45 يوما للمفاوضات حول مالي قبل التدخل العسكري بلاني: لائحة مجلس الأمن ايجابية وتتضمن نقاطا من المسعى الجزائري تبنىّ أعضاء مجلس الأمن الدولي مساء أول أمس بالإجماع قرارا يعطي مهلة 45 يوما لأعضاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" لتحديد بدقة مخطط التدخل العسكري في شمال مالي لمحاربة الجماعات المسلحة هناك، وموازاة مع ذلك يدعو القرار الحكومة المالية والمتمردين الطوارق إلى مباشرة حوار جاد للبحث عن حل سياسي للأزمة يضع في الحسبان سيادة ووحدة وسلامة التراب المالي، وتعليقا على هذا القرار قال الناطق الرسمي للخارجية الجزائرية عمار بلاني انه ايجابي، ويتضمن عدة نقاط في المسعى الجزائري، وهو يعكس التطابق بين مختلف المقاربات المطروحة حول هذا المشكل. أعطى مجلس الأمن الدولي فرصة أخرى للحل السياسي للأزمة في مالي، في مقابل التحضير للعمل العسكري، فقد تبنى أعضاء المجلس في جلسة لهم مساء الجمعة الماضي بالإجماع لائحة تحمل رقم 2071 تقدمت بها فرنسا تعطي مهلة 45 يوما لأعضاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" لتحديد بدقة مخطط التدخل العسكري الذي تعتزم هذه الأخيرة القيام به في شمال مالي لطرد الجماعات المسلحة التي تسيطر عليه منذ شهور. وبمقابل هذه المهلة يدعو ذات القرار أيضا الحكومة المالية والمتمردين الطوارق في الشمال إلى الدخول في مفاوضات وحوار جاد من اجل إيجاد حل سياسي للأزمة التي تعصف بهذا البلد يأخذ بعين الاعتبار سيادة ووحدة وسلامة التراب المالي. وفي رد فعل عنها الجديدة وصف الناطق الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية عمار بلاني أمس اللائحة المذكورة "بالايجابية"، وقال أنها "تتضمن نقاطا عدة في المسعى الجزائري" من اجل حل هذه الأزمة، وأضاف أن" الأمر يتعلق بلائحة تعكس التطابق بين مختلف المقاربات المطروحة، وأننا نعتبرها في هذا الإطار ايجابية لأنها تتضمن عديد النقاط من المسعى الجزائري". وكانت المسودة الأولى للقرار تنص على إعطاء مهلة من 30 يوما فقط "للايكواس" لوضع مخطط دقيق وقابل للتطبيق بشأن التدخل العسكري في مالي، لكن أعضاء مجلس الأمن رأوا أن مدة 45 يوما ستكون أفضل واستقر رأيهم عليها في نهاية الأمر، و يدعو القرار جميع أعضاء منظمة الأممالمتحدة وأعضاء الاتحاد الأوربي إلى مباشرة عملية تدريب الجيش المالي في إطار ما اسماه " دعم جهود محاربة الجماعات الإرهابية"، وبعد انتهاء هذه المهلة وفي حال لم تحقق المفاوضات والحوار الحل السياسي فإن مجلس الأمن مدعو قبل نهاية العام الجاري لإصدار قرار ثاني حول مالي يعطي فيه إشارة التدخل العسكري في الشمال. وبناء على قرار مجلس الأمن فإنه على الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون العمل مع دول مجموعة "إيكواس" والاتحاد الإفريقي كي يقدم خلال المهلة سالفة الذكر لأعضاء مجلس الأمن توصيات مفصلة وقابلة للتطبيق حول التدخل العسكري في شمال مالي تتضمن مفهوما عملياتيا لهذا التدخل، وقائمة بالوسائل وإعداد الجنود والتكلفة الإجمالية التي تتطلبها العملية. ونشير أن الحكومة المالية كانت قد طلبت منذ شهور ترخيصا من مجلس الأمن الدولي يجيز لقوات من مجموعة "إيكواس" التدخل عسكريا في شمال البلاد لمحاربة الجماعات الإرهابية المسلحة هناك، لكن أعضاء المجلس الذين تحفظوا على مثل هكذا قرار طلبوا قبل ذلك تقريرا عن تفاصيل هذه العملية من حيث إعداد الجنود وكيفية التدخل والتكلفة والدعم اللوجيستي الخاص بها. وبهذا القرار يكون مجلس الأمن الدولي قد وضع فعليا الملف المالي بين يديه، وقد خطا الخطوة الأولى في طريق إيجاد حل للازمة التي يتخبط فيها هذا البلد الإفريقي، إما بالتفاوض والحوار أو بالتدخل العسكري في آخر الأمر، وبإعطائه مهلة 45 يوما للحوار يكون المجلس قد فضل الخيار الذي رافعت من اجله الجزائر منذ انفجار الأزمة، وهو الحوار السياسي والتفاوض مع الأطراف غير الإرهابية التي يمكنها المساهمة في إيجاد حل للازمة، ومهما يقال عن الخيار العسكري فإن الخيار السياسي يمكن أن ينهي الأزمة قبل 45 يوما التي حددها قرار مجلس الأمن الدولي، إذ لا تزال حظوظ الحل السلمي قائمة إلى إشعار أخر. وقد تسارعت الأحداث بشأن الملف المالي في الأيام الأخيرة على المستوى الإقليمي والدولي، ففي الوقت الذي زادت فيه فرنسا من ضغطها من اجل الإسراع في تبني الخيار العسكري راحت الجزائر تروج هي الأخرى للخيار السياسي السلمي غير مستبعدة في ذلك اللجوء للقوة لمحاربة الجماعات الإرهابية في الساحل، مؤكدة أنها ليست مع "الكل سياسي" كما يروج لذلك البعض، لكنها تبقى تفضل هذا الخيار لأنه الأفضل للمنطقة من ناحية النتائج. كما يجب في هذا السياق أيضا التذكير بالموقف المبدئي الذي أعلنه الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل خلال جولته الأخيرة في دول الساحل عندما قال أن الجزائر مع الحوار مع الذين يبتعدون عن النزعات الانفصالية لكن لا حوار ممكن مع الجماعات الإرهابية وتجار المخدرات، وهو أمر مبدئي مفصول فيه بالنسبة للدبلوماسية الجزائرية. وفي هذا الخضم قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قبل أيام قليلة فقط انه سيعمل على طمأنة الجزائر بخصوص أي عمل عسكري في شمال مالي خلال زيارته المرتقبة لبلادنا قبل نهاية السنة الجارية، مضيفا أن الجزائر تنظر لتدخل مفترض في آجال بعيدة، في الوقت الذي تبدي فيه فرنسا تسرعا نحو هذا الخيار، لكن لا احد يدري ما ستخبئه ال 45 يوما التي أعطاها مجلس الأمن للجميع.