يصنف موقع تويتر، في خانة آخر شبكات التواصل الاجتماعي استخداما في الجزائر، متأخرا عن فيسبوك الذي ينال اهتمام غالبية الشرائح و يفرض هيمنته بشكل مطلق على بقية المواقع بما في ذلك تويتر، ذي الأهمية البالغة و التأثير الكبير في العديد من المجالات على غرار السياسة والاقتصاد، نظرا لكونه منصة ينشط عبرها الرسميون و رجال الأعمال و الإعلام و أهم الشخصيات في العالم بمن فيهم رؤساء الدول والحكومات، فضلا عن أن تويتر، بوابة خلفية للدعاية المغرضة التي تتعرض لها الجزائر بشكل ممنهج. رميساء جبيل يفضلون الفضاء الأزرق يظهر التقرير الرقمي للجزائر في 2022، أن عدد مستخدمي الإنترنت بلغ 27,28 مليون شخص، وبلغ مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي 26,60 مليون شخص، فيما يلج 46,57 مليون مستخدم إلى الإنترنت بواسطة الهواتف النقالة، و رصد التقرير ارتفاعا في عدد المستخدمين عموما بلغ 17 مليون شخص انضموا إلى الشبكة العنكبوتية، كما التحق في نفس السنة 16 مليون جزائري بشبكات التواصل الاجتماعي، بحيث وصل عدد مستخدمي فيسبوك إلى حوالي 25,43 مليون مستخدم ليحتل الصدارة كأول منصة اجتماعية في بلادنا. ويبين التقرير أن المواقع الأكثر زيارة في الجزائر هي واد كنيس و فيسبوك و يوتيوب و غوغل الذي يبقى محرك البحث الأكثر طلبا بنسبة 98,60 بالمائة، فيما بلغ عدد مستخدمي منصة أنستغرام 8,60 مليون مستخدم بزيادة حوالي 18 مليون مستخدم عن العام الماضي، و بلغ مستخدمو تطبيق ماسنجر حوالي 14,25 مليون مستخدم، تليه شبكة لينكد إن ب 2,80 مليون مستخدم، يليها مباشرة تطبيق سناب شات، فيما لا يزال تويتر متأخرا ولا يتعدى عدد المغردين عبره 891 ألف مستخدم. جدير بالذكر، أنه لطالما صنفت التقارير الدولية الجزائر في ذيل قائمة الدول المستخدمة لتويتر، رغم تميز المنصة بسرعة فائقة في إيصال المعلومات الإخبارية، واعتباره منافسا قويا لوكالات الأنباء العالمية ووسائل الإعلام، و مساهمة الموقع أيضا في نشر الأفكار ومشاركة الاهتمامات، بفضل ظهور التدوينات القصيرة على غوغل. و مع غياب الجزائريين عن الموقع، وجد الذباب إلكتروني المجند ضد بلادنا، في هذا الفضاء فرصة لنشر المعلومات الكاذبة، في محاولة بائسة لتشويه سمعة البلاد، وفي مقال سابق للنصر نشر سنة 2021، تتبعت فيه رحلة هاشتاغ الهجمات الإلكترونية، اتضح أن أغلب التغريدات المسيئة للجزائر صادرة عن بلد جار، ومن حسابات مزيفة، ما يعني أن الأمر يتعلق باستغلال برامج لا يستبعد أن تكون بمساعدة الكيان الصهيوني الذي يحاول المغرب الاستقواء به منذ تطبيعه. * الخبير في التكنولوجيا الرقمية يزيد أقدال 3 بالمائة من الحسابات مفعلة قال الخبير في التكنولوجيا الرقمية يزيد أقدال، أنه من خلال ملاحظاته للتفاعل على تويتر، فإن استخدام الموقع قليل في الجزائر و المغرب العربي عموما، و أن غالبية المستخدمين من النخبة، إذ لا يحصي الفضاء ما يزيد أو يقارب 900 ألف حساب في بلادنا، تمثل فيه الحسابات النشطة 3 بالمائة فقط، من المجموع الكلي و يطبعها نشاط و تفاعل محدودان. ويرجع المتحدث، هذه الظاهرة إلى أسباب ترتبط بتاريخ مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، قائلا إنه عند دخول خدمة الجيل الثالث، إلى الجزائر كانت شبكات التواصل في بداياتها، في حين كان تويتر ناشطا في الشرق الأوسط و بشكل كبير، ولذلك علاقة كما أوضح بنشاط الفنانين والمشاهير عبره، وهو ما وجه الجماهير نحو عكس الجزائر، التي عرفت تأخرا في التحاق السياسيين و الإعلاميين و المشاهير و الأفراد بالمنصة