انتعشت في الآونة الأخيرة تجارة الألبسة الشتوية التقليدية على غرار القشابية والبرنوس الصوفية والوبرية بل والمنتجة من بعض أنواع القماش كالملف على سبيل الذكر. ويلاحظ ميدانيا هذه العودة لمستعملي الألبسة الشتوية من خلال تحول محاور الطرقات الوطنية التي تربط المسيلة بعديد جهات الوطن كباتنة وسطيف وبرج بوعريريج شرقا وتيارت غربا والجلفة وبسكرة جنوبا والمدية والعاصمة شمالا الى مواقع يعرض بها عديد التجار أنواعا مختلفة من القشاشيب والبرانيس فضلا عن عرض البعض منهم لهذه الأخيرة في الأسواق الشعبية اليومية والأسبوعية. وحسب عينة من تجار القشاشيب فإنه لوحظ انتعاش الطلب على هذه السلعة منذ أزيد من خماسي من الزمن حيث يقبل الشباب على ارتداء القشابية خصوصا الصوفية منها كونها تتناسب مع المداخيل المالية الضعيفة والتي لايتعدى سعر الواحدة منها الألفي دج ما جعل غالبية التجار يعرضون القشاشيب الكتانية والصوفية أكثر من الوبرية التي لها زبائنها من ذوي رؤوس الأموال والمداخيل المرتفعة حتى أنها أصبحت راهنا الهدية المحبذ تقديمها لكبار المسؤولين. وتزامن انتعاش الطلب على القشابية والبرنوس مع عودة الناسجات من النساء اللواتي سحبن أدوات النسج من الزوايا ونفضن عنها الغيار وقمن بتركيبها للاستعمال في انتاج الألبسة التقليدية الشتوية. واستنادا الى معطيات ميدانية استقتها "النصر" من بعض الناسجات بمدن المسيلة والمعاضيد فإن الاشكالية التي تطرح حاليا بالنسبة لانتاج القشابية والبرنوس الصوفيين تتمثل في غياب المختصين في انتاج الخيوط التي تمر عبر عديد المراحل من بينها ذكر تحضير الصوف الأبيض أو الأسود وإزالة الشوائب العالقة فيه ثم تقوم البعض من المختصات في هذا الجانب بتحضير ما يسمى "بالبنيق" من خلال "القردشة" التي يقصد بها استعمال القرداش من خلال وضع الصوف بين كفه وحكه ليصبح ناعما لتقوم ذات النساء بغزله باستعمال آلة يدوية تسمى بالمغزل. وتشكو منتجات القشابية والبرنوس الصوفي والوبري على حد سواء من ارتفاع سعر الخيوط إذ تتعدى "الكبة" الواحدة منها ذات وزن لا يتعدى ال 100غ سعر المائتي دينار فضلا عن ارتفاع تكاليف الناسجات اللواتي يتم تأجيرهن للاسراع في الانتاج الذي يتم حسبهن خلال فصل الصيف لتكون القشابية والبرنوس جاهزين خلال فصل الشتاء. وحسب ذات النسوة الحرفيات فإن انتاج القشابية والبرنوس يتم عبر المرور بمرحلة الحياكة أي الخياطة الخاصة بالقشابية والبرنوس وهذه المهمة لا بد وأن يتولاها البعض من المختصين العارفين بشؤونها حيث يجلب هؤلاء خيوط الحرير من مختلف الألوان ويقومون بتشبيكها بطريقة جمالية ورائعة ليخيطوها بعد ذلك على أطراف جزء القماش الصوفي تاركين في بعض المناطق مدخلا يتوسط القشابية لاخراج اليد فيما يقوم البعض الآخر بوضع ثقبين على ناحيتي الشمال واليمين للقشابية ما يسمح لمستعملها ادخال يديه في جيب سرواله أو سترته. وفي خضم هذا الانتعاش لسوق الألبسة الصوفية التقليدية التي يقصد بها غالبا القشابية والبرنوس فإن حرفيي هذا المجال يتوقعون مستقبلا زاهرا لهذه الحرفة التي اندثرت خلال التسعينات قبل أن كانت تشغل فيما سبق ما لا يقل عن 4000 شخص أغلبهم نساء لدرجة أنهن انتظمن في تعاونيات سميت بتعاونيات الحرف والنسيج "كوداس" والتي أغلقت ابوابها نهاية التسعينات لأسباب اقتصادية بحتة.