استؤنفت يوم الاثنين بتونس جلسات الحوار الوطني بين مختلف الاحزاب التونسية في الوقت الذي علقت فيه حركة "نداء تونس" المعارضة مشاركتها في هذه الاجتماعات بينما أصرت المركزية النقابية وتشكيلات يسارية اخرى على عدم الانضمام أصلا الى حلقات هذا الحوار. ولقد انكبت الاحزاب الممثلة في المجلس التأسيسي والمشاركة في الحوار على مناقشة مشروع الدستور المرتقب لاسيما الفصل المتعلق بطبيعة النظام المستقبلي للبلاد وكذا تحديد طبيعة النظام السياسي المختلط الذي يمزج بين النظام البرلماني و النظام الرئاسي بما ذلك الصلاحيات المخولة لرئيس الدولة ورئيس الحكومة. وكانت جلسات الحوار السابقة قد تدارست موضوع الانتخابات ومسألة الفصل أو الجمع بين الانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية. ومعلوم ان فعاليات الحوار الوطني التونسي -التي اطلقها رئيس الدولة السيد المنصف المرزوقي والتي بدأت يوم الاثنين الفارط- ترمي إلى تجاوز الخلافات السياسية بين مختلف الأطراف بغية التوصل إلى توافق لتحديد موعد نهائي وثابت لتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية وصياغة قانون انتخابي لتنظيم العملية الانتخابية المزمع إجراؤها قبل نهاية العام الجاري. كما تهدف حلقات الحوار أيضا إلى حسم النقاط الخلافية بين مختلف الأطراف السياسية بشأن الدستور التونسي المطروح للصياغة النهائية منذ أشهر على أعضاء المجلس التأسيسي. وكان الرئيس التونسي السيد محمد المنصف المرزوقي قد اكد ان طول الفترة الإنتقالية "أصبح يشكل أكبر خطر" على الإستقرار بتونس داعيا الى "الإعداد" للانتخابات الحرة والشفافة والنزيهة التي يكون الغرض منها التنافس في تقديم الحلول والمقترحات والبرامج. وبين ان الحوار الوطني في تونس "لا يمكن أن يقتصر" على الأحزاب السياسية فقط بل يتطلب مشاركة مكونات المجتمع المدني بأكمله مبرزا دور المجلس التأسيسي في "بلورة " كل التوصيات والأفكار التي ستنبثق عن هذا الحوار. ويحضر فعاليات الحوار الوطني التونسي ممثلو عدة احزاب سياسية بما فيها احزاب الائتلاف الحزبي الحاكم في البلاد وهي حركة النهضة الاسلامية وحزب "المؤتمر" وحزب "التكتل" وذلك في غياب اقطاب سياسية اخرى على غرار "الجبهة الشعبية " وتحالف "المسار الديموقراطي الاجتماعي" وحزب "الوطنيين الديموقراطيين الموحد" في حين قررت حركة "نداء تونس" المعارضة تعليق مشاركتها في هذه الاجتماعات بسبب عدم انضمام الاتحاد العام التونسي للشغل. غياب المركزية النقابية وتشكيلات سياسية يسارية يؤثر على الحوار ولقد قرر الاتحاد العام التونسي للشغل عدم المشاركة في هذا الحوار في اعقاب اجتماعه مع عدد من القوى السياسية معتبرا ان السبب في ذلك يعود الى غياب عدد من الاحزاب مجددا الدعوة الى عقد "شوط ثاني" من الحوار في اقرب وقت بحضور كل التشكيلات السياسية ومكونات المجتمع المدني بهدف التوصل الى توافق وطني بشان اهم المواضيع الخلافية المطروحة أمام المرحلة الانتقالية التي تمر بها تونس. واعتبرت المركزية النقابية ان هذا الحوار هو بمثابة "نوايا لإفشال" مبادرة الإتحاد العام التونسي للشغل للحوار التي أطلقها في 16 أكتوبر من الماضي والتي شاركت فيها غالبية الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني باستثناء حركة النهضة الإسلامية وحزب "المؤتمر" الشريكان في الائتلاف الحزبي الحاكم في البلاد. كما رفضت "الجبهة الشعبية" اليسارية التي تضم عدة احزاب المشاركة في هذه الجلسات باعتبار ان الحوار "لا يستجيب للشروط الدنيا لمعالجة الاوضاع الراهنة التى تتسم بأزمات على جميع المستويات" واصفة هذا الحوار ب "الشكلي الذي جاء في اطار حملة انتخابية سابقة لأوانها". أما تحالف "المسار الديمقراطي الإجتماعي" اليساري فقد فسر غيابه ب "أن الإكثار" من مبادرات الحوار قد يؤدي إلى "تشتت الجهود وإفقادها لكل نجاعة" مؤكدا على "ضرورة اشراك أوسع" للقوى السياسية والأطراف الاجتماعية والمدنية وذلك من خلال تفعيل المبادرة الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل الرامية الى التوصل إلى "توافقات وطنية حول مختلف المسائل العالقة وتوفير الظروف الملائمة لتنظيم انتخابات ديمقراطية شفافة ونزيهة".