أعطى رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، تعليمات لوقف انهيار القدرة الشرائية للجزائريين والتي تراجعت في الفترة الأخيرة بسبب ارتفاع مستويات التضخم والتي يرجعها الخبراء إلى القرارات التي تم اعتمادها من قبل النظام السابق بضخ عشرات الملايير من الدولارات دون مقابل اقتصادي، ما أدى في النهاية إلى ارتفاع الأسعار بنسب غير مسبوقة بلغت 100 بالمائة أو حتى 200 بالمائة. وجاءت القرارات التي أعلن عنها الرئيس خلال اجتماع مجلس الوزراء، المنعقد الأحد، لدراسة مشروع قانون المالية للعام المقبل، تجسيدا للتدابير التي تضمنها برنامجه الرئاسي بتعزيز القدرة الشرائية وتحسين الوضع الاجتماعي الذي يعرف تراجعا بسبب تهاوي قيمة الدينار والركود الاقتصادي جراء جائحة كورونا، إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة، بالموازاة مع دعوات لمراجعة سياسة الدعم. ويؤكد الخبراء، على ضرورة مواجهة التردي الاجتماعي بتدابير اقتصادية بعيدة عن سياسة توزيع الريع التي كانت معتمدة في السابق والتي تسببت في أضرار وخيمة على الاقتصاد الوطني من خلال شراء السلم الاجتماعي على حساب الأداء الاقتصادي، ما أدى في الأخير إلى انهيار الآلة الانتاجية وارتفاع التضخم. وربط رئيس الجمهورية، القرار التي أعلن عنه لتحسين القدرة الشرائية مباشرة بتحسن الوضع الاقتصادي للبلاد، وأشار الرئيس، كما جاء في البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية، إلى أن السنة المقبلة، ستشهد تحسنا في مؤشرات أداء الاقتصاد الوطني، بفضل الإصلاحات والإجراءات التحفيزية، التي تم اتخاذها، مشددا، على ضرورة اتخاذ كل التدابير، للحفاظ على القدرة الشرائية، وأمر فورا بتخفيض الضريبة على الدخل الإجمالي. وكذا رفع النقطة الاستدلالية في الوظيف العمومي. وأكد الدكتور محمد حمدوش الخبير الاقتصادي لدى البنك الدولي، أن القرارات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، يمكن أن تشكل ردا مؤقتا على تدهور القدرة الشرائية، مضيفا في تصريح «للنصر» أن تصحيح الاختلالات الاجتماعية وتحسين مستوى معيشة المواطنين مرتبط بتحسين أداء الاقتصاد الوطني، وإطلاق إصلاحات هيكلية من شأنها إعادة بعث الحركية الاقتصادية. وقال الدكتور حمدوش «قد تكون هذه الزيادات ذات اثر ايجابي على القدرة الشرائية للعمال والموظفين وهو ما ستكشف عنه الحكومة ضمن الاقتراحات التي ستقدمها في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2022 بعد دراسة الأثر المالي المترتب عن القرار وكيفية تغطيته عبر الإيرادات الجبائية». ويعتبر الخبير الاقتصادي، أن الانخفاض المسجل في القدرة الشرائية لدى الجزائريين من أبرز عوامله سياسة الأجور أو الرواتب، التي تعد مجرد تسميات للمقابل المادي، الذي يحصل عليه العامل نظير خدماته لصاحب العمل، حيث منذ سنة 2012 لم يتم مراجعتها، رغم الارتفاع المستمر والمتواصل للأسعار "التضخم"، الذي أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية إلى النصف وكذا تخفيض قيمة العملة الذي تحول من أداة اقتصادية إلى وسيلة استندت عليها الحكومات المتعاقبة لتخفيض عجز الموازنة، حيث فقد الدينار خلال عشر سنوات الأخيرة 45 بالمائة من قيمته، أمام الدولار وهو الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع كل أسعار السلع المستوردة. ومن المنتظر أن يكشف عن قيمة النقطة الاستدلالية الجديدة في قانون المالية 2022 ، حيث يشكل القرار أحد أوامر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال مجلس الوزراء المتعلقة بإثراء مشروع قانون المالية 2022 ، والذي سيعرض على نواب البرلمان للمصادقة بعد مناقشته واعتماده رسميا من قبل مجلس الوزراء في اجتماعاته القادمة. وأكد الخبير الاقتصادي، عبد الصمد سعدي، أن رفع النقطة الاستدلالية وتخفيض الضريبة على الدخل، تدخل ضمن التدابير الاجتماعية التي سيتم اعتمادها في إطار قانون المالية للعام المقبل، كرد على الانهيار المستمر في القدرة الشرائية للمواطنين، واستجابة لنداءات النقابات والطبقة الشغيلة بضرورة مراجعة مستوى الضريبة التي تقتطع من المصدر. وأوضح الخبير أن مراجعة النقطة الاستدلالية لرفع الأجور أفضل من رفع المنح لأنها غير ثابتة كما أنها يمكن أن تتغير من منطقة لأخرى ومن زمن لآخر، بينما النقطة الاستدلالية تشكل زيادة ثابتة وتمس الجميع لأنها تؤثر على الأجر القاعدي، خاصة وأن هذه النقطة لم تتغير منذ سنوات عديدة، موضحا بأن تنفيذ القرار يحتاج إلى دراسة معمقة لتحديد الأثر المالي المترتب عن القرار، مشيرا إلى أن رفع النقطة الاستدلالية سوف تؤدي تلقائياً إلى زيادة الأجور، متسائلا عن كيفية تطبيق الإجراء في وقت تعاني فيه الموازنة والخزينة من عجز كبير، خاصة وأن هذا القرار يترافق مع تخفيض الضريبة على الدخل ما يعني اقتطاع إيرادات هامة من الجباية العادية، التي تتأتى أساساً من الضرائب على غرار الضريبة على أرباح الشركات التي تعاني من ركود.