رافع قادة و رؤساء الدول العربية المشاركة في أشغال الدورة 31 للقمة العربية، و التي اختتمت، أمس، بالجزائر العاصمة، من أجل بناء تكتل اقتصادي عربي منيع يحفظ المصالح المشتركة للدول العربية، لا سيما في ظل الظرف الراهن الذي يتسم بتصاعد التوترات و الأزمات التي تحيط بالعالم العربي «الذي لم يعرف في تاريخه المعاصر مرحلة في منتهى الصعوبة وباعثة على الانشغال والقلق»، مثلما أكده رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في كلمته الافتتاحية للقمة، حيث دعا الدول العربية لأن تكون ذات تأثير في المشهد العالمي والاقتصاد الدولي. و دعا رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون إلى بناء تكتل اقتصادي عربي منيع يحفظ المصالح المشتركة للدول العربية، مؤكدا في هذا الشأن، أنه «يتعين علينا جميعا بناء تكتل اقتصادي عربي منيع يحفظ مصالحنا المشتركة مع تحديد الأولويات والتركيز على مجالات العمل المشترك، ذات الأثر الإيجابي السريع والملموس على الشعوب العربية». وأشار إلى أن هذه القمة تنعقد في ظل «ظروف إقليمية ودولية استثنائية، بالغة التعقيد والحساسية تتميز على وجه الخصوص بتصاعد التوترات والأزمات لاسيما في عالمنا العربي الذي لم يعرف في تاريخه المعاصر مرحلة في منتهى الصعوبة وباعثة على الانشغال والقلق، كما هو الحال في المرحلة الراهنة». مضيفا في ذات السياق إلى أنه «وفي ظل ما تتوفر عليه منطقتنا العربية من إمكانيات ومقدرات طبيعية وبشرية ومالية هائلة تؤهلنا أن نكون فاعلين في العالم كقوة اقتصادية، لا نقبل أن يقتصر دورنا الاقتصادي على التأثر ولابد من استرجاع الثقة بأنفسنا لنكون ذوو تأثير في المشهد العالمي والاقتصاد الدولي لاسيما وأن احتياطات النقد لبلداننا العربية يعادل دخل احتياطي أوروبا أو مجموعات اقتصادية آسيوية أو أمريكية كبرى». وسار الرئيس التونسي قيس سعيد، في نفس الاتجاه، مؤكدا في كلمته، على أن الدول العربية بإمكانها أن تؤسس معا، في إطار جامعة الدول العربية، لمستقبل أفضل للمنطقة العربية و للأمة و للإنسانية جمعاء، لا سيما على خلفية السنوات الصعبة التي مر بها العالم العربي و العالم ككل في سياق جائحة كورونا مع ما رافقها من تأزم للأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية، و تفاقم الأزمة الطاقوية و تسارع التضخم واشتداد مشكل الأمن الغذائي في عديد مناطق العالم. و بدوره رافع وزير الشؤون الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود، من أجل التكامل الاقتصادي بين الدول العربية، وأبرز أن «تداعيات الأزمات والصراعات الدولية أظهرت أهمية التكامل الاقتصادي بين دولنا العربية»، مضيفا أن المملكة تؤكد في هذا الإطار على «أهمية العمل العربي الجماعي واستثمار إمكانات المحيط العربي من ثروات طبيعية وموارد بشرية وتنوع حيوي وغذائي لسد احتياج أسواق الغذاء العربية». وأشار ملك البحرين في رسالة قرأها نيابة عنه ممثله الخاص، محمد بن مبارك آل خليفة إلى القواسم المشتركة بين دول العالم العربي، حيث دعا إلى أهمية التكامل في مختلف الأصعدة سيما منها الاقتصادية لمواجهة التحديات الجديدة منها ما تعلق بتحقيق الأمن الغدائي العربي والأمن المائي. فيما دعا ولي العهد الأردني، الحسين بن عبد الله الثاني، الدول العربية للعمل سويا للوصول لشبكة تعاون اقتصادية عربية «حقيقية و فعالة» تضع دول المنطقة في مكانها اللائق على خريطة الاقتصاد العالمي. و اعتبر ولي العهد الأردني، في كلمته خلال أشغال الدورة 31 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، أن الازمات التي يشهدها العالم كتداعيات جائحة كورونا و الأزمة الأوكرانية