ولهذا توجه الجميع نحو استخدام فيسبوك. و يلعب موضوع تحديد الكلمات التي يمكن استعملها على تويتر، دورا كبيرا في غياب الفرد الجزائري عنه لأنه مستخدم يحب الحديث ومشاركة أي نوع من المنشورات سواء الصور أو الفيديوهات أو النصوص وهي خاصية يوفرها فيسبوك أكثر، مع ذلك يبقى تويتر أغنى من حيث المحتوى، لأنه منصة مفضلة للسياسيين والصحفيين والمشاهير. أما فيما يتعلق بالهجمات الإلكترونية ضد الجزائر فيرى المتحدث، بأن الدعاية على تويتر، عمل تقوم به أجهزة منظمة تسيرها دول معينة و يستوجب التصدي لها تفعيل أجهزة مماثلة مضادة، فمثلا يمكن أن يكون الدفاع منظما ومؤسسا على فيسبوك كما يمكن أن يقوم على نشاط أفراد ومبادرات مستقلة أيضا لنشر محتوى الإيجابي، وهو أمر يرتبط مباشرة بعدد المستخدمين و مدى تفاعلهم. وعليه يرى، أن الدولة ستسد الفراغ على توتير إن كان موجودا وتنبهت له و كانت تعتبر ذلك ضرورة وهذا متعلق بتقييمها للوضع كما أوضحا، مضيفا بأن هذا العمل يقوم أساسا على توظيف أجهزتها و إعلامها و قطاعاتها الأخرى لمجابهة الحملات ضد الجزائر . * أستاذ علم الاجتماع مراد بوعيسي اختيار يرتبط بعقلية الفرد الجزائري يقول أستاذ علم الاجتماع بجامعة قسنطينة 2 مراد بوعيسي، أن موقع تويتر يحتوي على 25 بالمائة من مجمل مستخدمي الشبكات الاجتماعية في العالم، بينما يملك فيسبوك الأضعاف، إذ يضم 1,39 مليار مشترك عالميا، لذلك فهي شبكة اجتماعية مستخدمة على نطاق واسع أكثر من تويتر، قائلا أن 36 بالمائة من المستخدمين يتصلون مرة واحدة يوميا على تويتر مقابل 70 بالمائة على فيسبوك، كما أن مستخدمي الإنترنت يقضون ما معدله 340 دقيقة شهريا على فيسبوك و74 دقيقة على تويتر، ومستخدمو فيسبوك لديهم في المتوسط 177 صديقا، مقابل 86 متابعا على تويتر على صعيد ريادة الأعمال. ويضيف الأستاذ، أنه من الناحية الاجتماعية، نجد أن فيسبوك يحظى بأهمية كبيرة، لأن مستخدم الإنترنت يعتمد بصفة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي بين الأصدقاء مهما اختلفت أماكنهم ولكن من خلال التطبيق حيث يشارك الجزائريون معلوماتهم الشخصية مع السماح للأصدقاء بمعرفة الحالة الاجتماعية و الحالات العاطفية ومدى تطورها وليس هذا فحسب، بل يسمح المستخدم للأصدقاء بالتدخل في تفاصيل حياته ومشاركته في قراراته.أما موقع تويتر، فيسمى في مواقع التواصل الاجتماعي بالمجتمع المغلق كونه يحتوي نوعية معينة من الأفكار والآراء و الأخبار التي تتضمنها التغريدات فهناك رسائل على الخاص فقط، و عادة ما يفرض بعض مستخدمي المنصة، قيودا على حساباتهم ولا يفضلون مشاركة المتابعين حياتهم الشخصية والتدخل فيها. ويوضح، أن الفرد الجزائري بطبعه عندما ينتقل من العالم الواقعي إلى الافتراضي، سيعيش حياته اليومية فيه من خلال تحديد مواقع زياراته وتحركاته وأنشطته اليومية من أكل وشرب ولبس و يشارك قصصا على حسابه بشكل يومي وبكثرة، ولهذا يبقى موقع التواصل الاجتماعي على رأس شبكات التواصل الاجتماعي من حيث السهولة في التواصل والاستخدام وتوفر التسلية وأكثر ما يميزه، الشمولية والتنوع والجمع بين كل الأمور التي يستحضرها المستخدم في حياته اليومية سواء كانت معلومات أو أخبارا أو منتجات أو تسلية و ترفيها وحتى صفحات ومجموعات للتواصل و العلم أو أي شيء معين، وهذا الاستخدام أكثر سهولة على الفضاء الأزرق. أما موقع تويتر، يتميز باحترافية كبيرة في تناول المعلومات وعرض الأفكار حيث تضم الشبكة ملايين المستخدمين و المحترفين، و بمجرد الولوج إلى المنصة يمكن الوصول إلى معلومات