جمعية " بسمة " تبني أول مسرح خاص في الجزائر تضع جمعية " البسمة الثقافية و المسرحية " من منطقة حمام بوحجر بمدينة عين تيموشنت، لمساتها الأخيرة على أول مسرح خاص بالجزائر الذي بناه أعضاؤها بإرادة كبيرة متحدين مع كل خشبة يضعونها فيه كل الصعاب التي صادفتهم، ليحوّلوا بكثير من الحب مكانا مهجورا منحته لهم بلدية حمام بوحجر كمقر، من خرابة تملؤها النفايات و الكراكيب القديمة إلى جنة خضراء و فضاء مسرحي وصلت نسبة إنجازه إلى ثمانين بالمائة حيث لم يتبق لاستكماله إلا كراسي الجمهور التي سيبلغ عددها مائتي مقعد. هم شباب آمنوا بحلمهم فحوّلوه إلى حقيقة رافعين التحدي عاليا بتبنيهم مشروع مسرح خاص انطلقت فكرته الصغيرة من فكرة جالت في أذهانهم بمجرّد استلامهم موقع وهبته إياهم بلدية حمام بوحجر، و كان عبارة عن بناية بركح خشبي يتدربون فيه على مسرحياتهم دون انتظار الإذن من المسارح أو المؤسسات العمومية ليحضّروا فيها أعمالهم الجديدة و هو ما كان يعتبر من أكبر العوائق المعطلّة لإبداعاتهم. لكن بدأ طموحهم يتوّسع شيئا فشيئا إلى أن وصل إلى قرار بناء مسرح حقيقي بكل المواصفات المعمول به عالميا بإمكانياتهم القليلة ، حيث يقوم أعضاء الجمعية و أغلبهم موظفون في تخصصات مختلفة بتقسيم رواتبهم الشهرية أو عائداتهم المادية الأخرى إلى نصفين، قسم من أجل أسرهم و مصاريفهم الخاصة و القسم الآخر من أجل متطلبات البناء في مشروع المسرح، و لحسن الحظ كما قال السيد بوحجر أغلب زوجاتهن متفهمات لهدفهم النبيل و التضحيات اللازمة لتحقيقه. فمن مستودع مهجور يصلح ليكون أي شيء إلا مسرح، صنع أعضاء جمعية " البسمة " بأيديهم جنتهم الفنية الخاصة التي تدّربوا على ركحها قبل حتى أن يتسنى لهم إكمالها، استعدادا لعملين مسرحيين هما "البعدان" التي تحصلت على المرتبة الأولى في مهرجان المسرح بمدينة سكيكدة، و " ما تبقى من الوقت "، التي يقومون حاليا بالتحضير لها، و هي من تأليف الدكتور العراقي حمود زيدان و التي سيقدمون عرضها الشرفي في غضون شهر على حد تصريح رئيسها بوحجر بوتشيش الذي أكد لنا بأن الجمعية تملك وثيقة من البلدية تعطيهم الحق في إستعمال المكان في النشاط الذي يناسبهم مع إمكانية ترميمه أو تغيير شكله. و أضاف بأنهم أنهوا بناء الكواليس و الخشبة التي دعّمها مدير مسرح عين تيموشنت الجهوي بالأضواء و بعض الأجهزة التقنية الضرورية. كما ساعدهم على تحقيق هذا المشروع الهندسي و الفني المهم توفر المكان على الشروط الأساسية لبناء مسرح كالارتفاع الذي يبلغ اثني عشرة مترا، مما يؤهله ليكون أكثر من مجرّد مقر للجمعية بل مسرحا خاصا يحلمون أن ينشروا من خلاله ثقافة المسرح في بلدية حمام بوحجر التي تعاني من عزلة ثقافية كبيرة، حسب تعبير رئيس الجمعية " حمام بوحجر هي مسقط رأسي أين نشأت و ترعرعت طيلة حياتي و لطالما حلمت أن يبنى فيها مسرح خاصة أنني على احتكاك بمسرح سيدي بلعباس منذ أكثر من ثمانية عشر سنة، فقلت في نفسي لما لا نكون نحن من يحقق هذا الحلم الجميل الذي سينعش المنطقة فنيا و ثقافيا ". و لم يكتف فنانو " البسمة " المسرحيين بتنظيف المكان و إعادة تهيئته من الداخل بأناملهم الرقيقة، بل قاموا أيضا بتنظيف محيطه و الساحة المجاورة له و التي كانت تستعمل في السابق كمفرغة عمومية حولوها بحس مرهف إلى مساحة خضراء تملؤها الأشجار و النباتات، و بدل البحث عن عمال و بنائين آخرين فضل أعضاء " البسمة " القيام بكل أشغال البناء بكل تفاصيلها بأيديهم لأن المكان ملكهم و سيضم مشروع حياتهم و لا أحد سيتقن بناءه مثلهم كما قال صاحب فكرته الفنان بوحجر بوتشيش مؤكدا أنه و زملاءه أدرى بكل جزء فيه حتى أدق تفاصيله، معتمدين فقط على خبرتهم الصغيرة و تجربتهم و على آراء بعض المخرجين المسرحيين الذين زاروا أرض المشروع و قدموا مقترحاتهم لبناء مختلف أجزائه. مشروع بدا في بدايته بالنسبة لسكان المنطقة كمشروع بناء سفينة نوح، الكل إستغربه و تساءل عنه إلى أن رسخت فكرته شيئا فشيء في أذهان الجميع خاصة أنهم لاحظوا التغيير الإيجابي الذي أحدثه في المنطقة التي بدت أكثر جمالا و نقاءا من خلال الحديقة الصغيرة المحيطة به التي تدعوا المارة لاكتشاف روح المسرح الحقيقي، بعيدا عن الفكرة المسبقة التي كونوها عنه كأنه مكان لتقديم الفكاهة و إثارة الضحك فقط. كما عبر بوحجر الذي أعرب أيضا عن تفائله بهذا العمل الذي سيفتح آفاقا جديدة للمسرح في الجزائر، و خلق مسرح أكثر حرية و مصداقية متمنيا أن تعم هذه المبادرة على باقي المدن الجزائرية لكي يتنفس الفن الرابع و يتحرّر من سطوة المؤسسات العمومية .