بالرغم من اختلاف آرائها بين الاستمرارية و التغيير إلا أن مجمل الأحزاب التي دخلت سباق التشريعيات تجمع في تصورها على إقامة اقتصاد ليبرالي لكن يخضع لضبط الدولة. فحزب جبهة التحرير الوطني الذي يعد من بين المدافعين عن الاستمرارية باقتراح 16 عملية اقتصادية تندرج أغلبها ضمن محاور البرنامج الخماسي للاستثمار العمومي (2010-2014) فيركز على ضرورة التوصل إلى "توزيع عادل للثروات الوطنية و إلى سوق اكثر تفتح". وإذ يعتمد على القطاعات التي يعتبرها محورية و المتمثلة في الفلاحة و الصناعة و السياحة مع ايلاء أهمية خاصة للاستثمار بالجنوب الكبير و الهضاب العليا ينوي عميد الاحزاب السياسية في الجزائر "إنعاش" القطاع العمومي و منع تسريح العمال و تشجيع القطاع الخاص و خصه بنفس المعاملة التي يحضى بها القطاع العمومي. كما يدعو الحزب إلى تسهيل الاستفادة من القروض بالفوائد أو الميسرة خاصة لفائدة الشباب. كما يدعو التجمع الوطني الديمقراطي من جهته إلى الاستمرارية السياسية و الاقتصادية حيث يدعو إلى معاملة منصفة بين القطاعين العمومي و الخاص كون الأمر يتعلق بالمؤسسة الجزائرية و كذا مواصلة الجهود المبذولة في مجال الاستثمار العمومي دون العودة إلى الاقتصاد الموجه. ويدعو التجمع الوطني الديمقراطي إلى ضرورة استفادة المؤسسة الجزائرية من الطلبات العمومية و تجسيد الشراكة وفق مبدأ رابح-رابح مع المؤسسات الأجنبية طبقا لقاعدة 51-49 بالمائة مقترحا برنامج استثمار ب2.000 مليار (20 مليار أورو) سنويا. ويعتبر التجمع الوطني الديمقراطي أن التنمية الاقتصادية مرهونة "بمكافحة دون هوادة للوبيات الاقتصادية في الجزائر". أما تكتل الجزائر الخضراء الذي يضم ثلاثة أحزاب ذات التوجه الإسلامي (حركة مجتمع السلم-حركة النهضة-حركة الإصلاح) فمن بين الأحزاب التي تدعو إلى التغيير حيث يقترح إقامة "نمط اقتصادي جزائري" تحدد معالمه من قبل وزارة للاقتصاد. ويقوم نمط تكتل الجزائر الخضراء على "تحرير تام" للمبادرة الاقتصادية و تكامل بين القطاعين العام و الخاص مع ايلاء أهمية خاصة لقطاعات الفلاحة و الصناعات الغذائية و الصناعات الصيدلانية و التكنولوجيات الحديثة. وفي مجال المالية ينوي التكتل تكريس التعامل وفق المالية الإسلامية بإلغاء الأرباح على القروض الموجهة للشباب مع انشاء بنك وطني للتعاون ل"القروض الحسنة" و استغلال مداخيل الزكاة لامتصاص البطالة. كما ينوي تكتل الجزائر الخضراء بناء "فضاء مغاربي للشعوب" ليس على الرهانات السياسية و إنما يكون ذا بعد اقتصادي محض. أما جبهة القوى الإشتراكية التي تعد أقدم تشكيلة سياسية للمعارضة في الجزائر و تشارك في التشريعيات بعد غياب طويل فتدعو إلى تغيير في السياسة الاقتصادية الوطنية مع توجه أكثر ليبرالية. و يدعو الحزب حسب برنامجه الانتخابي إلى إعداد "ميثاق للمؤسسة" يهدف خاصة إلى رفع العراقيل التي تعيق الاستثمار الخاص في الجزائر تبقى الدولة من خلاله حاضرة في القطاعات الاستراتيجية مع إشراك المجتمع و الفاعلين الاقتصاديين في اتخاذ القرار و بالتالي تكوين "عنصر مساندة". كما ينوي الحزب العمل على وضع حد ل"التمييز بين المؤسسات العمومية و الخاصة" دون السماح بفتح جميع القطاعات على الاستثمار الخاص. و في المجال