البرنوس القبائلي رمز للرجولة والشهامة وعلو الهمة و الأناقة يعتبر البرنوس القبائلي رمزا للرجولة والشهامة وعلو الهمة، كما يرمز إلى ثقافة منطقة القبائل ويعود تاريخ وجوده إلى قرون خلت، يرتديه سكان المنطقة للاحتماء به من البرد القارس،لاسيما سكان المناطق الجبلية أو المدن التي لا تفارقها الثلوج في موسم الشتاء، وينفرد به العريس ليلة زفافه، لوضع الحناء حيث يضفي عليه نوع من الأناقة والشهامة ، كما يعتبر البرنوس القبائلي الهدية المفضلة لضيوف جرجرة، و كبار الشخصيات التي تزور المنطقة ،لأنه يمثل رمزا من الرموز الثقافية والتاريخية لتيزي وزو ذات التقاليد العريقة، و القديمة وهو الذي تغنّى به الكثير من الشعراء والمطربين، نظرا لقيمته التي لا تضاهى بثمن. رغم الموضة والعصرنة التي طغت على الملابس، بشتى أنواعها لاسيما الشتوية والمحصورة في المعاطف المستوردة ، أو المحلية المصنوعة ،من أجود أنواع الجلود أو الكاشمير وغيره ، يفضل الكثير من سكان تيزي وزو أو بجاية على حد سواء مسنين كانوا ، أم شباب ، العودة إلى الأصالة و العادات الموروثة منذ القديم بارتداء «البرنوس الأبيض» الناصع كسلاح لمجابهة موجة الصقيع التي تجتاح المرتفعات في عز أيام الشتاء، غير آبهين بكل ما هو جديد في عالم الملابس والموضة، ويعتبره السكان بمثابة موروث ثقافي أصيل يجب المحافظة عليه من الاندثار، لاسيما وأنّه اللباس الوحيد الذي كان يقي أبائهم وأجدادهم من برودة فصل الشتاء في القديم ، فهم لا ينسلخون عن أصالتهم بل تمسكهم بالهوية يعدونه جزءا من كرامتهم ليحافظوا على هذا الموروث أبا عن جد. ورغم أن البرنوس القبائلي معروف عنه بأنّه لباس رجالي في مختلف مناطق منطقة القبائل ، إلا أن هذا الموروث الثقافي ترتديه العروس مع الجبة القبائلية يوم زفافها ،عند خروجها من بيت والدها لتزف به إلى بيت الزوجية، ويحُل هذا اللباس المصنوع أيضا من الصوف الأبيض الناصع، محل فستان الزفاف العصري الأبيض، الذي يعتبره الكثيرون دخيلا على لباس العروس، سواء في منطقة القبائل أو حتى في الولايات الأخرى، ولا تزال العديد من قرى تيزي وزو تحافظ على الجبة والبرنوس في حفلات الزواج إلى يومنا هذا، على غرار قرى بلدية إيعكوران وبوزقان ، فهو مصاحب للعروسين دون استثناء يوم زفافهما ولن يكون للعرس أي معنى دون هاتين القطعتين اللتين تتصدران جميع أنواع الملابس في ذلك اليوم المميز. يُصنع البرنوس القبائلي من صوف الخروف الأبيض، وهي المادة الأولية التي تعتمد عليها الحرفيات بالدرجة الأولى ، ويمر على أربعة مراحل قبل أن يكون جاهزا للباس. المرحلة الأولى تكون بنزع الصوف من الخروف، الذي بلغ سنة واحدة من عمره أو أكثر، حتى يكون ناضجا وذا نوعية جيدة ثم غسله لإزالة كل الشوائب العالقة به، وعرضه للشمس حتى يجف، لتأتي المرحلة الأخرى المهمة وهي مشطه ،بما يسمى محليا «أقرذاش» قبل أن تقوم الحرفية بجذبه بواسطة «إزذي» ،وهو عبارة عن عود من الخشب متوسط الحجم ويستعان به للحصول على خيوط رقيقة التي يحاك بها البرنوس في مرحلته الأخيرة ليصبح جاهزا. تترواح مدة الانتهاء من حياكة البرنوس الواحد من شهرين ،إلى غاية أربعة أشهر، أو أكثر، حسب ظروف كل امرأة ،فهناك من تقوم بهذا العمل بمفردها وتكون أشغال البيت مرافقة لها ،حيث تقوم بالحياكة كلما تسنى لها ذلك ،وكان لها متسعا من الوقت ،أو بمساعدة نساء أخريات، فتتمكن من الانتهاء منه في مدة زمنية أقل. تكمن صعوبة وطول المدة التي تستغرق في حياكة البرنوس، حسب الحرفيات، كون الخيوط الصوفية التي يحاك بها، رقيقة جدا ليكون خفيفا عند وضعه على الكتفين ،وجميل المظهر. عكس الخيوط التي تنسج بها الزرابي التي تكون متوسطة الحجم أو خشنة، وتأتي مرحلة الخياطة وهي المرحلة الأخيرة، ليصبح البرنوس جاهزا، وتبقى على الخياط القيام باللمسات الفنية الأخيرة ،حسب طلب الزبون،فأحيانا يقوم بطرز خيوط بيضاء من القطن في مقدمة البرنوس. أما عن سعر البرنوس في الأسواق المحلية ،فيتراوح بين مليونين ونصف، إلى ثلاث ملايين سنتيم أو أربع ملايين ،حسب نوعية الصوف المستعمل فيه وطريقة حياكته التي تختلف من حرفية لأخرى ، فهناك من تتقن هذا العمل جيدا وتكون خيوط الصوف متشابكة بطريقة فنية، وهناك من لا تعطي أهمية لذلك فيكون مظهره غير جميل، فيكون ثمنه أقل.