نظمت مؤسسة فنون وثقافة وتحت إشراف الشاعرة فوزية لارادي مساء الأربعاء الماضي، محاضرة ألقاها الباحث حميد بوحبيب، والذي تحدث عن كتابه »مدخل إلى الأدب الشعبي، مقاربة انتروبولوجية«. الكتاب، وكما قدمه الباحث بوحبيب، عبارة عن مقاربة انتروبولوجية حول أشكال التعابير بمنطقة القبائل على الخصوص، وحاول من خلال بحثه الوصول إلى فكرة أساسية وهي فكرة الوساطة الثقافية، وهو مصطلح موجود في السوسيولوجية الثقافية، ولكن في الفضاء الحضري، أي المدن، أما الكاتب فكان يهدف إلى تطبيق المصطلح على فضاءات قروية ريفية في بلاد القبائل منذ نهاية القرن التاسع عشرة إلى القرن العشرين، فتوصل إلى أنّ للقرى أيضا فضاءات ثقافية وأمكنة للتبادل الثقافي، والتي تتمثل في الحقل ومجلس القرية، وعين الماء التي ترتادها النسوة، والموقد في البيت، وركز في دراسته أكثر شيء على الدلالة الانتروبولوجية لتلك الأمكنة والأشكال التعبيرية التي تفرزها، كما يتوفر الكتاب على دراسات حول الحكاية الشعبية من منظور أنتربولوجي دائما، ومبحث يتمحور حول بؤس الانتروبولوجية والعوائق التي تعاني منها الانتروبولوجية الجزائرية، والتي مازالت تجرّ وراءها تهمة أنها علم استعماري يهدف أساسا إلى التفرقة ومحاولة معرفة نقائصنا للتمكن من السيطرة علينا. وفي حديثه لنا صارحنا الباحث حميد بوحبيب أنّ اهتمامه بالآداب الشعبية يعود إلى صغره من خلال الحكايات التي كان يسمعها عن جدته وكذلك والده، والتي أحبها وتأثر بها كثيرا، لكنه في النهاية لم يعثر على شيء من ذلك في الكتب الرسمية أو المدرسية، والتي كانت مليئة بأشعار فصيحة تعود إلى العصر العباسي والجاهلي والأموي، ويضيف محدثنا أنه اكتشف بعدها أن الأدب الشعبي لم يكن إلاّ مؤسسة هامش وليس مركزا، إلى أن جاء جيل السبعينات والثمانينات وحاول سدّ هذا الفراغ. هذا وفي رصيد الباحث حميد بوحبيب كتابين، الأوّل عبارة عن دراسة نقدية تحليلية لكتاب »الغجري الأخير« للشاعر القبائلي محمد اومحند، وله كذلك ترجمة لكتاب نجاة خدة »ندرومة عبر التاريخ«، وتنصب كلها في مجال الاهتمام بالأدب الشعبي ومحاولة ترسيخه ومحو النظرة الدونية التي لطالما ارتبطت به والحفاظ على الموروث الثقافي وحمايته من الزوال والاندثار.