أحدث مارك زوكربرغ، مؤسس فايسبوك، ضجة عالمية قبل أيام قليلة، بعدما أعلن عن تغيير اسم الشركة الأم، إلى " ميتا"، و هي كلمة مشتقة من "ميتافيرس" التي تربط بين كلمتي "ميثا" اليونانية، وتعني ما بعد أو ما وراء فيرس، وهي اختزال لكلمة "يونيفرس" أو العالم. أصل الضجة العالمية، كان الاعتقاد بأن منصة فايسوك ستحمل الاسم الجديد، قبل أن تتوضح الرؤية، و يعود التركيز ليحيط بالفكرة الرئيسية، وهي أن العالم مقبل على مرحلة جديدة من الانفصال عن الواقع و العيش في عالم افتراضي مواز، يرى البعض بأنه سيشكل خطرا على البشرية مستقبلا، خصوصا إذا نجح زوكربرغ في تحويل الميتافيرس إلى منتج سهل و واسع الاستهلاك، كفايسبوك و إنستغرام و واتسآب وغيرها من التطبيقات، التي يدمنها سكان الكوكب. ما هو الميتافيرس؟ الميتافيرس أو الفضاء المشترك، كلمة تجمع معنيين، ميتا المصطلح اليوناني ومعناه ما بعد أو ما وراء، و فيرس أو الفضاء، و فكرة الميتافيرس، كما قدمها مارك زوكربرغ، تخص عالما افتراضيا لا يحكمه زمان أو مكان، ولا ينتهي عند حدود جهاز معين، يرتبط بشكل مباشر بالعالم الواقعي، وذلك عن طريق تقنيات معززة، مثل تقنية البعد الثالث التي نراها في الألعاب الإلكترونية المتطورة على غرار لعبة " الروبلوكس". تكمن ميزة هذا العالم كذلك، في أنه يمكنك من اكتساب شخصية أخرى، و التفاعل عن طريقها مع الآخرين، لكن بشكل مرئي، فتختار لنفسك وجها و جسدا مغايرين، و تستخدم ما تفضله أيضا، كصوت و إسم و أن تنتقل بسرعة من مكان إلى آخر وأن تتسوق و تطير و تتخفى، يمكن كذلك في الميتافيرس، أن تلتقط لنفسك صورة ثلاثية الأبعاد، ترسلها إلى المكان الذي تريده، مع القدرة على التفاعل بشكل كامل، و كأنك موجود فعليا في المكان، مع أنك قد تكون جالسا في منزلك، أو في مقهى، أو أي مكان آخر بالكوكب. "ميتا" إمبراطورية تضم 3 ملايير شخص ردود أفعال متفاوتة، خلفها إطلاق مؤسس الفضاء الأزرق لهذا المصطلح الجديد، ففي وقت حاول الخبراء وأصحاب التخصصات التقنية، شرح الفكرة و تبسيط المعنى، جنح الأغلبية إلى السخرية، كمن علقوا " سوف تتحول الفسبكة إلى متمتة "، و تصدرت الكلمة الترند لأيام، على مختلف الوسائط الاجتماعية، خصوصا وأن مارك تحدث عن بعد جديد سينتقل إليه الإنسان، بمجرد ارتدائه نظارات رقمية و استخدامه سماعات ذكية، حيث قال في فيديو انتشر بقوة عالميا " لكي نعكس لكم من نحن و ما نريد القيام به، أعلن لكم بفخر، أن شركتنا اليوم اسمها ميتا، مهمتنا ستبقى نفسها و هي جمع الناس ببعضهم ، من اليوم فصاعدا سوف نتحول إلى الميتافيرس، أولا وليس فايسبوك، هذا يعني أنكم مع الوقت لن تكونوا بحاجة إلى فايسبوك، للوصول إلى باقي خدمات شركتنا، وعندما يصبح رمز علامتنا معتادا من خلال خدماتنا المختلفة، آمل أن يتعرف المستخدمون على مزايا " ميتا"، و العالم الجديد الذي نريد بناءه"، وقد أثارت هذه الجملة تحديدا، الكثير من المخاوف، خصوصا وأن الشركة تحصي ما يزيد عن ثلاثة ملايير مستخدم لمختلف تطبيقاتها. جدل عالمي حول حقيقة التوجه الجديد توقيت الإعلان عن هذا التغيير المفاجئ، أثار الكثير من الجدل، خصوصا وأنه جاء مباشرة بعد فضيحة التسريبات التي فجرتها موظفة سابقة في الشركة، تدعى فرانسيس هوغين، و اتهمت فيها فايسبوك، بالاهتمام بالربح والمتاجرة ببيانات المستخدمين، بدلا من الاستخدام الآمن لتطبيقاتها، وهي اتهامات تضاف إلى الانتقادات التي طالت الشركة بسبب " الإيموجي الغاضب " الذي تعمل خوارزميات فايسبوك على تسريع انتشاره، بشكل قيل بأنه أجج