نعرفُ بأنَّنا سنموت، من أجل هذا نحيا بكلّ وحشية وجنون، نختطف كل لحظة، لنعيشَها مثل حيوانٍ أسطوريّ لا تتصيّد خطواتِه حبالُ عزرائيل المتينة. هل قصرنا؟؟ ها نحن نقف مندهِشين حائرين أمام سحر العالم، أمام تشكّلاته وغرابته، أمام خطابِه الخفيّ الذي تلقيه على مسامعنا قوانينُ الطبيعة في الصباح والمساء، هو خطابٌ مسموع بشكْلٍ واضحٍ، لكنّه في الآن نفسِه غامضٌ واستثنائيّ، ربما متطرِّفٌ في غموضه وفي وضوحه أيضًا. من أجل هذا ستحرم من سماعِه كثير من الكائنات الماضويّة التي لا تزالُ تعيشُ في مخيّلة أزمنة خرافيّة حيثُ كانَ العالمُ بسيطا في مرايا العقل؛ لا تزالُ تناضل ضدَّ هذا الجمالِ الكونيّ الآخذِ في التحوّل والاختلاف، السابح صوب مطلق لا نعرف امتداداته بعد. لا تزال غير قادرة على فهم عطشنا للحياة واحتفالنا الدائم بها. من أجلِ هذا يجب أنْ نحيا، ممتطين صهيل النبض ومنطلقين بسرعة الضوء، وربما أكثر، صوبَ فناء قادِمٍ عما قليل. فالغيْبُ ليس بعيدا، وظلالُه ما كثة ها هنا تسخر دائما من العيون التي لا ترى، تختبئ في أكثر مظاهر الحياة سحرا، منتظرة أنْ تفتح هاوية الغياب على من نادتْه ناياتُ رحيله الأخير. ولأنّنا نحب الحياة، فنحن ننتبه لتغيّراتها الدائمة، لهذا يجب الإقرار بأنّ العالم المعاصر يصبح أكثر وضوحا من ذي قبل، فالفتوحات العلمية الجديدة في مختلف المجالات تكشف في كل مرة عن سرّ خفيّ من أسرار الطبيعة التي أدهشتْ الإنسان سابقا، بهذا يصبح العالم مهدّدًا بفضح أسراره وفقدان سحره القديم. من كان يظنّ بأنّ عين الإنسان بكلّ ما فيها من إبداع وجمال ناقصة، وربما فيها-بلغة البيولوجية-خطأ في التركيب. أمام هذا الحال، يظهر الطرف الثاني من معادلة الحياة مغريا جدا وفاتنا، إنّه الموتُ ذلك السّرّ الذي لا يزال بكرا، لا يزال متربعا على عرش غموضه. فهو نقطة البدء دائما، بدءِ جميع الأسئلة التي تعصف كالحيرة دون أنْ تجدَ جوابا مقنعا، بدءِ العوالم الخفيّة التي تستعصي على الفهم الإنسانيِّ. فالكلام عن الموت دائما هو استعارة كبرى لا يزال البشر يتأوّلونها كيفما شاءتْ لهم خلفياتهم وانعكاساتها النفسيّة. وسيظلّ هكذا موضوعا يتقبَّله العقل البشريّ دون أنْ يفهم سرّه أو آلياتِ حدوثه. ما علينا، قد نختلف في فهم الموت أو في التعاطي معه كمحطّة مقبلة سينزلُ فيها كل حيّ وكل إنسان رغما عنه، فالخلود من أحلام يقظتنا الساذجة، وآخيل، كعبه بالذات، هو نوع من تكذيب الإنسان لخرافة الخلود. غير أنّنا يجب أنْ نتفق بأنّ الموتَ هو، منذ القديم، من محدّدات الوعي البشريّ. كيف ذلك؟ الفرقُ بيننا وبين الكائناتِ الحيّة الأخرى هو أننا على وعيٍ تامٍّ بالموت. بل إنّ هذا الوعيَ ذاته ساهمَ في تشكيلِ نظرتنا إلى الأشياء وعلاقتنا بها، وهو أيضا يفسِّر كثيرا من المظاهر التي تملأ حياة الإنسان؛ مثلا التحصّن داخل مغاراتٍ أو أكواخٍ أو بيوت، وعن هذا نتج العمران وتأسّستْ المجتمعات التي يؤكّد وجودها أصلا على الوعي بالموت وحضوره الدائم في التفكير الإنسانيّ. فالحياة داخل الجماعات هي محاولة للبقاء والاستمرار أولا، ولتفادي الموت إلى