تغير البنى الاجتماعية للمجتمع القبائلي هدد الثقافة الشفوية الأمازيغية صدر مؤخرا عن دار التنوير الجزائرية كتابا لأستاذ الأدب الشعبي الدكتور حميد بوحبيب، بعنوان «الشعر الشفوي القبائلي»، تناول فيه واقع القصائد الأمازيغية التي تم تداولها شفاهيا، و لم تنسب لمؤلف معين. الكاتب جمع الأشعار التي تلقى أو تغنى بمنطقة القبائل، باعتبارها أدبا شعبيا، يمثل الهوية الجزائرية، حيث يتم تداولها على لسان الشيوخ و العجائز في مناسبات عديدة طيلة السنة، و قد لاحظ الدكتور حميد بوحبيب أن هذا الموروث الشفوي مهدد بالزوال مع تناقص حفاظ القصائد، يوما بعد يوم. بالرغم من أن القصائد غير منسوبة لمؤلف معين، بل هي أشعار تم تأليفها جماعيا،ضمن البيئة الريفية التي تميز منطقة القبائل، لاحظ الباحث بأن كلمات القصائد المغناة ،تسرد دورة الحياة بكامل تفاصيلها، فهناك قصائد مخصصة لولادة الطفل ،تليها قصائد للعقيقة، ثم أشعار مخصصة لمناسبة حلق شعر رأس الصبي لأول مرة، لتتوالى المناسبات، وصولا لمرحلة الزواج، و بذلك مواكبة أفراح سكان المنطقة الكثيرة و كذا أحزانهم ، وهو ما اعتبره الأستاذ بوحبيب في حديثه للنصر ،بوابة لفهم نفسية الفرد الجزائري الأمازيغي. أستاذ الأدب الشعبي بجامعة تيبارة ،حرص على إبراز نقطة مهمة وهي أن كل الطقوس التي تنتمي لمنطقة القبائل، لا بد أن يكون مصاحبا لها القول الشعري، وهو ما حرص عليه في كتابه من خلال البحث في السياق الاجتماعي، والتاريخي للقصيدة المغناة، خاصة ما تعلق بالأشعار الجماعية التي تؤدى في موسم الحصاد وجني الزيتون. تأسف محدثنا لأن الثقافة الشفهية الأمازيغية، تهددها مخاطر عديدة، أهمها تغير البنى الاجتماعية للمجتمع القبائلي، حيث انتقل من بيئة ريفية إلى المدينة وهو ما أثر سلبا على رصيده الشفوي، و ارتباطه بأدبه الشعبي. مؤلف الكتاب اتهم العولمة و اعتبرها الخطر الحقيقي الذي يهدد الثقافات الشفوية ،مضيفا بأن الثقافة الأمازيغية جزء من تراث عالمي ، يعرف عند المختصين بثقافات المقاومة، والتي يجب المحافظة عليها، منددا في سياق حديثه، بالنموذج الثقافي الأمريكي الذي يبخس دور الثقافات المحلية في ترقية ذوق الفرد، ونموه على مستوى الوعي، معتبرا العولمة ثقافة سوق و سلع. دعا الأستاذ الجامعي إلى ضرورة جمع أشعار المقاومات الشعبية التي اقترنت مع فترات مقاومة الشيخ المقراني والحداد سنة 1871 لتليها مقاومة لالة فاطمة نسومر، مردفا في سياق حديثه أن هذه الأشعار تعتبر، مرصدا تاريخيا لفترة زمنية مهمة من تاريخ الجزائر.