خطاب الكراهية وهو ما أدى إلى ظهور مطالبين بضرورة فرض نظام رقابة على فايسبوك. لذلك فإن هناك من الخبراء و المتابعين من قالوا بأن تحركات فايسبوك جاءت كمناورة للهروب من الضغوطات القانونية والرقابية التي تتعرض لها، و محاولة للهروب إلى الأمام، و تخطي الفضيحة من خلال تحويل الاهتمام عن الموضوع الرئيسي. بالمقابل يرى آخرون بأن الشركة، تنوي فعليا تطوير نفسها لكسب رهان الجمهور الذي سرقته منها تطبيقات أخرى عديدة، وذلك بدليل أنها اشترت قبل مدة، شركة خاصة بإنتاج و تطوير أجهزة العالم الافتراضي تعرف ب" أكيلوس". من جهة ثانية، ذكرت تقارير إعلامية، بأن نسبة كبيرة من منتجات ميتافيرس، ستكون عبارة عن إعلانات تجارية، وهو ما يعني بأن موقع فايسبوك يريد استغلال مستخدميه، لتحقيق الربح من خلال الترويج للتجارة الرقمية وبيع الصور الرمزية للانتقال بين العالمين الواقعي والافتراضي، خصوصا وأن ميتا تهيمن حاليا على 24 بالمئة من سوق الإعلانات الرقمية. يتزامن ذلك مع صدور تقرير لمجموعة "جيفرس" الأميركية للخدمات المصرفية والاستثمارية، أشار إلى أن هناك استعدادا عالميا لإنفاق أكثر من 80 مليار دولار على المنتجات الافتراضية. * الخبير في التكنولوجيا رياض بغدادي خطر الميتافيرس يكمن في اختراق الخصوصية أوضح الخبير في التكنولوجيا بمعهد ماساتشوتاس بالولايات المتحدة الأميركية رياض بغدادي، بأن الميتافيرس، كما تحدث عنه مارك زوكربرغ، هو عبارة عن أرضية جديدة يطورها فايسبوك، ستسمح للمستخدمين في المستقبل بالتواصل على مستوى أعلى، ضمن فضاء افتراضي ثلاثي الأبعاد، حيث يمكنك أن تنتقل إلى غرفة الشخص الذي تريد الحديث معه مباشرة و بشكل يتيح التفاعل. علما أن أهداف الشركة من هذا التوجه لا تزال غير واضحة ، خصوصا في ما يتعلق بطبيعة المشروع، هل هو منصة تواصل اجتماعي، أم مجرد تطبيق محادثة؟، رغم أن التوقعات الأولية أشارت، حسبه، إلى أن مارك يتحدث بالعموم عن تطبيق مستقل بحد ذاته. الميتا، حسب بغدادي، هو الاسم الجديد للشركة الجامعة لعدد من المنتجات والتطبيقات، على أن يحتفظ تطبيق فايسبوك باسمه، ليكون الميتافيرس امتدادا له على الأغلب، خصوصا وأن الشركة الأم، لم تحدد بعد إذا كانت ستجمع المنتجين أو أنها ستقدم ميتافيرس كمنتج جديد للمستخدمين الراغبين في تجربة سحر العالم الافتراضي. عن تأثيرات هذه التكنولوجيا، قال بغدادي بأن هذه الأرضية لن تختلف في سلبياتها عن مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، لكنها قد تكون أسوأ نوعا ما، لأن إدمان العالم الافتراضي قد يزيد بفعل خاصتي التفاعل والانتقال السريعة، كما أن أكثر الخصوصية سوف تتضرر، بشكل كبير في هذا العالم. بالنسبة للمهتمين بالتكنولوجيا، فإن هذا المنتج الجديد، سيفتح آفاقا وفرصا جديدة للعاملين في المجال، لأن فايسبوك اقترحت ميتافيرس كأرضية، وتعتزم طرح أكثر من 10 آلاف منصب عمل في هذا المجال، وبالتالي فإن أي منتج للتكنولوجيا، وخصوصا التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد، يمكنه أن يكون جزء في عملية التطوير، سواء من خلال إنتاج الملابس أو قطع الديكور أو تطوير أي منتج قد يستخدم في العالم الافتراضي. أضاف المتحدث بأن الفكرة ليست جديدة، وقد اعتدناها في الألعاب الإلكترونية، لكن الأمر يتعلق بمحاولة لحماية فايسبوك و الحفاظ على مستخدميه، عن طريق توفير منتج أكثر قدرة على الاستقطاب، كتوسيع رقعة استخدام تقنيات العالم الافتراضي المعزز، لتجمع عموم الناس، بدلا من انحصارها في فئة عشاق الألعاب فقط.