج له عن تلك الفترة، فشيهاني بشير أعاد هيكلة الثورة في منطقة الأوراس و أعطى نفسا جديدا للكفاح، بعد اعتقال مصطفى بن بولعيد في فيفري 1955 ، و توليه قيادة المنطقة الأولى، إذ عين مثلا عباس لغرور في خنشلة و ذهب جنوبا في واد سوف وعين عليها قائدا، كما عين عمر الجلاني، عينا له في قاعدة خلفية بقفصة و القصرين والكاف على الحدود التونسية، وهو ما يؤكد بأن منطقة الأوراس لم تكن محاصرة فعليا، بل كانت أكثر ديناميكية، فسي مسعود، أعطى عمقا للثورة خارج المنطقة، عندما أرسل سي أحمد الأوراسي، للقيام بعمليات عسكرية في منطقة الذرعان، وعين قيادة في سوق أهراس بعد وفاة باجي مختار. كما أرسل أول وفد عسكري إلى منطقة الشمال القسنطيني بقيادة لحسن مرير، في إطار التنسيق مع زيغود، قبل أن يدعم المنطقة بالسلاح و الذخائر في أفريل من نفس السنة، و كان للشهيد كذلك، اتصالات مع كريم بلقاسم في المنطقة الثالثة. يذكر أيضا أن الحاكم العام للجزائر في هذه الفترة جاك سوستال، كان رجل حرب بخلفية أنثروبولوجية و ليس عسكرية، شدد العلميات العسكرية في المنطقة، لكنه لم يضرب عليها حصارا. أما بخصوص المنعرج الفاصل و ميلاد فكرة هجومات الشمال القسنطيني، فيمكن التأريخ لذلك بحادثة معينة ترتبط بكمين نصبته دورية عسكرية جزائرية بمنطقة قنتيز بجنوب تبسة، للمتصرف الإداري لهذه البلدية، أسفر عنه قتل رئيس البلدية و الاستحواذ على حقيبته التي سلمت إلى شيهاني بشير، الذي وقع فيها على مخطط للإدارة الاستعمارية ينسب للجنرال بيرلانج، وهو مخطط يدخل في إطار سياسة عامة للحاكم العام جاك سوستال، يقوم على خلق جو من التهدئة عبر فتح مفاوضات مع فئات سياسية غير منضوية تحت لواء حزب و جبهة التحرير الوطنيين، بغية خلق فئة ثالثة تهمش الثورة والجبهة والجيش و تميع القضية الجزائرية، ناهيك عن العمل على ضرب الحاضنة الشعبية التي تعد الخلفية الرئيسية لأحداث 20 أوت. زيغود يوسف وضع فلسفة جديدة للثورة استمالة هذه الحاضنة، أصبحت كذلك تحديا بالنسبة للطرفين الفرنسي و الجزائري، لذلك استعان سوستال، بزميلته في الدراسة جيرمان تيون، التي تخصصت في دراسة فضاء الأوراس، لأجل توظيف أبحاثها في توجيه العامة، عبر إعطاء توليفة اجتماعية أنثروبولجية، لما يحدث في الجزائر، وتقديم الثورة على أنها ثورة جوع و خبز و مطالب و ليست ثورة تحرر، ومن هنا تحديدا ولدت فكرة مراكز « لاصاص» للتكفل النفسي والاجتماعي و الطبي لجذب الحاضنة الشعبية، لكن شيهاني بشير تنبه للأمر بعد اضطلاعه على الوثائق، و لذلك راسل زيغود يوسف للرد على مخطط بيرلانج، علما أنه لم يقترح عليه فكرة القيام بعمليات نهارية و غير ذلك، بل قدم له توصيفا للمخطط و طلب منه المشاركة في الرد. يقال أن هجومات الشمال القسنطيني أعطت للكفاح طابعه الشعبي، هل كانت الثورة فئوية فعلا قبل هذا التاريخ، وما الذي تغير تحديدا بعده؟ مواصلة لما سلف ذكره، أشير إلى أن زيغود يوسف، كان قد شارك في نهاية جويلية و بداية أوت، في اجتماع للقيادات الموسعة للثورة بمنطقة « الزامان» ، غرب سكيكدة، وقد كان اجتماعا تتويجيا للتصور العام للأحداث التي سبق للشهيد أن رسم مسارها، حيث تم الاتفاق على تقسيم منطقة الشمال القسنطيني إلى ثلاث قسمات، القسمة الوسطى من قالمة إلى القرارم تحت القيادة المباشرة لزيغود، أما القسمة الغربية فتشمل ميلة جيجل ومناطق أخرى أوكلت قيادتها للخضر بن طوبال، فيما أسندت القسمة الثالثة و هي عنابة و امتداداتها، إلى عمار بن عودة، بالإضافة إلى تعيين قيادات ميدانية تمثلت في « مختار ثابت في حمام دباغ عبد القادر لعيفبة محجوب في واد زناتي، عبدي مبروك في قونو عين العربي، عبد الباقي شوشان في الركنية، محمود مزابة في الخروب و في مدينة قسنطينة مصطفى عواطي». زيغود يوسف كان ذا بصيرة، لذلك هيكل الدواوير والمشاتي بقوة من خلال تجمعاته، فجعل منها نقاط ارتكاز للقيام بالهجومات على القرى الاستيطانية و المدن، وهنا تحديدا تبرز خصوصية الهجومات، فهي لم تكن عملا عسكريا شنه مجاهدون ومسبلون ووقف خلفه قادة الثورة، بقدر ما كانت توظيفا للحاضنة الريفية أو الشعبية لضرب الحاضنة الكولونيالية، حيث أن عدد المجاهدين الذين قادوا الهجومات لا يتجاوز الأربعة، لكن الجماهير التي شاركت فيها تتعدى المئة، و في رواية أخرى المئتين، وذلك حسب تصريحات سابقة للمجاهد أحمد محمد شويط، مسؤول العمليات بعين عبيد، أوضح فيها بأن السكان استخدموا أدوات يستعملونها في يومياتهم من فؤوس و مناجل، وهو ما أكسبهم ثقة و ساهم في نجاح الهجومات على محور سكيكدةقسنطينة و قسنطينةقالمة، مرورا بالخروب و واد الزناتي. الاستثناء بالنسبة لزيغود يوسف، كان استغلاله الجيد للحاضنة الشعبية بقوة الهجمات، بالمقابل اعتمد لخضر بن طوبل وعمار بن عودة على المجاهدين و المسبلين فقط، بمعنى أن زيغود لعب دورا في رسم فلسفة جديدة للعمل التحرري و أعطى للثورة نسقا شعبيا، فكانت أحداث 20 أوت هي القالب الذي حدد فلسفة الثورة التحريرية، كما نعرفها اليوم. أحداث 20 أوت أخرجت الثورة من طابعها النخبوي ما هي المكاسب التي تحققت على صعيد الحرب النفسية وكيف غيرت الأحداث نظرة المستعمر للثورة؟ الهجومات أخرجت الثورة من طابعها النخبوي إلى الطابع الشعبي الموسع، فالرعيل الأول من الثوار كانوا في معظمهم من أبناء حزب الشعب و حركة انتصار الحريات الديمقراطية، لكن نطاق الثورة توسع بعد الهجومات، ليشمل الفئات الشعبية، الأحداث أعطت نفسا جديدا للثورة التحريرية. ترتبط كذلك بالأحداث مقولة شائعة مفادها «أننا في أول نوفمبر سلبنا من الاستعمار الليل و في هجومات 20 أوت سلبنا منه النهار»، فهذه المحطة خلفت حالة من اللا أمن نهارا وهو أمر غير مسبوق، دفع الكولون، لاستحداث عبارة « الحقيبة أو التابوت» للتعبير عن الوضع السائد. يذكر أيضا أن الهجمات جاءت بخلفية انقلابية على الواقع الاستعماري، وهو ما نلمسه من خلال فكرة هجوم الريف على المدينة التي تعد قلعة كولونيالية، و من