أجل قادم. لكنّها أيضا محاولة للتغلّب على آثار الموت وثقلها على الإنسان، فالمواساة كنوع من اللباقة الاجتماعية هي من نتائج هذا الوعي، وهي وسيلة للتخفيف من حدّة نار الغياب التي تجتاح القلوب المصابة برحيل شخص عزيز. ويدخلُ في هذا الباب جميع التبريرات الاجتماعية والنفسيّة والدينيّة التي تحاول أنْ تفسّر الموت، وأنْ تخفف من وطأته على الإنسان. غير أنّ المفارقة الكبيرة تظهرُ حين نجدُ الكائن البشريّ، وهو الوحيد الذي يعي بأنه سيموت، يتفنَّن بشكْلٍ غريبٍ في صناعة الموت وفي استدعاءِ الآخرة قبل أوانِها. فالحروب التي لا تشبع أبدا، ولو فتكتْ بجميع الأطراف، أنتجتها يد الإنسان التي تعرف، بكل أسف، كيف تناضل باستماتة ضدّ الحياة. غير أنّ الحربَ في وجهها الآخر، وهي من أكثر المظاهر بشاعة التي تتساوى فيها الحياة بالموت، تمثّل أنموذجا يثبتُ فكرة الوعي بالموت، فكلّ طرف يقاتلُ ليفتكَّ حياته من يد قاتله المفترض، فالحرب بهذا المعنى هي نوع من المقامرة بالحياة من أجل ضمان شيء يُتصوّر بأنه أفضل، لكنّها كذلك نوع من عبثية الكائن البشريّ الذي يتاخم حدود الغياب ليختبر قدرته على البقاء، ويقامر بالحياة الواحدة التي يملكُها ليثبت بها روح المواجهة عنده والرغبة في الاستمرار في آن واحد. تمثّل وحشية الحروب التي نراها اليوم حلبة للبقاء لا غير، لكنّها، من جانب الحضارة والثقافة، تمثِّلُ نوعا من الانحطاط الثقافيّ والحضاريّ الذي نعانيه، فكأنّ الإنسان المعاصر برغم علمه وثقافته يفضّل العودة إلى حياة الصراع القديمة، الصراعِ مع أخيه الإنسان من أجل ما يسدّ الرمق أو يسكت البطن، ومهما كبرتْ الأشياء الجديدة التي تغري الإنسان بهذا الوضع، تظلّ ماديّة محضة، ومآلها إلى تراب. لكنّ المؤسِفَ حقا هو كونُ محرّكات هذا الصراع الوحشيّ القديم المتجدد، الذي يحكمُه أيضا الوعي بالموت، تظلّ ذات مصدر ثقافيّ محض، لأنّ الأفكار والأيديولوجيات هي التي تسيّر مسرح الحياة والموت على هذا الكوكب، فالقتلة الكبار الذين ينتجون الحروب تحرّكهم دائما خلفيات ثقافيّة(بالمعنى الواسع للثقافة)، وبهذا يصبح جليًّا بأنّ وراء تلك المغامرة الكبرى التي يخوض غمارها الإنسان متاخما حدود الموت دائما أفكار وقناعات تظل تنهل، للأسف الشديد، من انتماءات ضيّقة؛ سياسية أو دينية أو عرقية، تنأى بشكل مخزٍ عن الإيمان بالإنسان، وتنحاز إلى عصبيّات تثبت حق الهواء والحياة لبشر دون غيرهم من بقيّة النّاس. لو قارنَّا الآن بين الإنسان القديم(القديم جدا) وبين الإنسان المعاصر لوجدْنا بأنّ الأوّل، برغم عدم تطوّره وقلّة وسائله، قد استثمر وعيَه بالموتِ في تحقيق البقاء والتطوّر والاستمرار، وهذا ما ساهم بشكل واضح في بناء السلالة البشرية كما هي اليوم، والنتيجة المفرحة هي أنّ وعيَه بالموت ساهم بشكل استثنائيّ وفريد في بناء الحياة. أمّا الإنسان المعاصر، وبرغم ذات الوعي المتوفّر لديهِ، فهو يساهم بما وصل إليه من حضارة وعلم في تدمير العالم والقضاء على الحياة. فإنسان اليوم يُقتل ويموت بسبب منتجاته وتطوّر تفكيره، كما أنّه بصورة أو بأخرى يستدعي الموت بدلا من أنْ يتجنّبه، ويفتح أبواب الآخرة على بشر لهم مثله ذات الحقوق في الحياة والبقاء والاستمرار. الموتُ عالم مغرٍ، غير مكتشف، واستثنائيّ، لكنّه كذلك فقط لأنّه يمثّل دافعيَّة نحو الحياة، ورغبة ملحّة في البقاء، وفي المساهمة في المحافظة على جماليات العالم وعلى اتّزانه. طبعا هذه الغاية الأهمّ لكل كيمياء، أو فيزياء أو رياضيات، أو بيولوجيا...