عائلة من خمسة أفراد تقيم في العراء بسيدي عمر بعد خلاف عائلي بسبب ضيق السكن ، وجدت أسرة بوعريف طارق نفسها في الشارع، في رحلة تشتت وتشرد استمرت 7 سنوات ، ذاقت فيها مرارة الإقامة داخل الأكواخ القصديرية ، واستنزاف فرصة اللجوء لدى بعض الأهل والأقارب الذين فتحوا لهم بيوتهم لإقامة مؤقتة في انتظار إيجاد حل لأزمة طالت ، وانتهت إلى هذا المصير البائس ، حيث تواجه اليوم ظروفا صعبة بالبقاء في العراء رغم محاولة بعض المحسنين في الفترة الأخيرة التخفيف من معاناتهم ومساعدتهم رأفة بحال ثلاثة أطفال صغار كل حلمهم سقف بيت صغير يحمي طفولتهم البريئة ويحضن أحلامهم بغد مشرق يستقرون فيه ويذهبون إلى المدرسة . النصر زارتهم في المكان الأخير الذي لجأوا إليه منذ حوالى سبعة أشهر والواقع بسيدي عمر ببلدية الخروب حيث استقبلتنا الزوجة الشابة البالغة من العمر 25 سنة داخل شبه غرفة إسمنتية مغطاة بالترنيت بناها لهم جيرانهم منذ أيام فقط تقع في مرتفع بالقرب من عتاد حديدي و أعمدة كهربائية مهملة يعلوها الصدأ، يتسرب من سقفها الهش مياه الأمطار ، قالت أنه لم يتسن لهم إنجاز باب لها يحميهم من لسعات البرد بسبب فقرهم الشديد، فزوجها الذي يعمل كعامل يدوي بسيط في مختلف ورشات البناء لا يستطيع أن يجني أكثر من ثمن كيس حليب والقليل من الطعام الذي يسد رمق الأبناء لبضعة أيام ريثما يجد مصدر رزق آخر قد يكسبه مبلغا يتراوح بين 600 و 1000 دينار في رحلة بحث متعبة عن مكان عمل مؤقت في كل مرة، وعجزه أيضا عن توفير العلاج لأبنائه الذين لم تستطع أجسادهم الضعيفة تحمل البقاء في العراء ، وهم يعانون من أمراض صدرية مزمنة لا تكاد تفارقهم ، ينصحهم الأطباء بالإبتعاد عن البرد والغبار كشرط أساسي للشفاء من نوباتها الحادة ، وليس لهم من مخرج أمام حياة التشرد إلى الإبتهال إلى الله بأن يخفف كربتهم . وما تعيشه هذه العائلة البائسة يكشف من جهة أخرى مأساة العديد من الشباب الذين لم يثنهم الفقر و البطالة عن الزواج و تأسيس أسرة فيها الكثير من الأولاد، متحدين في بداية الأمر كل الصعوبات المادية و الإجتماعية التي تواجههم، إلى أن يجدوا أنفسهم غارقين في مشاكل أكبر من أحلامهم بالإستقرار و الحياة الهادئة، كما أخبرتنا الزوجة الشابة التي انتقدت وضعها و حياتها بعد الزواج معربة عن أسفها و شفقتها الكبيرة على أولادها الصغار الذين لا ذنب لهم في هذه الحياة البائسة التي فرضت عليهم، مشيرة إلى أنها كانت تعيش في ظل ظروف قاهرة في بيت أهلها الواقع بإحدى قرى ولاية أم البواقي، ولم يكن أمامها من حل ينجيها من العذاب الذي كانت تعانيه بسبب الفقر و المشاكل الإجتماعية الكثيرة غير الزواج على أمل أن تجد عند زوجها ما كانت تحلم به فتاة في مثل عمرها ، وتتغير حياتها في عشها الزوجي ، و لكن الأمور جرت عكس ذلك عندما اصطدمت بنوع آخر من المشاكل التي كان عليها أن تحلها بمفردها هي و زوجها، دون أن يحاول أي طرف سواء من قبل عائلتها أو من عائلة زوجها أن يقدموا لهم يد المساعدة في محنتهما، و اضطرت أن تعيش طويلا في العراء على أمل أن تلتفت السلطات المحلية لهم و تمنح أسرتها الصغيرة مأوى يحميهم من صعوبات العيش في الشارع و من نظرات المتطفلين والفضوليين الذين يزيدون من حزنها ويعمقون من جرحها ، هي الأم التي أرادت لفلذات أكبادها حياة أحسن من الحياة الصعبة التي عاشتها وما زالت تتجرع مرارتها .وكل أملها و أمل زوجها أن تلتفت السلطات المحلية لحالتهم المزرية، و تدرس ملف طلب السكن الذي أودعوه بدائرة الخروب منذ ما يقارب سبع سنوات، و لم يتم فتحه إلى غاية الآن من قبل اللجان المعنية حسب ما علمه زوجها في آخر زيارة له للدائرة، رغم و ضعيتهم البائسة التي تزداد سوءا مع إقتراب فصل الشتاء القارس. أمينة.ج /تصوير: الشريف قليب