المكاسب أيضا، إفشال مخطط سياسة التفرقة الذي أراد جاك سوستال، تطبيقه و قطع ذيل فئة أصدقاء فرنسا، كما يطلق عليهم، وذلك عن طريق تعبئة الفئات الشعبية و فرض ضريبة الدم، لزعزعة الثقة في كل من يتعامل مع الإدارة الفرنسية، وهو ما جعل هذه الأخيرة تدرج الأحداث ضمن أجندتها التأريخية كمحطة فاصلة « جزائر ما قبل 20 أوت 1955 و جزائر ما بعد 20 أوت1955 «. خلاصة القول أنها هجمات أحدثت تغيرا نوعيا في مسار الثورة و أكدت بالدليل القاطع على مستوى نجاح التنسيق الذي كان قائما بين القيادات الثورية في تلك الفترة، حتى أن سي مسعود أهدى لباسه العسكري الخاص و رشاشا لزيغود يوسف بعدها مباشرة. يرى البعض بأنه رغم الدور المحوري للشهيد في الثورة وفي الأحداث، إلا أن الرواية التاريخية لم تنصفه و ظلمت مسيرته، فما هو الجانب الذي أغفلته ذاكرة المؤرخين تحديدا؟ هو ليس ظلما، بل تقصيرا، زيغود يوسف موجود على المستوى الرسمي و بشكل يحفظ وزنه و مكانته، فهو مذكور في المناهج التعليمية واسمه يعلو العديد من مؤسسات الدولة، لكنه لم يحظ فعلا بحقه من البحث أكاديميا، لأن تاريخ الرجل و شخصيته يستحقان عملا أكبر من قبل المؤرخين و الباحثين، البطل كان على رأس الوفد الرسمي الذي شارك في مؤتمر الصومام، و يمكن القول بأنه صاحب فكر استغلال الحاضنة الشعبية في الثورة، وقد مارس هذه السياسة نظريا وتطبيقيا، كما أنه مهد أيضا لفكرة إنشاء المجالس الشعبية، التي أعطت هيكلة أكثر و تنظيما أكبر، لفضاء الريف الجزائري خلال الثورة التحريرية. وبالتالي فقد كانت له بصمات واضحة في مسار الأحداث، بمعنى أن الشهيد كان منظرا و ليس مجرد رجل عسكري، كما يشاع عنه، بدليل أنه اتخذ من الحاضنة الشعبية عمقا لضرب الحاضنة الكولونيالية و إحباط مخطط جاك سوستال و بيرلانج، وهذا التخطيط والفعل ينمان عن فكر رجل منظر. بالحديث عن عملية التأريخ والتوثيق هل تثري الروايات الشفهية والسير الذاتية المادة التاريخية فعلا؟ وكيف يساعد إخضاعها للمنهج العلمي على تجاوز شبهة الذاتية في سرد الأحداث ونقل الحقائق؟ جدل المذكرات بين الأوعية الإخبارية و الحقيقة التاريخية، مطروح فعلا، والجواب يكمن في النسق الذي توظف فيه هذه المادة، يجب أن نفهم بأن الكتابة التاريخية تتم على ثلاث مستويات. أولا في إطار رسمي تمثله المناهج التعليمية وغيرها من الوثائق الرسمية، وثانيا في إطار جماهيري كأن يكتب الصحفي مثلا، لكن يبقى الإطار الثالث هو الأكثر دقة وهو الكتابة الأكاديمية البحثية، فلو استخدمنا المذكرات في أول شقين لن تؤثر كثيرا وسيندرج ذلك في إطار الإضافة أو الترويج، لكن عندما يتعلق الأمر بالكتابة الأكاديمية، فإن الاستعانة بها تحتكم لشروط، فبعض المذكرات تغوص في أطر حكواتية و أخرى تجنح إلى الأسطورة أحيانا، لذلك فإن الباحث مطالب بتحري المصدر و الوثيقة، وتحديد الغاية من توظيف هذه المذكرات، فمنها كتابات تقدم إضافة علمية مثل مذكرات القادة كلخضر بن طوبال وعلي