يضم المؤلف الذي صدر مؤخرا عن الرابطة الوطنية للأدب الشعبي مجموعة من المحاضرات التي ألقاها ثلة من الأساتذة المحاضرين الذين شاركوا في تفعيل الملتقى العربي الثاني للأدب الشعبي الذي نظمته الهيئة السابقة السنة الماضية من ال 24 إلى 26 فيفري 2009 تحت شعار ''الشعر الشعبي بين الهوية المحلية ونداءات الحداثة''، بالإضافة إلى تدوين بعض القصائد الشعرية المشاركة في ذات الملتقى. ترجع أسباب إصدار هذا الكتاب، حسب القائمين عليه، والذي يحتوي على مجموعة بحوث أكاديمية مفصلة حول القصيدة الشعبية وتأثيرها ووقعها، إلى ضرورة تكريس هذا الموروث الشعبي باعتباره أحد مكونات الهوية لأية أمة ويؤرخ لفترة زمنية معينة بتصويره لحياة الشعوب بمختلف الأنماط ومن زوايا متعددة وبشتى أجناس الأدب المسمى بالأدب الشعبي عندنا في الجزائر وكل دول المغرب العربي وبالشعر النبطي أو الزجلي بمنطقة المشرق العربي، من شعر وحكاية وأمثال شعبية وألغاز وإيقاعات وغيرها. كل هذه الأعمال الأدبية تعبر بصدق عن أحوال الإنسان ونمط عيشه في مرحلة ما من الزمان والمكان، ومن جملة هذه المداخلات التي ألقيت خلال ذلك الملتقى ''الشعر الشعبي بين سلبيات الحرب وفوضى العولمة'' أراد صاحبها الدكتور جورج شكيب سعادة تبيان الخطر الذي يهدد بلده لبنان والخطر ذاته يعاني منه كل العالم العربي، أما الخطر المشترك بين لبنان وسائر العرب، حسب جورج، فيكمن في هموم التراث وهم الشعر الشعبي فيه، وأما التفرد الذي طبع لبنان فهو ما صنعته الحرب اللبنانية من تغيير في الحياة الاجتماعية وفي الشعر الشعبي. كما أظهر سعادة خلال ورقته البحثية انعكاسات العولمة على الوضع العربي في مختلف سياقاته، في حين أجرى الدكتور محمد الجزيراني من تونس من خلال ورقته البحثية المعنونة ب ''في ترجمة الشعر الشعبي'' مقارنة بين عدد الكتب التي تمت ترجمتها في العالم العربي المقدر ب 4,4 كتاب لكل مليون مواطن سنويا، وأن 270 مليون عربي يترجم لهم 475 كتاب سنويا مقابل 10 آلاف كتاب لمليون إسباني. واستخلص الدكتور أن الأمة العربية أمة لا تترجم باعتبارها أمة لا تقرأ، وتساءل الجزيراوي عن حجم ترجمة الشعر من كل هذا، كما يضم المؤلف محاضرات أخرى تدخل كلها في إطار تفعيل الشعر الشعبي كونه عضوا حيا لا يمكن فصله عن الذات المجتمع.