شغلت صحيفة "ذي صن" البريطانية العالم بنشرها صوّر الأمير هاري عاريا، وبرّرت صنيعها بكون الأمر يتعلّق بالصالح العام، فالأمير شخصية عمومية ومن حق البريطانيين أن يعرفوا ما يفعله في السر وفي العلن. وحتى مالك الصحيفة روبرت مردوخ علق بأن هاري "يتلقى راتبه بشكل أو بآخر من الدولة" مسجلا فيما يشبه الاستغراب بأن الناس يحبونه حتى حين يلهو في لاس فيغاس. وإذا كانت واقعة نشر الصوّر تذكر بما فعلته الصحافة مع والدة الأمير ذاته و التي قتلت في حادث مروع في باريس خلال هروبها من مصورين، فإنها تؤشر إلى الحرية غير المحدودة التي تتمتع بها الصحافة في بلاد صاحبة الجلالة، بغض النظر عن الدوافع التجارية التي تحرك الصحافة الصفراء في هذا البلد. فهي تلعب دور الرقابة والردع إلى جانب لعب دورها الطبيعي المتمثل في الإخبار وكشف الحقائق، فقد دفع نشر الصور الأمير إلى الاختفاء حيث عمد إلى حذف حسابه على الفايس بوك، فضلا عن فقدان صغير العائلة الحاكمة لحظوة الظهور ضمن الشخصيات الرسمية في التظاهرات العامة إلى جانب إخضاعه للمحاسبة بصفته جنديا في القوات الملكية، حيث سيجبر على تقديم توضيحات لرؤسائه عن سلوكه في لاس فيغاس. يحدث هذا في إحدى جنان الديموقراطية في العالم أين لا تصغي الصحافة إلى العائلة الحاكمة ولا تتحفظ على صورة أمير عار يحبه الشعب ولا يرى في سلوكه ما يشين، لذلك يبدو عقد المقارنات مع بلداننا السعيدة، غير صائب، ليس لأن الأمراء العرب، على كثرتهم، لا يفعلون ما فعل هاري، بل لأنهم ينتمون إلى منظومة منافقة تنزل الأمير (والأمراء أنواع في الممالك والجمهوريات) منزل الذات المقدسة وتتغاضى عن جهله وشذوذه وشهواته في الاستبداد. وبالطبع فإن الصحافة العربية لن تملك الجرأة على القيام بما قامت به الصحيفة البريطانية، لأنها ببساطة تربت منذ نشأتها على ستر العراة! سليم بوفنداسة