المالي تدعو جبهة القوى الاشتراكية إلى نشر تفاصيل تسيير احتياطي الصرف. وبخصوص حزب العمال المعروف بمعارضته لعمليات الخوصصة و الاقتصاد الحر و مساندته للقطاع العمومي فركز كل برنامجه الاقتصادي على بعث المؤسسة العمومية الجزائرية بغية "القضاء على آثار التعديل الهيكلي". وهكذا فإنه يشجع احتكار الدولة لوسائل الانتاج و تأميم مصادر الثروة الرئيسية بالبلد و فرض ضريبة على الثروة يتم إدرجها في الدستور المقبل. و يرى حزب العمال أنه "من غير المعقول أن تخضع أجور العمال إلى الضريبة في حين تبقى مداخيل أرباب العمل معفية من الضرائب الجبائية". ومن جهة أخرى يقترح حزب العمال الإدراج ضمن الدستور المقبل إلزامية اخضاع كل مشروع عقد أن اتفاق مع منظمات أجنبية من شأنها المساس بالسيادة الوطنية إلى استفتاء. و من جهتها تطمح الجبهة الوطنية الجزائرية إلى تشييد دولة اجتماعية و ديمقراطية بحيث شددت على أهمية "الاستثمار في العنصر البشري" لا سيما الشباب. كما يدعو الحزب إلى "إعادة تأسيس" أسس النظام الاقتصادي الجزائري و "إعادة توزيع عادلة للثروات الوطنية". و يركز برنامج الجبهة على إعادة الاعتبار للعدالة الاجتماعية و كذا العمل من أجل "اقتصاد قوي خارج مداخيل النفط و الغاز". ومن جهته يلح حزب الحرية و العدالة الذي يعد من بين 23 حزب الذين اعتمدوا مؤخرا على العدالة الاجتماعية و كذا تسيير اقتصادي شفاف من شأنه اعادة الثقة بين الحكام و المحكومين مع الفرض على المسؤولين تقديم تقارير حول تسييرهم. ومن بين العمليات الرئيسية التي يدعو إليها الحزب تنويع مصادر الدخل الوطني و تطوير اقتصاد منتج مولد للثروات من خلال اسهام رساميل عمومية-خاصة و الرفع من الانتاج الصناعي و الفلاحي و كذا ضمان التوازن بين مختلف ولايات البلد. ومن جهته، يرى اتحاد القوى الديمقراطية و الاجتماعية أن الجزائر بحاجة إلى "تغيير جذري يشمل تصورا جديدا لمفهوم التسيير" مؤكدا أن صيغة تسيير شؤون البلد يجب أن تقوم على العصرنة و تصور يتماشى مع انشغالات المواطنين. و في حالة فوزه بمقاعد في البرلمان يعتزم الحزب فرض مراقبة صارمة على سلسلة التسويق لأن الضبط يعني وضع حد للفوضى في السوق مع مكافحة "شرسة" للبزنسة و المضاربة". ومن جهتها، تؤيد الحركة الشعبية الجزائرية "الاقتصاد الحر و تفتح القطاع الخاص". ويريد الحزب ايلاء الأولوية للاقتصاد الوطني كألوية لمشاكل الشباب و تعزيز التمويل المصرفي في قطاع السكن مع ايلاء بالغ الاهتمام للقطاع الفلاحي المولد للثروة و النمو الاقتصادي. و فيما يتعلق بانضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة و اقامة منطقة للتبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي فباستثناء حزب العمال الذي يعارض هذا المسعى فإن بقية الأحزاب تفضل منح المؤسسات الجزائرية الوقت الكافي للتحضير لتفتح الاقتصاد الجزائري على الأسواق الإقليمية و الدولية. و يرى المحللون أن البرامج الانتخابية التي يتم عرضها منذ انطلاق الحملة الانتخابية في 15 أفريل الماضي لتشريعيات 10 ماي المقبل بمشاركة 44 حزب و تحالف (تكتل الجزائر الخضراء) و 183 قائمة حرة اكتفت بالتطرق إلى الخطوط العريضة دون تقيدم تفاصيل حول كيفية تطبيقها. (وأج) 58164/329 /014