الجزائر - أحدثت الإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة حركية حثيثة على المستويين السياسي و الاجتماعي جعلت سنة 2011 تتميز بفتح ورشات كبيرة تمخضت عن إدخال تعديلات على جملة من القوانين العضوية. و اختارت الجزائر تحقيق هذه الإرادة في تعميق المسار الديمقراطي في البلاد و تعزيز دعائم دولة الحق و القانون بكل سيادة بانخراط الأغلبية و مشاركة كافة القوى السياسية و الاجتماعية و إسهام الكفاءات الوطنية. و كان رئيس الجمهورية قد أكد في خطابه الأخير بمناسبة إفتتاح السنة القضائية 2011-2012 أنه ليس على الجزائر أن تعود إلى تجارب قامت بها منذ عقود و سنين ردا على الأصوات التي تعالت "هنا و هناك" تتساءل عن الإستثنائية الجزائرية وهل الجزائر من هذا المحيط أو من خارجه. و شدد في هذا الصدد على أن الشعب الجزائري "حريص على إستقلاله و سيادته و لا تملى عليه الأمور" مضيفا أنه "نال حريته غلابا و كفاحا و بتضحيات جسام". و لوضع الإصلاحات المعلن عنها في طريقها نحو التجسيد تم تنصيب هيئة المشاورات حول الإصلاحات السياسية في ماي الماضي و تم تعيين عبد القادر بن صالح ليتولى إدارة المشاورات مع الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية كما تم تنظيم عدة جلسات أهمها جلسات المجتمع المدني. وبخصوص مشاريع القوانين المندرجة في اطار الاصلاحات السياسية أكد رئيس الدولة أن هذه النصوص التي تم اعدادها على ضوء المشاورات مع الاحزاب و الشخصيات الوطنية و ممثلي المجتمع المدني من شأنها تعزيز الديمقراطية و توسيع مشاركة المواطنين و المواطنات في العمل السياسي. و منذ أن دعا الرئيس بوتفليقة البرلمان في أفريل المنصرم إلى إعادة صياغة مجموعة من النصوص التشريعية المتعلقة بالممارسة الديمقراطية انكبت المؤسسات المعنية على مراجعة حزمة من القوانين ضمن ورشة كبيرة لم تنته أشغالها بعد. و تمثلت القوانين التي أدخلت عليها تعديلات في كل من قانون الانتخابات وكذا ترقية المشاركة السياسية للمرأة في المجالس المنتخبة و حالات التنافي مع العهدة البرلمانية و قانون الأحزاب و الجمعيات و الإعلام الذي انتهى البرلمان مؤخرا من المصادقة عليها. وقد أثارت مشاريع القوانين المتعلقة بالإصلاحات السياسية نقاشا مستفيضا. ففي الوقت الذي ثمن فيه حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي (اللذان يشكلان الأغلبية في البرلمان) هذه القوانين واعتبراها "مكسبا كبيرا" و"قفزة نوعية" في مجال الممارسة الديمقراطية بالجزائر اعتبرت تشكيلات سياسية اخرى كحركة مجتمع السلم وحزب العمال بأن هذه النصوص "أفرغت من محتواها" مطالبة بقراءة ثانية لها. أما على الصعيد الدولي فقد كان للاصلاحات السياسية التي تمت مباشرتها في الجزائر صدى ايجابيا حيث انها تمثل مرحلة جديدة على طريق تكريس الممارسة الديمقراطية. فمن ناحيته اعتبر المقرر الخاص للامم المتحدة حول ترقية و حماية الحق في حرية الرأي و التعبير فرانك لا رو أن العزم على مراجعة الدستور "مؤشر ايجابي" مرحبا بالاصلاحات السياسية باعتبار انها تستجيب لانشغالات الطبقة السياسية وتطلعات المواطنين. و من جهتها أكدت الولاياتالمتحدة على لسان عدد من ديبلوماسيها أن الاصلاحات التي اعلن عنها الرئيس بوتفليقة تمثل خطوة هامة إلى الأمام بالنسبة للجزائر و لشعبها بينما أشادت بريطانيا على لسان وزير خارجيتها ويليام هايغ بهذه الإصلاحات التي وصفتها "بالهامة للغاية" مؤكدة التزامها بالعمل "بشكل إيجابي" مع السلطات الجزائرية. أما وزير الداخلية الفرنسي كلود غيون الذي زار مؤخرا الجزائر فأعرب من ناحيته عن ارتياحه لعديد المبادرات التي تم اتخاذها باشراف من الرئيس بوتفليقة من اجل تعزيز الممارسة الديمقراطية في الجزائر واصفا ذلك ب"الأمر المشجع". و من ناحيته حيا المحافظ الاوروبي المكلف بالتوسيع و سياسة الجوار ستيفان فول هذه الإصلاحات باسم الاتحاد الأوروبي باعتبار أنها تستجيب لتطلعات الشعب. وعلى غرار السنة المنتهية ينتظر أن تكون 2012 ايضا سنة ملأى على الصعيد السياسي بالنظر للاستحقاقات الهامة المرتقبة التي تبشر بآفاق تسودها ديمقراطية تجمع كل العناصر الضرورية كما أكده الرئيس بوتفليقة بمناسبة إشرافه على افتتاح السنة القضائية.