إلخ، لكنّ الإنْسان، وبشكل غريب، يتقن استخدام هذه العلوم جميعا من أجل تفكيك الحياة وتحويلها إلى جسر يؤدي إلى النهاية، وبسرعة لم تكن متوقّعة من قبل. نحن كائنات تحب الحياة، لكنّها، وبرغم كرهها للموت، تستدعيه، كم هذا مفارق وغير مفهوم!! لكنّ الأكيد هو أنّ الموت في عالمنا المعاصر اتخذ تمظهرات شتّى وأشكالا مختلفة جدا، فالإنسان عندنا يموت آلاف المرات قبل أنْ يفقد الجسد ويسلمه إلى التراب. الموت المعنويّ يملأ حياتنا، ببساطة لأنّ طرائق العيش اليوم صارتْ أكثر تعقيدا من ذي قبل. فأصبح الإنسان يقع ضحية للروتين، للكآبة المفرطة، للألزهايمر، للإدمان. وبرغم هذا كلّه سنظلّ، على عكس جميع الكائنات الحيّة، نوازن بين إغراءات الحياة وبين إغراءات الموت، لأنّ الإفراط في كليهما يؤدي حتما إلى الإخلال بسيرورة الكائن وإيمانه المبرر بالبقاء والخلود. بيان الغجر بادر سيف تسللت بين أصابعي كسمكة متملصة من لغة المسافات و الروح و النظرات عرجت نحو المراغ و إشارات البياض زنزانة الصمت نارها من رمل، تخور تجوش رخيمية الظل و العثرات تتنفس هوى الأشجان و خطى القبرات قالت: الورد للموتى لينعش مجالاتهم و الدعوات وقفت أمام مرآتها مهشمة الحواف فر ثغرها إلى كم بنفسجة، توسد وجهها حافة الغيب أما الجسد فمنذور للبوار و الألم ...سمك يطلع من شهوة العافية مشنقة العيد تجسد لي مدارج أنوثة يافعة و القافية... من عاداتي ألا أفرح بعصف الخريف و ضيم النديف تعتقلني الكلمات في مسارب جافية تنفتح سماوات اللاشئ لتسألني عن هوية الضفادع في فصل النقيق و النفس ترنمت هذا اليوم ، لكنها أمارة بالبوح جراح النوارس مثلي محملة بنشيد الغروب فكيف لي يا أخانا من الرضاعة أن أسب حروف الرضوب؟ و كيف لجلفتنا أن تهيم بحقق الهم حين الهبوب لذاك الجنوبي المهيأ لتفاحة من سهوب؟ استرد مارد الأمسيات العجيبة مؤخرة الطيلسان عفى عن زمان كان حلوا وعذبا و حتى البيان آخذته مزالق الصمت منحته حرية الكشف أخشاب قبر و ماء زلال كنا نرقب هلال الوداع وخطى السندان مبعثرة بين البسيط و بين الخبب ليتسع غدير الوشاح لأنشودة من خشب بحجم الثغر و ملوحة الضباب الهائم بجذر السوسن، كانت معركتي الأخيرة مع التفكير في عيد ميلادها الممزوج بالعاج و أبنوس الجنوب، عيوني كسرت التراب و قبرات النبيذ، لم أعد أملك خارطة تتسع كلما ضاق الجبين،لا شاي لا ماء لا هواء ، هذه مساحتي أعدها للوراثة القيصرية،بقربي عصا سحرية و ملعقة – كريستوفر إكسبرايت – ملعقة فضية ،و كأس ضوء و حشائش الفاوانيا، أما الشحارير فأمواج تحط متراصة على شجرة –بابلو نيرودا –المفضلة، يميني يعشق عمر الخيام و بعض الشراب الساحر المثير، أما يساري فقد تشقق من ذكريات الغدر، و قصائد النادل المنهمك بالقهوة بالحليب و المحيطات المنهزمة، حتى علب الطبشور الملونة، أما قوامات الأبنوس فلقد رضخت قسرا لقطط الحارة و الدروب الوعرة ، تبني الوجود من رفل البؤس و النعام وتواريخ الحرائق...