دعا نائب وزير الخزانة الأمريكي المكلف بمكافحة الإرهاب و الاستعلام المالي ديفيد كوهين إلى الضرورة الملحة لكسر "الحلقة المفرغة" لعمليات الاختطاف مقابل فدية معتبرا هذه الممارسة "أكبر خطر" في مجال تمويل الإرهاب. و في مداخلة تحت عنوان "عمليات الاختطاف مقابل فدية: تحد متنام لتمويل الإرهاب" استعرض كوهان رهانات هذه الآفة أمام مجموعة التفكير شاتام هاوس (لندن) في اطار جولة أجراها الأسبوع الماضي إلى أوروبا حيث التقى بعدة مسؤولين كبارفي فرنسا و ألمانيا و ايطاليا و المملكة المتحدة بهدف تطوير مقاربة موحدة إزاء هذا الشكل من تمويل الإرهاب. و حسب هذا المسؤول السامي الأمريكي إذا كان المجتمع الدولي قد حقق بالفعل نجاحات لمواجهة الأساليب التقليدية لتمويل الإرهاب و افشال قدرة القاعدة في تجميع الأموال فان "هذه المجموعات الناشطة في الساحل و اليمن تجني أموالا طائلة من وراء عمليات الاختطاف مقابل فدية". في هذا الصدد أشار إلى أنه في مالي تحديدا و لكن أيضا نسبيا في اليمن تعززت مجموعات القاعدة في المغرب الاسلامي و القاعدة في شبه الجزيرة العربية موضحا أنها تستمد قوتها من المال المحصل أساسا من خلال هذه الممارسة. و حذر قائلا أن "القاعدة في المغرب الإسلامي و القاعدة في شبه الجزيرة العربية قد جعلت من هذا المخطط وسيلة ناجحة لجني المال الذي أضحى اليوم أكبر تهديد لنا في مجال تمويل الإرهاب". و حسب الأرقام التي قدمها فان الحكومة الأمريكية ترى بأن التنظيمات الإرهابية قد حصلت حوالي 120 مليون دولار من خلال عمليات دفع الفدية خلال السنوات الثمانية الأخيرة. و حسبه فان "القاعدة في المغرب الاسلامي تعد على الأرجح فرع القاعدة الأكثر استفادة من عمليات الاختطاف مقابل الفدية حيث جنى عشرات ملايين الدولارات منذ 2008 و أموالا طائلة مقابل عمليات الاختطاف التي قام بها في 2012". و بعد أن لاحظ بقلق الارتفاع المستمر في المبالغ المشترطة في دفع الفدية أوضح المسؤول الأمريكي المكلف بمكافحة تمويل الإرهاب أن متوسط قيمة الفدية المدفوعة للقاعدة في المغرب الإسلامي انتقل من 5ر4 مليون دولار في 2010 إلى 4ر5 مليون دولار في 2011. و أكد يقول أنه "أضحى جليا أن القاعدة في المغرب الإسلامي تستعمل الأموال المحصلة من عمليات الإختطاف مقابل دفع الفدية قصد توسيع مجال نشاطها و تأثيرها". و بعد أن أشار إلى أن طلبات بعض فروع الإرهاب قد تجاوزت في بعض الأحيان دفع الفدية أكد أن فرعا من فروع القاعدة قد ذهب الي ابعد من ذلك وحاول اختلاس مدفوعات سنوية هامة المقدرة بملايين الأورو سنويا من مؤسسة يقع مقرها بأوروبا مقابل وعود بعدم استهداف مصالحها في افريقيا. و فيما يخص استخدام اموال الفدية أوضح كوهين انها تمكن الجماعات الإرهابية من تمويل مختلف النشاطات لاسيما "تجنيد اعضاء جدد" و دفع الاجور و تاسيس معسكرات للتدريب و اقتناء اسلحة و اجهزة اتصال و التحضير لاعتداءات و تكوين الاجيال المقبلة من الجماعات المتطرفة العنيفة". و بالنسبة لكوهين فان هناك "حلقة مفرغة حقيقية" قد تكونت حيث ان "كل فدية تدفع فانها تحفز لعمليات اختطاف أخرى تؤدي بدورها إلى المطالبة بفديات أخرى بحيث ان كل عملية تشجع على تدبير عملية أخرى". و انطلاقا من ذلك قال المسؤول الامريكي ان الوسيلة الافضل لكسر هذه الحلقة هو رفض دفع الفدية لانه اذا ما فشل المختطفون بصفة مباشرة في الحصول على ما يريدونه فانهم سيتخلون عن تلك الممارسة". و لتدعيم تحليله اشار إلى ان المختطفين يقومون عامة بالتمييز بين الحكومات التي تقبل بدفع الفديات و تلك التي ترفض مشيرا إلى ان تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي يستهدف اساسا الاوروبيين كون الحكومات الاوروبية تدفع الفديات المطلوبة. و انطلاقا من هذه المعطيات اقترح كوهين ثلاثة "خطوط دفاع" لمكافحة هذه الافة. و ذكر بهذا الصدد الوقاية من خلال اقتراح بان تقوم الحكومات و شركات التامين بنشر نصائح للمسافرين حول المناطق الخطرة لاسيما تلك التي تسجل عمليات اختطاف مقابل فدية. و عندما تفشل الوقاية قال ان الخط الثاني للدفاع يتمثل في تشجيع الحكومات على رفض القيام بتنازلات للإرهابيين مع متابعة الوضع و التفكير في اجراءات موازية مثل القيام بعمليات انقاذ لتحرير الرهائن بكل امن. و اعتبر يقول "علينا اقناع المختطفين بان امكانية دفع فدية تبقى ضعيفة و ان امكانية رد فعل قوية لأكيدة". و لكن في حالة اذا ما دفعت الحكومة فدية اقترح المسؤول وسيلة أخرى للدفاع و هي منع الرهائن من الاستفادة من التمويل المتحصل عليه من خلال اتباع مسار الاموال المدفوعة. و بعد الاعتراف بان مكافحة عمليات الاختطاف مقابل فدية يعد مجهودا "يبذل على المدى الطويل" أكد كوهين ان موافقة المجتمع الدولي و تطبيقه لسياسة رفض دفع الفدية أمر لا مناص منه لوضع حد لهذا التوجه الخطير.