وموضوعات تمس اختصاص المستخدم ومتابعة أخبار المحترفين في المجال على حساباتهم، لهذا فإن الغالبية العظمى من مستخدمي تويتر، يعتمدون على الموقع لنشر الأفكار والأخبار والتعليقات في مجال العمل أو موضوع آخر محدد، ولهذا يمكن القول، أن من يفضلون تويتر، هم فئة محدودة يريدون الخصوصية ولا يحبون المشاركة أو تطفل الاخرين عليهم على عكس الفيسبوك، كون المجتمع الجزائري، حسب قوله، يحب التباهي والتفاخر والتفاعل مع الأصدقاء والفنانين وغيرهم بصفة يومية. * أستاذة الإعلام أحلام كيحل تفاعل تتحكم فيه التقنية و السوسيولوجيا و الإيديولوجيات من جهتها ترى الدكتورة في التكنولوجيا الجديدة للإعلام والاتصال بجامعة قسنطينة 3، أحلام كيحل، أن وسائل الإعلام الجديدة، سيما شبكات التواصل الاجتماعي تحظى بقاعدة جماهيرية واسعة على الصعيد العالمي غير أن استخداماتها يرتبط في أحيان كثيرة برغبات واهتمامات الجماهير وكذا مدى إجادتهم لاستخدام الدعامات والوسائط التكنولوجية على اختلاف خصائصها ومميزاتها التقنية، وهو مايفسر انتشار أنماط محددة من مواقع التشبيك الاجتماعي في مجتمعات دون غيرها. وأعطت كيحل مثالا قائلة، إنه رغم الانتشار الواسع لموقع فيسبوك عالميا في مرحلة ما سابقا، إلا أن موقع « ماي سبايس» كان الأكثر انتشارا في الولاياتالمتحدةالأمريكية، كما عرف موقع أنستغرام انتشارا جد واسع أيضا في منطقة الخليج العربي، أما فيسبوك فكان انتشاره مضاعفا في دول المغربي العربي على غرار تونس والمغرب والجزائر وليبيا، إلى جانب دول أخرى كمصر والأردن و لبنان وغيرها من البلدان التي شهدت ثورات الربيع العربي، إذ كان موقع فيسبوك محركا أساسيا وفاعلا في حشد الجماهير سواء خلال ثورة الياسمين في تونس أو ثورة 25يناير في مصر وحتى خلال الحراك في الجزائرسنة 2019، في حين كان موقع تويتر، محركا لاحتجاجات في إيران سنة 2009. وعليه يمكن القول، أن أسباب التباين في استخدام مواقع و العزوف عن أخرى يرجع بدرجة أولى إلى ثلاث عوامل رئيسية ، هي عوامل تقنية و تتمثل في مدى توافق الخصائص والسمات التقنية لمواقع الشبكات الاجتماعية مع رغبات واهتمامات الجمهور وسهولة تعامل الجمهور معها، ثانيا عوامل اجتماعية و تتعلق بالخصوصية السوسيولوجية للمجتمعات وتركيباتها الاجتماعية وكذا الخصائص السوسيوديمغرافية لأفرادها ما يجعل اختيار استخدام المواقع متباينا من مجتمع إلى آخر، أخيرا عوامل سياسية و إيديولوجية، فقد ارتبط الانتشار الواسع لبعض مواقع التشبيك الاجتماعي بحراك وثورات شعبية، وبالتالي فان عزوف الفرد الجزائري عن استخدام موقع تويتر و تفضيله لموقع فايسبوك مثلا، مرده الأسباب والعوامل سالفة الذكر . وتقول المتحدثة، أن الميزات التقنية لفيسبوك هي سهولة الاستخدام من خلال المنشورات و الصور و الفيديوهات والتعليقات، والتي تتيح حرية أكبر لجماهيرالمستخدمين في التعبير عن الآراء والأفكار إلى جانب إمكانية استخدامه بشكل صفحات شخصية ومجموعات مغلقة أو مفتوحة حسب رغبة المستخدم، في حين موقع تويتر يتيح فقط خاصية التغريد المحدد بعدد معين من الأحرف كانت سابقا حوالي 140حرفا، تضاعف إلى 280 حرفا ما يقلل من حرية المستخدم في التعبير، وهو ما يبرر عزوف كثير من المستخدمين. أما عن الخصوصية السوسيولوجية، فالمراد بها طبيعة التركيبة الاجتماعية للأفراد وخصائصهم السوسيوديمغرافية، كعوامل السن و الجنس و المستوى التعليمي والمستوى الاقتصادي و المكانة الاجتماعية والتي تكون لها في بعض الأحيان تأثيرات بارزة في انتقاء طبيعة الشبكات الاجتماعية التي يستخدمها.