كافي، بالمقابل تمنحنا مذكرات أخرى مسارات بحثية لنتتبعها وتفتح لنا نوافذ وتكمل فجوات، لكن التاريخ في النهاية يبنى على الوثيقة والمذكرات، ذلك يبقى تحري الحقيقة ضروريا، سواء من خلال المنهج العلمي أو العودة إلى الوثيقة لضمان الموضوعية، لأن الوثيقة هي التي تنسج الحدث التاريخي. أنت من الباحثين الذين اطلعوا على ارشيف ما وراء البحر، هل تؤيد مطلب استرجاعه أم توافق الطرح القائل بأننا لا نلمك الإمكانيات اللوجيستيكية لحفظه و أن بعض ملفاته يجب أن تظل مغلقة؟ دراسة الأرشيف عملية معقدة تتطلب حنكة ودراية و تمتع الباحث بثوابت وطنية متينة، كي يحافظ على موضوعية البحث ولا يسقط ضحية للرواية الفرنسية، مثلا تذكر الإدراة الفرنسية في وثائقها بأن قتلى العمليات الانتقامية التي تلت أحداث 20 أوت لا يزيد عدهم عن 1200شخصا، بالمقابل ذكر علي كافي في مذكراته، نقلا عن تقارير وجيش وجبهة التحرير سقوط 12 ألف شهيد. قضية الأرشيف متشعبة في اعتقادي الوثيقة لا جنسية لها، ذاكرتنا واسعة و فضفاضة و أرشيفنا ثري منذ المرحلة العثمانية و قبلها و هناك أجزاء هامة منه توجد في عدة دول، والبحث في الذاكرة يستوجب التنقل للبحث والتقصي، فمثلا أرشيف شبكات دعم الثورة موجود في سويسرا، فيما يوجد أرشيف الدبلوماسية الجزائرية خلال ذات الحقبة في الصين و روسيا ودول أوروبا الشرقية. لذلك يجب ألا نركز على دولة بعينها، فالهاجس ليس مكان الوثيقة، بل إمكانية الوصول إليها. الذاتية تطغى على التوثيق و التأريخ للثورة لماذا لا يتم تجميع الوثائق و المواد العلمية التي يتم تحصيلها فرديا من قبل الباحثين في رصيد واحد يثري محتوى الأرشيف الوطني؟ لكي ينجح البحث التاريخي ويؤتي نتائج مهمة، يجب أن يتم في إطار هيكلي مؤسساتي كبير، يحظى برعاية رسمية قصوى، صحيح أن الاجتهادات الشخصية أو تلك التي تتم على مستوى مخابر البحث مهمة، وترقى إلى مستوى البحث العلمي الدقيق، لكن قضية تجميع المصادر ومطابقة الحقائق وغير ذلك، يبقى عملا مرهونا بالهيكلة، كما سلف ذكره، وهو أمر نفتقر إليه في المرحلة الحالية، لذلك لا تزال الذاتية تطغى على عملية التأريخ و التوثيق للثورة. المعلومات التاريخية تتطلب تحيين البرنامج التعليمي كل الحقائق والمعلومات التاريخية التي كشفت عنها عمليات البحث و الاضاءات التي جاءت بها الوثائق الأرشيفية على اختلافها، ألا تتطلب في رأيك تحيينا لمضامين المنهاج التعليمي في مدارسنا ؟ فعلا أنا مع هذا الطرح، أرى بأن العالم يتغير والمعطيات تتجدد و كل ما استقيناه من معلومات في السنوات الماضية، يستوجب تحيينا للبرنامج التعليمي، كأن نضيف معلومة ونلغي أخرى، حسب الأولوية، نقدم عولمة و نؤخر أخرى، حسب المراحل التي نعيشها وحاجتنا إلى فهم الأحداث المرتبطة بها، لذلك أعتقد أن المناهج عموما، يجب أن تراجع كل ثلاثين سنة تقريبا، لتتماشى مع كل جديد في الداخل والخارج، فحتى دروس تاريخ العالم التي تدرس لأبنائنا تستدعي ذلك أيضا . حاورته : هدى طابي