سوق أهراس - ان الراغب في الغوص في أعماق تاريخ طاغست الثقافي والتاريخي والأثري ليس من وسعه سوى الولوج إلى حي "26 أبريل" بمدينة سوق أهراس والبحث عن السيد الشريف بن لعبيدي الذي تختصر اللافتة الموضوعة فوق باب مقره "كل المطلوب" تحت عبارة "سوق أهراس عبر التاريخ". وبداخل هذا المحل المتواضع الذي لا تتعدى مساحته نحو 20 مترا مربعا يمكن للزائر أن يقرأ ويستنطق فعلا تاريخ طاغست عبر العصور من خلال لوحات فنية وصور تاريخية تعبر بصدق عن عديد المحطات التاريخية بداية من الفترة الرومانية وما تمثله على غرار سانت أوغستن وظهور مدينة سوق أهراس سنة 1843 وهي المدينة الضاربة في أعماق التاريخ وذات التسمية البربرية. ويبرز أحد أركان هذا المحل الذي هو في حقيقة الأمر "كتابا مفتوحا" الجانب السياحي من خلال ما تتمتع به المنطقة من معالم أثرية بكل من مادور وخميسة وتاورة وتيفاش فضلا عن صور لحمامات معدنية ولمناظر خلابة. وفضلا عن ذلك وعلى الرغم من المساحة المتواضعة لهذه الزاوية يجد المتجول والراغب والمهتم بتاريخ المنطقة جميع المراحل المتعاقبة بها على غرار تسميتها الحالية سوق أهراس التي أخذتها عام 1886 بعد أن أطلق عليها هذا الاسم حاكم الجزائر العام. ووسط هذا المحل الورشة يقضي السيد الشريف البالغ من العمر 60 سنة جل أوقاته للرسم مفضلا عدم الاستغناء عن تغريدة طير بومزين الذي كثيرا ما تساعده على إنجاز لوحاته. ولا تخلو عروض هذا المحل "الأرشيفي" من تحف كثيرا ما يقتنيها زوار المدينة ولوحات في الرسم على القماش والنقش على الزجاج والصياغة التقليدية أبدع في تحضيرها هذا الفنان الذي كثيرا ما يقوم بتصوير فوتوغرافي لكل التظاهرات التي تقام بمختلف المناسبات عبر إقليم الولاية. وتظهر لك جليا وأنت بهذا الركن بروز صور لشيوخ التراث الشعبي على غرار الحاج بورقعة الذي كان له وزن مشهود لدى الجالية الجزائرية بالمهجر خاصة في فرنسا التي أحيا بها عديد الحفلات بكل من مرسيليا وغرونوبل ونيس فضلا عن الفنانة بقار حدة "حدة الخنشة" والمسرحي مصطفى كاتب والموسيقار الشهيد عبابسية البادي وصور أخرى لمجموعة من الفنانين التشكيليين بالمنطقة أمثال محمد بوثليجة وحسين غماري وصالح الجمل وإدريس حساينية. وخصص السيد الشريف كذلك جناحا متواضعا يبرز من خلاله عديد الوجوه الرياضية المحلية على غرار الملاكم صالح تابات بطل الجزائر سنة 1949 وبطل إفريقيا العام 1952 والرياضي في التنس الزين علالشة وهو رياضي دولي تحصل على عدة جوائز وميداليات دون أن ينسى حمة سكحال في رياضة سباق الدراجات ومحمود الكبلوتي. ويأمل السيد الشريف الذي يسعى جاهدا لحفظ وحماية الموروث التاريخي لسوق أهراس من الجهات المسؤولة وخاصة من مسؤولي القطاع الثقافي أن يسهموا بتخصيص فضاء لهذا الإرث بوسط المدينة ليكون بمثابة ورشة لتعليم الشباب مختلف فنيات الصناعة التقليدية والتصوير الفوتوغرافي والرسم على الزجاج والقماش "مما سيسهم بصورة فعالة في تكوين عديد الشباب" خاصة وأن سبق للفنان وأن تكون على يده شباب من ولايات مجاورة. وبمقابل ذلك دعا السيد الشريف إلى تكثيف التظاهرات الثقافية لإبراز الموروث الأثري الذي تزخر به الولاية من مواقع أثرية وسياحية ومأكولات شعبية لتمكين الزوار من التعرف عليها عن قرب.