تميزت أجواء الاحتفال بالذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية التي عمت يوم الخميس سائر ولايات جنوب البلاد بتنظيم تظاهرات كبيرة ومتنوعة صنعت البهجة في أوساط مواطني هذه الولايات. كما كانت هذه المناسبة الوطنية الكبيرة فرصة لتدشين العديد من المنشآت والمرافق ذات الطابع الإجتماعي والثقافي التي تأتي في سياق الجهود المتواصلة التي تبذلها الدولة من أجل توفير الرفاهية وتلبية احتياجات المواطنين في مختلف المجالات. و هكذا فقد شهدت مختلف مقابر الشهداء بولايات تندوف وبشار والنعامة والبيض و أدرارو الأغواط و غرداية و تمنراست و إيليزي والوادي وقفات ترحم على أرواح الشهداء الأبرار بحضور السلطات الولائية والمجاهدين وأبناء الشهداء وأفراد الكشافة الإسلامية الجزائرية وجموع غفيرة من المواطنين الذين حضروا مراسم رفع العلم الوطني على أنغام النشيد الوطني ووضع باقات الزهور بالنصب التذكارية و قراءة فاتحة الكتاب ترحما على أرواح الشهداء الطاهرة. وتم بنفس المناسبة بهذه الولايات تسمية العديد من المنشآت العمومية بأسماء المجاهدين والشهداء الذين سقطوا بمذبح الحرية من أجل أن تعيش الجزائر في كنف الحرية والكرامة . وقد شهدت هذه الولايات الليلة الماضية تنظيم أنشطة احتفالية متنوعة من بينها تنظيم استعراضات للكشافة الإسلامية الجزائرية وإطلاق الألعاب النارية والتي استذكر من خلالها مواطنو ولايات الجنوب مشاهدا من الفرحة العارمة التي عاشتها الشعب الجزائري في سنة 1962 . وفي هذا الاطار نظمت يوم الخميس قيادة الناحية العسكرية الرابعة بورقلة حفل تبادل التهاني بالنادي الجهوي للجيش الوطني الشعبي الذي أشرف عليه قائد الناحية العسكرية الرابعة اللواء عبد الرزاق شريف. وأقيم بالمناسبة معرض تاريخي تناول مشاهد خالدة من الكفاح العسكري الذي خاضه جيش التحرير الوطني إبان الثورة التحريرية المجيدة ومعرضا للكتاب التاريخي. وشهدت ولاية ورقلة تنظيم العديد من التظاهرات الإحتفالية التي شملت قرى ومدن الولاية والمتواصلة منذ عدة أيام والتي تميزت هذا الخميس بوضع حيز الخدمة لمركز التحكم عن بعد في شبكة الكهرباء بعاصمة الولاية وتدشين مركز عقاري لما بين البلديات ووضع حجر الأساس لمشروع مقر جديد لمحافظة الغابات إلى جانب تدشين مركز ترفيهي للشباب ومقر جديد للجزائرية للمياه بعاصمة الولاية . وتجري الإحتفالات المخلدة لهذه المناسبة الوطنية الكبيرة بولاية ورقلة منذ عدة أيام حيث تقام عديد المعارض التاريخية وأخرى في الفنون التشكيلية وأنشطة ثقافية وفكرية ورياضة مختلفة في مختلف مناطق الولاية والتي كانت مناسبة لاستذكار تضحيات الشهداء من أجل استرجاع السيادة الوطنية. كما أقيمت أيضا العديد من السهرات الفنية منها السهرة الفنية التي احتضنها الليلة الماضية مسرح الهواء الطلق الذي دشن بهذه المناسبة الغراء .وأحيت من جهتها ولاية غرداية هذا الحدث الوطني الكبير بتنظيم العديد من الأنشطة الثقافية والتاريخية بمساهمة جميع القطاعات المحلية حيث نظم معرض ضخم بديوان مؤسسات الشباب بعاصمة الولاية والذي استعرض مسيرة التنمية التي تحققت بالولاية من 1962 إلى 2012 . كما تم بمناسبة تخليد هذه الذكرى الوطنية أيضا تكريم عدد من المجاهدين وأرامل الشهداء وتذكر بعض المسؤولين الذين كانوا على رأس بعض القطاعات. وبولاية النعامة تم تكريم 20 مجاهدا وتدشين ملحقة الديوان الوطني لمحو الأمية ومركز الإعلام و التوجيه السياحي ووضع حجر الأساس لمشروع 450 سكنا عموميا إيجاريا و 50 سكنا ترقويا . كما تم تدشين مشروع إيصال المياه الصالحة للشرب لفائدة تجزئة السكن الريفي بالتجزئة الغربية لعاصمة الولاية فضلا عن إعطاء إشارة إنطلاق مشروع معهد التكوين الشبه طبي بطاقة 200 مقعد بيداغوجي . وجرى ببلدية صفيصيفة اطلاق أسماء أربعة شهداء على مرافق عمومية وتسمية الساحة العمومية لحي 540 