يوميات شقراء شقراء، تحتوي ما ينمو حولها من عشب الشفاه المتعبة من صلات النأي في دقائق و شقائق النعمان ،،، أنتظر بريد تعودته متخم بأناشيد الصبيان وهم يودعون مدارسهم ،تجاوزت الأسماء و الأشكال و الحقائق ،رحلت مسرعا مع الحضارة – البونيقية – وانحطاط المماليك ، أما انهيار الاتحاد السوفييتي فقد كرست له الكثير من الفراشات المحترقة بفعل صعقة الضوء المتوهج في إبريز النجاة و محابق عشتار ، فجاءت البشارة محملة بحكمة الزمان الأسير في تنهيدة المضائق ،،،فيا خلجان قلبي النائم في سديم الذكريات لا ترقبي انفجار الزوابع لما تثور البيد بضيمها المعهود ،فأنا ضيف شرف عابر في مقهى المجانين ، أين يمكنني تبادل أطراف العشق الصوفي مع أبي حيان التوحيدي و حافظ الشيرازي ...بأعين باردة و فرح استباح مقامات الوجوه النازلة من أديمها، وبصوت مبحوح ،أيقنت هذا الصباح أن – منى واصف- لا تريد مني تحيتي العابرة ، أضاف لي الموقف المتشنج بعض الشيء من الحياء البربري ،، فكيف و أنا القادم من عاديات الحنين، أحمل لها علبة ريح و حروف تتوجس عرض كتاب و خصلات تسأل الياسمين: متى نقاتل الوحش ؟ تطوي مسافات عجاف، تهوي بلطف زائد حمامة شامية لا تميز بين برج خالي و قصر الشوق ... و لأنها غجرية تعانق الحقيقة كابنة عشق مثالي كانت الرفيقة و الطريقة و الطليقة ... لترحل مع أبي حيان التوحيدي ممتطية صهوة الشفق مدوخة اشتقاق القبرات لمعادلة مهضومة الحقوق و الدروب قاسية حداسة نسمة منعوفة من ربيع مخاتل بخيل لذا لن أنسحب من ساح اللهو و الخربشات لأواريها سحاب الليلك، فجة تتمرس بين اللوز و البلوط... لا شليطة و لا درب يعمر أفاقها لا شبث أهديه شوط من البسمة المريبة الرخوة لن تنهزم شطآني..نوارسي متعبة أقدام تغوص في الرمل يغتالها النفط كل عام هجري ليحييها في التقويم الميلادي كصرة داجية شهدت أول الخلق أشجار تنزل ، ثم تصعد مع كل موعد – لجون بول سارتر- و –سيمون دي بوفوار-في مقهى الورد كنت أسترق الشروع في الفاكهة يوقدون شمعة يذرفون دمعة و جمجمتي ممزقة بين أربع جدران ليشب الحب و عذابات الكتب و الألوان يتبادلان كلمات باردة كانت –سيمون-سيمفونية بنية هائجة و كان –سارتر- فارس متهور يقطع مسافات الثواني مزودا بجلال في أدوار متتالية كشريط عتيق ليربط المسافات ب - مايا أنجيلو – كمن يبحث عن زمن ضائع في قمامة مادامت القيامة قال الرجل الصالح للأقوى خيرا من هوة الرجم انصاعت – سيمون –لرغائب أمة الموت 1 سيمون – جميلة جدا عشقها مدوخ متلبدة ،تسبق السياف لنفترض جدلا أن مجموع القوى يساوي الصفر و أن الكتلة و التسارع استقلا مركبة فضائية - نجاة الصغيرة – تنعشني – ارجع إلي إلي – لتندلع حرب الشفاه المقشرة فكيف أسوي شعث المسافات و أضاجع بالوعة الماء قلبان مندفعان ، متحدان بجاذبية الهيولى باركهما – إخوان الصفا – و المعتزلة و