''لا تقارنونا ببريطانيا ولا حتى فرنسا لأننا متربصون في الديمقراطية'' ''إذا كانت الديمقراطية تعني الأحزاب الصغيرة فلتثبت جدارتها'' انتقد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ''أشخاصا وجمعيات تتعالى أصواتهم كلما تناقص وزنهم في الساحة السياسية''، داعيا الجزائريين إلى ''إعادة المصداقية للأحزاب كأحزاب''. وأكد بوتفليقة بوضوح معارضته إنشاء أحزاب جديدة منذ وصوله إلى الحكم، عندما قال: ''إذا كانت الديمقراطية تعني الأحزاب الصغيرة، فليكن ولتثبت جدارتها عن طريق الانتخابات''. افتتح الرئيس بوتفليقة، أمس رسميا، السنة القضائية الجديدة بالمحكمة العليا، في أعقاب خطاب دام 16 دقيقة كان الجزء المرتجل فيه أهم من الجزء المكتوب، من حيث قيمة الرسائل السياسية التي تضمنها. فقد رد بحدة على منتقدي الإصلاحات على أساس أنها لا تعكس إرادة في تجذير الديمقراطية، إذ قال: ''نحن في بداية الطريق بخصوص التجربة الديمقراطية، فلا يمكن مقارنتنا بما يجري في بريطانيا ولا حتى في فرنسا.. لقد سبقونا (إلى الديمقراطية) منذ قرون.. نحن متربصون ولا لوم علينا، ولمن ينتقدنا في الداخل والخارج نقول من الممكن أن هناك نقائص وعجزا وأشواطا لم نصل إليها بعد، ولكنها ستأتي بالتدرج وستأتي بما هو أحسن وبما يفرضه شعبنا''. وأضاف الرئيس في نفس الاتجاه: ''شعبنا لا يقبل إلا ما ينجزه هو شخصيا''. وفي رسالة صريحة إلى من يتساءل عن سبب استثناء الجزائر من عاصفة التغيير التي اجتاحت بلدانا عربية، قال بوتفليقة: ''أصوات تتساءل عن الاستثناء الجزائري.. فالجزائر تتأثر بما يجري حولها وتؤثر فيه، ولكن ليس على الجزائر أن تعود إلى تجارب قامت بها منذ سنين وعقود''. وأضاف: ''شعب الجزائر حريص على استقلاله وسيادته، فهو لا يقبل أن تملى عليه الأمور، وقد نال حريته غلابا وكفاحا وبتضحيات جسام.. هذا الاستقلال ما جئنا لنساوم به ولا يحق لنا المساومة به''. ويعتقد رئيس الجمهورية أن الجزائر ''تنفرد في خصوصيتها عن غيرها، نحن نستلهم من ظروف الغير ونكيّفها مع واقعنا وتقاليدنا السياسية''. ورد بوتفليقة بالمناسبة، على من يرى بأن التعددية الحزبية بالجزائر ليست مكرسة في الواقع، فيقول: ''لدينا تعددية. هناك أحزاب مؤثرة دون أحزاب أخرى، وإذا كانت الديمقراطية تعني تعدد الأحزاب الصغيرة، فلتكن الأحزاب الصغيرة ولتثبت جدارتها عبر الانتخابات''. وفي هذه النقطة بالتحديد، هاجم الرئيس أشخاصا وكيانات سياسية، دون تحديد من هم، عندما قال إن ''أصواتهم تتعالى كلما نقص وزنهم في الساحة''. مشيرا إلى أنه ''لا أتحدث باسم حزب وإنما باسم الشعب الجزائري، فالإصلاحات هي إصلاحات الشعب الجزائري''. وتناول خطاب الرئيس ضمنا، الانتقادات التي يوجهها رئيس حمس أبو جرة سلطاني للإصلاحات، إذ قال: ''قد تدخل الإصلاحات في رؤية حزب من الكتلة الحكومية، وقد لا تدخل''. وفي الجزء المكتوب من الخطاب، دافع بوتفليقة عن الإصلاحات بقوله إنها منتوج مشاورات أجريت مع الأحزاب والشخصيات وممثلي المجتمع المدني، ''تسنى لنا على ضوئها وضع مشاريع النصوص القانونية ذات الصلة بممارسة الحقوق المدنية وبالحياة السياسية، على نحو يعزز الديمقراطية ويوسّع مشاركة المواطنين والمواطنات في العمل السياسي''. وتعهد بوتفليقة بأن تفتح الانتخابات المرتقبة ''الباب على آفاق تسودها ديمقراطية متكاملة العناصر، تكون هي السبيل إلى إعادة بناء ثقة المواطن في الهيئات النيابية على اختلاف مستوياتها، وستضطلع المنظومة القضائية بدور هام في الوصول بهذا المسعى الإصلاحي الشامل إلى غايته المنشودة''. وأوضح بأن ''الجميع سيخضع لرقابة القضاء ويذعن لقراراته في كل ما له صلة بالاستحقاقات الوطنية، أو بممارسة حق من الحقوق السياسية، أو غيرها''. وأمر بوتفليقة الإدارة ب''تنفيذ ما يصدره القضاء من أحكام، فجميع الحقوق والحريات والسلطات والصلاحيات ستمارس في ظل احترام القانون وتحت رقابة القضاء''.