انتشر مؤخرا، على تطبيق تيك توك، تحد عنيف تقوم خلاله أمهات بترهيب أطفالهن الصغار، بغرض حصد مزيد من التفاعل و رفع عدد متابعي حساباتهن، على حساب صحة أبنائهن النفسية و هو تحد يعرف « بالشبح الأزرق»، ويحذر منه الأخصائيون النفسانيون. تقوم أمهات منذ فترة، بنشر فيديوهات تظهر أطفالهن وهم في حالة رعب هستيرية، بسبب لعبة مخيفة يستخدمنها لتخويفهم، من أجل حصد أكبر عدد من المشاهدات و تعزيز التفاعل مع الحساب على منصة تيك توك، إذ تقوم الأم بحبس طفلها داخل غرفة مع تشغيل لعبة تبث صورة على شكل هولوغرام لشبح أزرق، يصدر قهقهة مرعبة، فينهار الطفل باكيا و يبدأ بالصراخ و الجري و محاولة فتح باب الغرفة بيأس شديد، فيما تسجل الأم كل هذه التفاصيل و هي تضحك خلف الباب، و تشارك جمهورها الفيديو على المباشر، وهو ما أثار غضبا واسعا عبر العالم و دفع بالبعض إلى مطالبة المنصة بتوقيف التحدي و حذف الفيديوهات، بالمقابل طلب أولياء و جمعيات، العدالة بالتدخل في كثير من الدول. و لا تزال المنصة، تثير الجدل في كل مرة بفعل هذا النوع من المحتوى، خصوصا وأنها لا تضع أية شروط على نوعية ما يبث عبرها، ما ضاعف المطالب بضرورة توقيف تطبيق تيك توك كليا، خصوصا بعد رواج التحدي الأخير، الذي يستهدف الأطفال، وقد يشكل صدمة يمكن أن تعرضهم إلى أمراض نفسية مستقبلا، و تؤثر على تصرفاتهم و انفعالاتهم وذلك بحسب ما جاء في العديد من التعليقات، و قالت سيدات أنهن حظرن تحميل التطبيق كليا، لأنه أصبح يشكل خطرا على أبناهن، وأضفن، بأن غياب الرقابة من قبل مسيري المنصة، يتطلب فرض رقابة منزلية من طرف الأولياء على كل ما يبث عبرها، حيث صار من الضروري حسبهن، مرافقة الأطفال و التأكد من طبيعة البرامج التي يتابعونها، و بدل تعريضهم إلى نوبات خوف وبكاء هستيرية وجب تقديم الحب والرعاية لهم وغرس الشعور بالاطمئنان والأمان في داخلهم، حتى تُبنى علاقة سليمة بثقة متبادلة بين الطفل والعائلة. وأكد الأخصائي النفسي العيادي كمال بن عميرة للنصر، بأن منصة تيك توك، وما يرافقها من تطبيقات وبرامج تنشر مقاطع عنيفة أو صادمة، تعتبر مصدر خطر على الصحة النفسية و العقلية وحتى البدنية للأطفال، كما تعد تهديدا صريحا للعائلات، خاصة مع انعدام الرقابة عليها من جهة، ومع غياب النضج والتوجيه السليم ومرافقة الأبناء من جهة أخرى. وأوضح الأخصائي، أن أكبر ضرر ناتج عن مثل هذه التحديات، هو زعزعة أمان الطفل وفقدانه لثقته في أبويه خاصة وأن الأب هو المصدر الأول للأمان، كما أن حاجة الولد إلى السند والإحساس بالاطمئنان في مرحلة الطفولة الأولى، هي من أهم العناصر التي يجب أن تقدّم إليه، حتى ينشأ بطريقة سوية و متوازنة و وسط ظروف مستقرة، تمكنه من مواجهة الواقع بكل ثبات. و قال بن عميرة، أن تعرّض الطفل إلى مثل هذه التحديات يدفعه إلى فقدان الثقة و الشعور بالأمان اللذين يترتب عنهما الخوف و الاكتئاب والهواجس والتبول اللاإرادي و الانعزال وفي حالة عدم علاج الطفل المتعرض لهذه الصدمات، أكد المتحدث، بأن التراكمات سوف تنتج شخصية هشة وغير ناضجة، مما يصعّب على الفرد في حياته مستقبلا ويمنعه من تكوين عائلة أو ربط علاقات أو التعاطي بسلاسة مع محيطه. وأشار، إلى أن الأشخاص الذين ينفذون مثل هذه التحديات هم في الغالب غير مستقرين نفسيا، خاصة من ناحية الانفعال والعاطفة، و يحتاجون بدورهم إلى العلاج النفسي المكثف قبل أطفالهم، كما يحتاج هؤلاء، إلى توجيه سلوكي وإرشاد أسري. وكحلول ضرورية لهذه المشاكل، اقترح الأخصائي، إخضاع الطفل المعنف للمتابعة كي يسترجع ثقته في أبوية، كما ينصح الأولياء بالمراقبة ما يشاهده أبنائهم، و التحلي بالمسؤولية تجاههم ومحاولة معرفة اهتماماتهم وتشجيعهم.