أهل العشيرة أجمعين كانا معدن ينتظر الانصهار بداية السهر مع كوكب دري غير خاضع لقوانين المجتمع الدولي... رسم مدينته الأخيرة، ترجل عن ضاعن من تراب خضب صحائف الجواب ولما رآها جالسة قرب القبر لمن انتحر ذات فصل تسأل قطر الندى عن ليلها الرابض في مخ الفجاج تسأل عن ذكريات الماء و هو يجول واحة الهوى و عن لهب القصيدة الموشاة برحلة – تولستوي- يا راحة المسافة يا لهفة العمر المضمر في نون الكناية هل حدثك الإدريسي عن مروج الذهب لتكوني – موزيات – توزع الحب و الأمنيات حينما أضغط الأثلام البرتقالية المخبئة في حقة النوء و الشعور أتذكر الأسماء و العناوين القصية و سبائب الرجوع للمعلمة – سافو- تتغزل بتلميذاتها و شرم النواح أقلم أظافر الأرصفة تأخذني يداي نحو صهيل الخيل و لوث الجنون ...فإن شئت أخلع كهولتي لأكون نيرون العاشق أسبح في سذاجة النار أجعل من خنجر الغدر عجينة يقتتاتها الحزن أرحل إلى قصص الأطفال و اكتشاف العادي... بعد حين أعود إلى مملكة الرمل أبعثر ذراتها،أسوي منها قبرا لا تدركه الظلمات أجعل من تلك الغجرية المتمردة قطة مدللة تجيد مضغ الغيث و حلب النوق في جادة الضمير لتنتقل من الروض إلى الحيض و عبق السفرجل و النساء العاريات أعاند عود الثقاب ليخبرني كيف أقشر تفاحة الزمان الخارجة من شدق الآهات تتودد لشحوب النجمات و ليلة بدرية و لأنها آهلة بالعشق،فهي لا تخجل بلون عينيها حين تصدع كيمياء الموج، منبثقة من جذر اللوز موالا صوفيا ترنو إليه زرقة البحر اللابق أرمم صدع الغجرية اللاهثة خلف القصائد المعبئة في دنان النفط..نافورة تهمي ولا تهذي، خدوش في أوعية الطليعة المتصدرة لذؤابة الأمل المشنوق،،لذا سأنتصر لخضول الأحرف الجسورة،أرسم بالماء فصولا من عطش الدماء المعفرة بهيولى السابقين ، و أخطاء من مروا على سوق النخاسة، أمحي صدأ تراكم البسمة المخاتلة، أجفل في ارتداد الصمت ناحية اكتناز الحلم و العمر المعلب...في كل الاتجاهات ،،، غريبة هذه الوجوه عن مدن الصهيل ، غريبة هذي الفصول كمشاتل من حبيبات تحترق في مخابر الأموات ،ليست أمنية ، إنما أيقونة من مدن الهند ، جاءت حاملة توابل و بخور و هدير العوالم الزاحفة نحو التصحر ...غجرية في تخوم التثاؤب و الانعطاف،، مسافرة ممددة على نعش الحلم الرابض في تأوهات المجرات ،،،الحلم ليس عيب الغريب، لكنه كتاب مفتوح لكل الاحتمالات ...لما أنهيت عبادتي المفضلة، بدأت تودع عرين العشق، امتشقت دمعة النوء كجندي عثماني، واقتفت أثر الصحو، شكلت حبلا من شراييني و من خميلتي غزلت عباءة، انثال عنها غنج البجع و شهقة الرقص في انصهار المجيء صوب بداية شرود السحاب و من معانقة القمر أعلنت بداية شعور و نصف أمنية مجنحة. زاوية للحنين محمد عادل مغناجي كلّ الزّوايا تهدّمت.. تآكلت وردة تفوح بأنينها في ركن من قلبي.. عاشق بأهداب وبأحشاء الذّكريات تتزيّن بخيال الطفولة المرفّل السّماء تنسج الودّ نسلة كما تنسجه جميلات القصص العالمي تحبك منافذ شعرها الأسود كنهر ليلي - 2 زاوية لن تتهدّم.. كلّما تآكل القلب وإلاّ حفظتها في مكان ما في زمان ما بين تلاّت الورود القديمة