الإنجليز يعلقون نكسة الفشل في الظفر بتنظيم المونديال على تمرد إعلامهم على الفيفا إذا كان حلم العرب قد تحقق بعدما كسبت دولة قطر الرهان، و ظفرت بشرف تنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم المقررة سنة 2022، فإن خيبة الأمل كانت كبيرة في المملكة البريطانية، إثر إخفاق إنجلترا في ربح " معركة الإقناع " التي خاضها ممثلون عنها يوم الخميس الفارط من على منابر قاعة المداولات بمقر " الفيفا" بمدينة زيوريخ السويسرية، رغم أن الإنجليز كانوا يعلقون آمالا عريضة على الملف المقدم لإحتضان فعاليات المونديال للمرة الثانية في تاريخهم، بعدما نظموا العرس الكروي العالمي، قبل نحو أربعة عقود من الزمن، و لو أن الفشل الذريع للإنجليز جعلهم يسارعون إلى نشر الغسيل، بالإعتراف بأن ملفهم كان الأقوى، مقابل التأكيد على أن منح شرف تنظيم مونديال 2018 لروسيا كان من عواقب الحرب الشرسة التي شنها الإعلام الإنجليزي على أعضاء المكتب التنفيذي للإتحاد الدولي لكرة القدم عشية عملية التصويت. إنجلترا و بإجماع أهل الإختصاص خسرت المعركة قبل الشروع في عملية الإنتخاب، لأن الفضيحة التي نشرتها صفيحة " صانداي تايمز " البريطانية في شهر أكتوبر المنصرم، و المتمثلة في تورط عضوين من الفيفا في قضية طلب رشوة للتصويت لصالح ملف بلد معين كانت كافية لإماطة اللثام عن كواليس عملية الإستفتاء، كما أنها دفعت بلجنة أخلاقيات الرياضة على مستوى أعلى هيئة كروية عالمية لإجراء سلسلة من التحقيقات الميدانية المعمقة، و التي أفضت إلى تسليط عقوبة الإقصاء من الساحة الرياضية لمدة تتراوح ما بين السنة و ال 4 ت سنوات في حق ستة أعضاء من القائمة المعنية بعملية التصويت، و أغلب المعاقبين من قارة إفريقيا، مادام أحدهم من نيجيريا، و آخر من تونس، و الثالث من مالي، قبل أن تخصص قناة " بي بي سي " إحدى حصصها للتهجم على رئيس الإتحاد الإفريقي لكرة القدم الكاميروني عيسى حياتو، و إتهامه بالضلوع في فضيحة فساد و طلب رشوة، و هي قضية تعود خيوطها إلى نحو 16 سنة، في " سيناريو " كشف النوايا المبيتة للإعلام الإنجليزي في لعب ورقة ضغط لإبعاد الأعضاء الممثلين للقارة الإفريقية في عملية التصويت، و كأنهم يعارضون فكرة تنظيم إنجلترا للمونديال، رغم أن التنافس على شرف تنظيم نسخة 2018 من العرس العالمي كان بطابع أوروبي خالص، بين أربعة ملفات، الأول مشترك بين البرتغال و إسبانيا، و الآخر مشترك بين بلجيكا و هولندا، بينما كانت روسيا قد تقدمت بطلب منفصل، حالها في ذلك حال إنجلترا. الخيبة الإنجليزية جعلت من " بلاطوهات " القنوات التلفزيونية فضاء لتبرير الفشل في إقناع مسؤولي الفيفا بقدرة المملكة البريطانية على إستضافة الحدث الكروي العالمي، رغم أن لندن على قدم و ساق لإحتضان الأولمبياد المقرر بعد نحو حولين، فكان الإجماع على أن المعركة الإعلامية الشرسة التي شنتها بعض وسائل الإعلام الثقيلة، سواء منها المكتوبة أو المرئية كانت السبب المباشر في تغيير المواقف و حرمان إنجلترا من حلم تنظيم أكبر تظاهرة كروية عالمية، لأن القناعة التي ظلت راسخة في أذهان كل إنجليزي تكمن في أن الملف الذي قدمته لجنة الدفاع عن إنجلترا عند عرضه أمام أعضاء المكتب التنفيذي للفيفا كان أقوى بكثير من محتوى ملف روسيا، و مع ذلك فإن قرار الإتحاد الدولي كان بمنح الأفضلية لروسيا بعد عملية تصويت سارت بخلفيات الماضي القريب، و لم يكن معيار الكفاءة كافيا لإختيار البلد الذي سيستضيف الحدث الكروي العالمي. بالموازاة مع ذلك فقد كان الموعد تاريخيا بالنسبة للأمة العربية، لأن الشيخة موزة زوجة أمير قطر نجحت في تقديم عرض شامل عن الملف الذي أعدته دولة قطر أملا في الظفر بشرف تنظيم المونديال، حيث كسرت الشيخة كل الطابوهات، و ظهرت أمام كبريات الشاشات العالمية بمظهر تقليدي يتماشى و عادات و تقاليد العرب، و لو أن الملف القطري كان يحظى بدعم شخصيات كروية بارزة على الصعيد العالم من أمثال النجوم زيدان، فيرغيسون ، غوارديولا، و حتى ممثلي العديد من البلدان، فكان العرض الذي تم تقديمه أم أعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا أكبر بكثير من الحملة الإعلامية التي قامت بها العديد من القنوات العربية لدعم الملف العربي الوحيد، كما أن " الشيخة موزة " لم تظهر بهندام الأميرة، و إستغلت المناسبة للكشف عن عادات و تقاليد المرأة العربية فوقفت بمقر الفيفا بعباءة تقليدية كانت فال خير على العرب الذين كانت فرحتهم كبيرة بعد الإعلان عن قرار ظفر قطر بشرف تنظيم العرس الكروي العالمي.