سكن بالنعامة بإسم ساحة خمسينية الإستقلال وتدشين المكتبة الولائية. وقدمت محاضرات حول الذكرى إضافة إلى تكريم الناجحين الأوائل في شهادتي التعليم الابتدائي والمتوسط والمتفوقين في المسابقات الرياضية والموسم الرياضي الحالي إلى جانب تقديم عرض مسرحي بدار الثقافة . ونفس الأجواء الاحتفالية لا زالت تعيشها ولاية الأغواط التي تشهد تنظيم العديد من الأنشطة المتنوعة بمشاركة آلاف الشباب من مختلف الجمعيات والأندية الرياضية والفرق الفلكلورية. من بين التظاهرات الإحتفالية تنظيم استعراض قافلة من الشاحنات مزينة بشتى الألوان والتي تحمل نماذج لما تزخر به ولاية الأغواط من عادات وتقاليد وموروث شعبي ومناظر طبيعية ساحرة. حملت هذه القافلة شعارات من بينها " نحن جيل الإستقلال ... نحن أبناء الجزائر " وصورا ومجسمات تعكس جزءا مما تعرض له الشعب الجزائري من تعذيب وتنكيل على أيدي الإستعمار الفرنسي. وشكلت عروض الفانتازيا المتميزة بالألبسة الأنيقة للخيالة ودوي طلقات البارود وما رافقها من عرض للنوق والجمال حيث "الباصور" المخصص لمكان العروس فوق الجمل يوم زفافها ذكر بعادات القدامى . وبدورها تفننت الفرق القادمة من بعض الولايات على غرار فرق " أولاد نايل " والقرقابو " و العيساوة " للجلفة وورقلة وتيارت على التوالي في إبراز تنوع الطبوع الجزائرية من خلال الأنغام والأهازيج التي تجاوب معها الحضور مطولا خصوصا الشباب. كما قدمت بدار الثقافة " التخي عبدالله بن كريو " ملحمة بعنوان " ملحمة الأغواط " لجمعية "درب الأصيل" سردت طيلة ساعتين من الزمن مراحل المقاومة الشعبية لولاية الأغواط وتاريخها الثوري الحافل بالبطولات. وجرى أيضا إطلاق إسمي الشهيدين " مرفوعة السماحي " و " مويسات أحمد " على مدرستي صغار الصم وصغار المكفوفين وتسمية كلا من المركز الطبي البيداغوجي والمكتبة البلدية باسم الشهيدين " شول عطاء الله " و " أحمد رزوق". وبدار الثقافة " التخي عبدالله بن كريو " توزيع كراسي متحركة على بعض المجاهدين وذوي الحقوق مع تكريم عدد من المنتسبين للأسرة الثورية بالولاية. وعاشت ولاية البيض من جهتها الإحتفالات المخلدة لخمسينية عيد الإستقلال باقامة العديد من الأنشطة المتنوعة منها تنظيم حفل تكريم عدد من معطوبي حرب التحرير و المتفوقين الأوائل في مختلف الشهادات التعليمية . كما تم بالمناسبة تسليم قرار ترميم "دار العسكري" الى مديرية المجاهدين المتواجدة وسط مدينة البيض والتي لها دلالة تاريخية هامة إبان حرب التحرير بغرض استغلالها لفائدة الذاكرة الوطنية . كما عاشت الولاية استعراضات مختلفة شاركت فيها البراعم الرياضية وفرق فلكلورية إضافة إلى عرض مجسمات تضمنت تاريخ الجزائر و أهم المشاريع الضخمة التي حققتها الجزائر غداة الإستقلال كالمطارات و السكك الحديدية و الطريق السيار شرق غرب.وشهدت بدورها ولاية أدرار إحتفالات بهيجة بمناسبة الذكرى الخمسين للاستقلال حيث نظمت سلسلة من الأنشطة منها مهرجان الحركات الجماعية الذي نشطه أزيد من 1.600 شاب بديوان المركب الرياضي والتي شدت أنظار سكان الولاية الذين توافدوا بجموع غفيرة لمتابعة العرض. و على مدى ساعتين و نصف قدم تلاميذ المدارس التربوية لأول مرة بأدرار عروضا إبداعية شيقة ضمن هذه الحركات الممزوجة بموسيقى حماسية مشكلين بذلك تحفا تدل على عظمة الذكرى .كما قدم أفراد من الجيش الوطني الشعبي و الدرك الوطني استعراضات عسكرية في مختلف الفنون القتالية. وتم بالمناسبة أيضا تكريم عدد من أفراد الأسرة الثورية والفائزين الأوائل في الامتحانات المدرسية و عدد من متقاعدي الأسلاك الأمنية. وتجدر الإشارة أن الإحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين للاستقلال الوطني كانت قد انطلقت في جل ولايات جنوب الوطن منذ أيام وذلك بتدشين العديد من المشاريع التنموية والتظاهرات الإحتفالية التي لا زالت متواصلة .