كفيف يدخل حياة التشرد منذ بداية رمضان حضر إلى مقر جريدة النصر في يوم شديد الحرارة ، تحمل فيه وهو المكفوف وزوجته المصابة بمرض السكري رفقة طفلهما رائد نجم الدين البالغ من العمر سنة واحدة ، عناء الوصول إلى المنطقة الصناعية ، ليطلب مساعدته وزوجته على إيصال نداء استغاثته إلى السلطات المحلية ، من أجل إنقاذه من حالة التشرد و الضياع التي يعيشها منذ دخول شهر رمضان ، بعد أن تلقى تهديدا بطرده من القبو البائس الذي استأجره منذ سنة بأحد السكنات الخاصة ببلدية الخروب . ولم يبق على موعد عقد الكراء الشفوي إلا أسبوع واحد . وقد قامت مالكة القبو بإشعار صاحب هذه القضية المواطن بلعيد جمال -من مواليد 1966 بضرورة إخلاء هذا المأوى المؤقت الذي كان قد لجا إليه بعد زواجه ،وهو يحلم بأن تكون له أسرة وأبناء وسقف بيت يحميه ، ويمني النفس بقرب وصول دوره للحصول على سكن اجتماعي ، أودع ملف الاستفادة منه بتاريخ 18/07/1999 يحمل رقم 1598.لكن الأمور تعقدت أكثر ، والراحة النفسية والاستقرار الذي سعى إليه من خلال الإقدام على خطوة الزواج ، أدى به إلى مغادرة بيت أهله لأسباب عائلية خاصة . وحتى القبو الذي سكن فيه في ظروف جد قاسية لم يعد بإمكانه الاحتفاظ بسقفه البائس ،وهو اليوم يعيش متشردا بين بيوت الأصدقاء والمقاهي ، فيما لجأت زوجته إلى المبيت عند أهلها ، ومرافقته في النهار ،لدق أبواب المسؤولين ، وكل نافذة يرون فيها بصيص أمل ، لانتشالهم من حالة الضياع التي يعانون منها .وقد زاد الصيام ، وارتفاع درجة الحرارة من صعوبة تنقله بين الإدارات مع زوجته المريضة بالسكري التي تتعاطى حقن الأنسولين ، ولا يمكنه أن يتحرك بدونها ، فقال بحسرة كبيرة " راني شطت في هاذ رمضان ، لو كان غير جيت صحيح ".لكن إعاقته لم تكن حاجزا أمام حيويته ونشاطه، وهو صاحب الصوت المعروف في إذاعة "سيرتا"بمشاركته القياسية في برامجها باسم "جمال من الخروب". وتأسيسه لجمعية المكفوفين ببلدية الخروب سنة 2001، التي قال بأن المشاكل التي تتخبط فيها هذه الفئة من المعوقين هي التي دفعته إلى تبني قضيتهم ، وهيكلتهم لتقديم يد المساعدة لهم ، من خلال تسهيل مهمة حصولهم على الوثائق في مختلف الإدارات ، وتمكينهم من بعض الحقوق والمساعدات الاجتماعية ، منها قفة رمضان التي استفاد منها عدد لابأس به من المكفوفين ، والاستفادة من منحة المعوقين التي تكفلها الدولة لهم .وهو يأمل أن تخصص حصة لهذه الفئة في برامج السكن الاجتماعي ، لأنها مازالت محرومة من حقها في الحياة الكريمة ، وإقصائه من السكن إلى الآن كما هو حال غيره من المكفوفين لم مقبولا -كما قال وقد حز في نفسه كثيرا أن مسؤولي البلدية والدائرة الذين يعلمون جميعا بوضعيته الاجتماعية الصعبة لم يرأفوا لحاله ، ويرددون على مسامعه كما أضاف بأنه لاحل لديهم لمشكلته ، فيما تلقى وعدا من والي ولاية قسنطينة بحل قضيته عندا حل ضيفا على إذاعة سيرتا للاستماع إلى انشغالات المواطنين ، وهو يستنجد به اليوم مرة أخرى عبر جريدة النصر وينتظر تدخله شخصيا أكثر من أي وقت مضى ، من أجل إنقاذه وعائلته الصغيرة من حياة التشرد ، المهددة باستقبال عيد الفطر على قارعة الطريق ، ووضع حد لمعاناة معاق حاول أن يفتح بيتا ويندمج في المجتمع ، فسدت جميع الأبواب في وجهه.