دمشق - تختلف نظرة المعارضة السورية في الداخل بشان حل الأزمة في البلاد على نظيرتها في الخارج ويميل طرحها إلى تبني الحلول السلمية المرحلية في اطار الاصلاحات الجارية في البلاد. ويتفق الفاعلون السياسيون في الداخل على أن بطء تجسيد الوعود المتمخضة عن مسار الحوار من شانه إطالة الأزمة وتعقيد الوضع. ويرى جميل قدري رئيس حزب الإرادة الشعبية (وحدة الشيوعيين سابقا) أن السلطة "تأخرت كثيرا" في بناء حوار مع المعارضة الوطنية. من جهته طوني دورا المعارض السوري المستقل يصف الأجرات المتخذة " غير كافية " لبلورة المطالب السياسية والاجتماعية إلى واقع ملموس وتكريس القطيعة مع ما قبل أحداث مارس 2011 . وتتفق قيادات الجبهة الشعبية للتغييروالتحرير أحد روافد معارضة الداخل والتي تضم جميل قدري وعلي حيدر (الحزب القومي الاجتماعي السوري ) وعادل النعيسي معتقل سابق (من بعث الستينات) على أن تعقيدات الوضع في سورية اليوم تحتم الشروع مباشرة في مصالحة وطنية تقودها حكومة وحدة وطنية تضم كل القوي الوطنية السياسية والمجتمعية ويكون من مهامها أيضا الإشراف على وضع النظام السياسي الجديد الذي يلبي مطالب الشارع في الانتقال السلمي إلى مجتمع مدني تعددي يقطع الطريق أمام الجماعات المسلحة وأمام محاولات استهداف سورية. وترفض معارضة الداخل بصفة عامة مطلب "إسقاط الرئيس" عبر العنف. ويصف طوني دورا أصحاب هذا المطلب ب" الغوغائيين" في حين يرى قدري جميل أن تغيير النظام يجب أن يتم ب "الطرق الديمقراطية السلمية". والمعارضة الوطنية حسب طرح أنصار الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير هي التي ترفض طروحات التدخل الاجنبي وتنبذ العنف وتعارض الفساد والاحادية الحزبية وتتقاطع في الرأي حول التغيير السلمي ومن ثم تلتقي مع هيئة التنسيق التي يرأسها حسين عبد العظيم في العديد من هذه النقاط. وترجع أطراف هذه المعارضة تباطؤ مسار الإصلاحات في سورية إلى عراقيل يضعها "متشددون" في السلطة يعولون على "الحل الأمني" وكذلك إلى" متطرفين" من الجانب الثاني يرفضون الحوار ويطالبون "بإسقاط النظام بالعنف". وهذا الطرح تؤيده أطراف سياسية موالية للسلطة نفسها مما يكشف عن وجود صراعات بين صقور وحمائم من هنا وهناك. ويعتبر جميل دورا وهو قس بالمطرانية المارونية (كاثوليك ) بدمشق القديمة أن الفاعلين السايسين والمجتمع المدني الرفضين لبقاء الشعب "رهينة" بين هؤلاء المتشددين ينبغي ان يدخلوا في حوار مع الحكم بشان احداث اصلاحات حقيقة توقف اراقة الدماء في البلاد. ويعترف عمران الزعبي من "حزب البعث" وعضو لجنة صياغة الدستور الجديد بوجود "متشددين" من هنا وهناك غير انه يرى ان حالة الارتباك التي تشهدها الساحة السياسية في سورية تعود بالأساس إلى تشتت المعارضة وضعف تمثيلها في الشارع وعدم امتلاكها لمشروع سياسي واضح. وحسبه فان سورية مقبلة على تغييرات كبيرة على صعيد البناء الديمقراطي. واعتبر أن مشروع الدستورالجديد الذي سيعرض على الرئيس السوري هذا الشهر يكرس التعددية الحزبية ويرسي نظاما انتخابيا تعدديا في كل المستويات مشددا على إرادة قيادة البلاد في الذهاب بالإصلاحات إلى الأخير — كما قال— رغم محاولات التصعيد من أطراف المعارضة التي ترفض الحوار منتقدا في هذا الصدد هيئة التنسيق الوطنية السورية لقوى التغيير الديمقراطي التي قال أنها ترفع شعارات "فضفاضة "يتفق معها الجميع و"لا تقترح اي حلول او تخلق اي تمايز". وتتبنى هيئة التنسيق التي ترفع شعارات (لا للعنف لا للطائفية لا للمضايقات الامنية) — ولم يستطع الوفد الاعلامي الجزائري اجراء لقاءات مع قياداتها — الحل السلمي للتغييرفي اطارالاصلاحات الدستورية ولها اتصلات مع المجلس الوطني السوري (معارضة الخارج) وتعتبر ان التدخل العربي في سورية ليس تدخلا اجنبيا. وتضم الهيئة عدة احزاب ذات توجه يساري واحزاب كردية إلى جانب شخصيات معارضة. وعلى صعيد الموقف من مسعى الجامعة العربية في سورية يجمع الناشطون السياسيون وبعض المصادرالمطلعة الذين التقى بهم وفد الصحافة الجزائرية على ابداء تحفظات من هذا المسعى غير انهم يرون ان تقريرالبعثة العربية إلى سورية اذا كان محايدا سيكون مهما في المساعدة على حل الازمة في البلاد. وبشأن استطلاع موقف رجال الدين السوريين من الوضع في البلاد لم يستطع الوفد الاعلامي اللقاء سوى بالبطريرك اغناطيوس هزيم الرابع رئيس كنيسة الروم الارثوذوكس الذي تكلم بتحفظ عن مسار الحوار وقال ان السلطة لم تحدثهم في هذا الامر. غير انه شدد على ان التعايش بين المسيحيين والمسلمين في سورية لا يمكن استغلاله كورقة لتاجيج الصراع الطائفي مثلما يجرى في دول اخرى. وهذا الموقف يخالفه القس طوني دورا المقرب من الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير و الذي يرى ان سورية على ابواب " فتنة طائفية".