أو تحت سقيفة الشوق والنبض أو تحت سجّادة مسجد جميل أو فوق أصص النّخل البوسعاديّ أو المسيديّ - 3 زاوية لن تتهدّم مهما هوت سماوات الوجد وانهارت ملامح الفرح وتضاءل العمر كرمقة شيخ هرم يحنّ إلى الحقول الصغيرة يحن إلى عكازه القرح أو إلى نجمة شاعفة شاردة في ليلة قمراء... - 4 أيّتها الزاوية لا تتآكلي فإنّني أتموّج من الحزن كلّ القلوب ثلجها حجر قاس وكلّ الأكباد تصدأ إلاّيَ كلّ الأفئدة يهرسها الحقد إلاّيَ.. فعيني سماء صباحية وقلبي شلال ومقة مجتناة وفؤادي الباكي نخلة غير مضياعة للوفاء هذه زاوية القلب، لن ينفذ النّور لن يصرخ الجرح في مسائها إنّها ربيع يعصف بالجسد كلّما هبّت الموت... قرب نهر.. أتحسّس رعشة الكون المزهر أعود جناحا يقطر طفولة يسّاقط بالمنّ والسّلوى والنّرجس قرب نهرها الفيّاض يعانق الحزن حديقة الروح يبتسمان عاشقان لوزيان يلقيان خيمة العفة كما بات عروة بن خزام وعفراء أو جميل وبثينة قرب نهرها أفتح جدار الحقيقة ألقي بنفسي في وجدان التّأمل أتقرّى أعواد النبض أتفحصّ مناديل الحنين التي بقيت من جثّتي من جسد متكئ على الهاوية من عظام يصهل فيها الموت قرب نهر مضحك دافئ كقلب أمي أتوجس لعل العنادل الجميلة تنشدني أو أراني في لسان عوسجة قافية من عطر أو أتربع عل كلكل الموج الأزرق فتصرعني بسمة الزهور فأغفيَ كعش يسعره العشق والتوق إلى البياض أعود قرب نهرك أيها الفولقا الملوّن بالنّدى أعود إليك كلاجئ من خيمة اللسع من خيام الفزع والتّاوّد كقبلة أرسلتها حبيبة ما إلى وامق ما في ليلة صيف أو ربيع أعود متوقّد البصيرة لألهث أمام كينونتي أمام نهرها وجهي على بلابل الماء على تموّجات الزرقة أتفحصني مليا أيها الهارب من نفسه إلى نفسه أيها الشارب وجده المسموم أيها الفار كطيب يحترق على المساحات الجافة أوارها المبثوث كعهن في الريح عزيمتي المنقوشة على صحون النسائم على مفازات التأوه العذري قرب نهر أجدني نخلة تميل لتعانق زيتونة فيها أو كاليبتوسة لا بل لتحابب فراولة كل الأشجار أراها في داخلي كل الزهور والأشواك يلهبني وخزها هل أنا جسد للخير أم قبر للشر وقرب نهر ربما عثر بيتهوفن يوما على وجدي ربما لمحني إيفان شيشكين في حديقة من حدائق الماء أتتوج بالياسمين أتحلّى بالمواويل ربما وأبصرني موزارت في لعبة بين يديه ربما لونني في قماشته رينيه ماقريت ربما وزّعني ضوءً على شوفالييه فنان ما كبيكاسو أو تأبطني الشنفرى في ليلة المهالك وقرب نهر وجنة توردت ظننتها الغيب وأشرقت الشمس فوق رأسي سرى البنفسج في دمي رقرق الضحك دموعه بين يدي ومناديل الحب ترسم فضاءً أخضر كم تمنّيت أن أكون لينة صغيرة أو عصفورة أوحت لدرويش بحفنة شعر أو لفان غوغ أثيث البكاء قرب نهر يندلق في خيالي انغمست فيّ كما انغمس عمر بن أبي ربيعة أو نزار أو نرسيس أيها الجارف المجنون من أجراك على عيني؟ وتدفّق الشلال حتّى بل معطف حقائقي كلّها أستوحي من أشجار اليقين دارا للخلود انحت الإيمان نافذة للنور وقرب نهر يعجبني النوم بين خط السماء ورغبتي عطر من الوهم حبل من التفلسف لكنّ النهر لم ينم توغّل في منامي أعشب كالسراب