تتطلب «عملا عربيا تكامليا» لمواجهتها. و أشار إلى أنه و باعتبار أن تحديات الدول العربية «متشابهة» و «الفرص مشتركة» فإنه لا بد من الاستفادة من الامكانيات الواعدة في مجالات التجارة و الاستثمار و الصناعة والسياحة و الزراعة. بدوره أشاد ولي عهد دولة الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح بمشروع الاستراتيجية الشاملة للأمن الغذائي العربي الذي أثير خلال القمة، مطالبا أن «يوضع المشروع محل تنفيذ في أقرب وقت». من جهة أخرى، رافع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، من أجل تكامل القدرات بين الدول العربية على تنوعها لإقامة منظومة صلبة قادرة على مواجهة التحديات المشتركة، والأزمات الدولية المستجدة و التي منها أزمتي الطاقة والغذاء، مؤكدا «بل إنها ستوفر الحماية الرئيسية لنا جميعا، من الاستقطاب الدولي، الآخذ في التصاعد في الفترة الأخيرة». السودان جاهز لتحقيق شعار «سلة غذاء العالم» و أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي لجمهورية السودان، عبد الفتاح البرهان أن المتغيرات الدولية والتقلبات المناخية أظهرت الكثير من مظاهر الأزمات وفي مقدمتها أزمة الغذاء العالمي، معربا عن أمله أن «تتبنى هذه القمة، قرارات تحث منظمات الجامعة العربية والدول والحكومات العربية، لدعم مشروع الاكتفاء الذاتي لأمتنا العربية من الحبوب والغذاء بأعجل ما تيسر». وعليه، أكد جاهزية بلاده لتحقيق الشعار «القديم المتجدد» ليكون السودان سلة غذاء العالم، مضيفا وضع كل الإمكانيات تحت تصرف الجامعة العربية لتحقيق مبادرة الأمن الغذائي العربي. و أشار بعد قادة الدول العربية، و بالأخص من تعاني بلدانهم من حروب و أزمات إقليمية، إلى ضرورة التكاثف و الدعم العربي، من أجل اخراج هذه البلدان من المرحلة الصعبة التي تعرفها، و الأثار المدمرة للأزمات التي تعصف بها، و كذا من أجل دفعها إلى أن تسير في طريق النمو و تتمكن من تأمين أوضاع أفضل لشعوبها. و في هذا الإطار، أكد رئيس جمهورية القمر، السيد غزالي عثماني، اهتمام بلاده بتعزيز الشراكة الاستراتيجية والتعاون مع الدول العربية في المجالات كافة داعيا القادة العرب إلى المشاركة في الندوة الحكومية المقررة بجزر القمر شهر ديسمبر المقبل لمتابعة نتائج مؤتمر المانحين المنعقد في 2019 بباريس وهذا «لتمكين الحكومة القمرية من القيام بتمويل خططها التنموية لجعل البلاد دولة صاعدة بحلول عام 2030». كما دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي إلى «تفعيل دور المؤسسات العربية المشتركة بما في ذلك البناء على المبادرات و المقترحات الرامية إلى انشاء تكتل اقتصادي ضامن للأمن الاقتصادي العربي والحد من الأثار المدمرة للأزمات الدولية الراهنة خصوصا على البلدان الأكثر هشاشة كجزء من الاستراتيجية العربية الشاملة للتنمية ولاستغلال مواردنا المتاحة». من جانبه دعا الرئيس الصومالي حسن الشيخ محمود في كلمته خلال أشغال الدورة ال31 للقمة العربية ، أن «هذا الاجتماع الهام ينعقد في وقت تواجه فيه المنطقة العربية أزمات وتحديات مختلفة تهدد أمن واستقرار المنطقة العربية والعالم أجمع، في ظل تحديات جائحة كورونا، وتداعيات الأزمة في أوكرانيا والذي زاد من أعبائنا الأزمات الغذائية المترتبة عنها، وهو ما يحتم علينا توحيد الجهود وتفعيل آليات العمل العربي المشترك واعتماد سياسات تنموية حقيقة وجادة نحو إيجاد حلول ناجعة للأزمات الطاحنة في المنطقة». وفي هذا السياق، دعا الرئيس الصومالي إلى «بذل الجهود لخدمة القضايا العربية في إطار العمل العربي المشترك والتشاور من أجل تجاوز الأوضاع الاستثنائية التي تعيشها المنطقة العربية».